الأربعاء، 4 أغسطس 2021

رسالة من سباعيي الصحراء الى سباعيي الحوز

 مقتطف من كتاب المعسول للمختار السوسي:

"هذه هي الرسالة التي أجاب بها القائد بلعيد بقلم محمد بن علي السباعي علماء السباعيين من ) الصحراء ) كتبوا إلى القائد يعاتبونه على ما وقع منه للقبيله من الحيف . وذلك في سنة 1292هـ . ونصها :  

--------

)  من عبد الله بن بلعيد السباعي . الوالي في الحال . كان الله له يوم الفزع وهداه إلى أكرم المساعي . إلى النقاريس العظام . المراغيس الكرام ) 1 ) جهابذة الفنون . العالمين بالنصوص والفصوص والمتون . السيد مبارك بن الخرشي العزيزي وسيدي عبد العزيز بن عبد القدوس . وكافة الإخوان من الفقهاء والأعيان بـ ) الصحراء ) الشاسعة . والبيداء الواسعة . غفر الله ذنوبكم . وستر عيوبكم . ومحا حوبكم ) 2 ) وأرشدنا وأياكم . وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . سلام السنة والمحبة . طيب النفحة والهبة . عن خير مولانا المنصور الأسد الهصور . دامت سعادته . وتوالت مجادته ، وطالت سيادته ) وبعد ) فقد وصلنا كتابكم العزيز . واتصل بنا خطابكم الوجيز . كأنما خط بخالص النضار وصافي الإبريز . فملأتم بالحكمة الآذان . وصقلتم بحسن طلاوة ولذيذ الحلاوة القلب والأذهان . وأيقظتمونا لما عسى أن نكون أغفلناه من الحقوق . وأرشدتمونا لحسن السيرة وسواء الطريق . وعلمنا ما أوردتم على ذلك من الآي وكلام الحكماء من العرب . وعلمنا أنكم إنما قبلتم عذرنا على لسان سيدي مولاي محمد بن المحرم الذي اعتذر لكم عنا عما جرى لإخواننا ) أولاد أبي السباع ) اعلموا رحمكم الله . وبارك فيكم . أنكم عقلاء ، وأعيان الكبراء . لا يكاد يخفاكم حال إخوانكم وإخواننا منذ كانوا . ولو استقاموا مع ما قبلنا سواء أحسن السيرة فيهم أم أساء . لقيل أن الاعوجاج واتباع الهوى واقع منا . فيتجه العتاب نحونا . ولكنهم ما استقاموا قبل مع وال . ولا أقاموا معه على حال . كما تعلمون ذلك . وما ذاك إلا لكثرة أوباشهم . وكثرة أخلاطهم ، فيلجؤون إلى سواء السيرة . ولو اجتهدت كل الاجتهاد . فالله يهدي . وقد ابتلينا بهم

 [ 270 : 15 ]  

فكلما أحسنت إلى الواحد منهم أساء إليك . ووقتما أدنيته منك تباعد عنك . مع ما يرتكبه صعاليكهم كثيرا من الخسائس المؤدية إلى تخليص الحقوق منهم . وإقامة القصاص عليهم . مثل السرقة والتلصص والحرابة . وشق العصى . والخروج عن الطاعة . مما لا يمكن الإعراض عنه بحال . وإلا أدى إلى ما هو أعظم في الحال والاستقبال إلى غير ذلك . مما علمتموه منهم بالتواتر القاطع . ولا يكاد يتفوه منهم هنالك بما لا يناسب إلا من كان أوعد من جمله هذا  

الجيل . وأما نحن فوالله لا نكره من يسير معنا سير الإخوة . فأخوك هو الذي يواتيك . وبالنفع والسلامة يأتيك . وإلا فإنه أعدى الأعادي . ومع هذا فإننا صابرون على إيذائهم . ونغتفر زلاتهم . ونقبل عثراتهم . ونقبل من المحسن والمسيء ونتجاوز عن سيئاتهم . فما قابلنا سيئة بسيئة قط . بدلي لأنهم قاموا علينا بغي به السلطان نصره الله . وحشدوا جموع البربر وقبائلهم . وأتوا بها لدارنا . إلى الشرذمة التي بها من إخواننا ، وقاتلوا فيها حتى فعل الله ما فعل . ولله الحمد . وما أسمعنا منهم واحدا كلمة سوء . فضلا عن فعلته الآن . والله ما سجنا غير رجلين لم يوسع الشرع تسريحهما . وما زلنا إلى اليوم نستخلص من السلطان المساجين المقبوضين على يديه . على حسب الإمكان . وما كنا رضينا مذلة من دونهم من الأتراب والأقران . فأبوا إلا اتجاه ذلهم وصغاريهم وقلهم . ومتى نهيتهم أنفوا منا . وتباعدوا وانحرفوا عنا . وعاقدوا خلاف شنشنة الأحرار . والحر يرى المنية دون الدنية . ويموت كريما . ولا يعيش لئيما . و على كل فقد قبلنا خطابكم الممزوج بحلو الخطاب . كأنه فتات المسك والرضاب . وقبلته . و على السحر والنحر وضعته . فالإخوان ، إنما هم أعوان . والصبر على أودهم . خير من عوزهم . وانفك منك و إن كان أجذم ) 1 ) ويدك منك وإن كانت جذماء فلابد لنا من احتمال أذاهم . والصبر على اعوجاجهم . والثواب بقدر التعب /44 وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ /44 ، /44 وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ /44 وقال عليه السلام في الواقعة المعلومة : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون .  

ومن إذا ريب الزمان صدعك *** شتت فيه شمله ليجمعك  

وطالما وطأت لهم الكنف . وخفضت لهم جناح الذل . ليرجعوا عن الإصرار . وينزعوا عن طريق السوء والقفار . وما يزدادون إلا إباية والعياذ بالله . فالحر إن أحسنت إليه ملكته ) وقيل ما هم ) فقد قيل : ) ومن لك بالحر الذي يحفظ اليدا ) وما يسرهم إلا شماتة الأعادي والحساد . التي هي إنكاء للمرائر من العباد .  

كل المصائب قد تمر على الفتى *** فتهون غير شماتة الحساد  

ألا فأشهدكم كبيرا وصغيرا . وأشهد الله وملائكته أني سامحت جميع إخواني كبيرهم وصغيرهم . بحسنهم وسيئهم . وأقبل عذر من اعتذر إلى منهم والله . وأستحلهم مما عسى أن يكون فرط مني مما تؤثره البشرية . والغريزية الداعية . وإن مد الله في عمر أحد منكم . ولفظته الأقدار . إلى هذه الأقطار . فسيرى منا ومنهم خلاف ما كان يسمع عنا . وليس راء كمن سمع . وأنتم بارك الله لنا فيكم . وقوى ظهورنا بكم . علمنا أن ما حملكم على الكتاب المشحون بالنصيحة . الفصيحة الصحيحة . والوصية المليحة . إلا الشفقة علينا وعلى قبيلتنا . والمحبة فينا وفيهم . والله يجازي على حسن النيات . وصدق الطويات . وما نكره أن نقيم الحجة بين أيديكم . على ما ليس فينا ممن يرد عليكم من هذه الأقطار والنواحي . ولربما كان ورد علينا بعض الفضلاء منكم . فسقط في يده ما كان ينقل إليه . ونعوذ بالله . وشتم أولياء النقله بين أيدينا . أقول هذا وأستغفر الله عن عمدي وخطأي . ونسياني وخطلي . هذا وإخوانكم ) أولاد أبي السباع ) المقيمون في البلد القائمون بطاعة الله ورسول الله والسلطان . ورد عليهم كتابكم . وطرق أسماعهم كتابكم وخطابكم . وردوا جوابكم بأحسن التحيات . وأفضل البركات . وسروا به كسرورهم بكم . حيث أنتم . لاعتنائكم بشأنهم . إذ ما يصدر مثل كلامكم هذا إلا من صدر مشفق حنين . والقلب السليم المكين . أدامكم الله ركنا متينا . وأبقاكم حصنا معينا حصينا . ويبارك لكم في المال والذرية والأعمار . ويرزقنا وإياكم اتباع السنة والسلامة من الأكدار . ويغفر لنا ولكم جميع الأوزار . ويسلم عليكم إخواننا وأبناؤنا . وخاصة دائرتنا . وجميع أعيان قبيلتكم ، ونسئلكم صالح الدعاء والسلام )  

--------

المعسول - المجلد 19 - الصفحة 365 - جامع الكتب الإسلامية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق