السبت، 4 مايو 2024

ارقام هو الاسكان

 الأصول 1498 الفروع 529

الغرباء 217

1495 منزل زائد202غادي تنطلق فشهر 3 المجموع ديال المنازل هو1697 منزل

عدد البقع 1018بقعة إحصاء وزارة الإسكان والعاملة

الجمعة، 3 مايو 2024

الجلة

 




وقود زمان ================بائعة أقراص الجلة في القاهرة حوالي عام 1863 .

و الجلة هي الوقود المستخدم في معظم منازل القاهرة آنذاك و كانت النساء تقمن بصنعها في البيوت من روث البهائم بينما يسترزق بعض الباعة من بيع أقراص الجلة لأصحاب المقاهي .

الجلة الروث


 سبحان الله ! هذه الأجوبة العديدة من أجل تعريف ( الجُـــــــــــلّة ) أكرمكم الله ، الجلة هي في الحقيقة : البعر والروث وللزيادة في التوضيح أقول :هي أقراص شبه دائرية يتم صنعها من روث الحيوانات (كالأغنام والأبقار و...) ومن ثم يتم تجفيفها تحت أشعة الشمس وتخزينها، ويتم الإستفادة منها في إشعال النار للتدفئة أو طهي الطعام في المواقد والتنور كبديل عن الأخشاب أو الوقود.

القطيب السبنية

 


الخميس، 25 أبريل 2024

البهجة 1930


 

العرب بنو سليم


 الغرب لا يعترف إلا بالقوي الأمين.

قال نابليون فى مذكراته عن قبائل بنو سليم في الحمله الفرنسيه علي مصر..


(اولاد علي .لجميعات . القطعان .الهنادي. بني عون. بهيج. والمرابطين  وغيرهم )


 { مابين السماء والكثبان الرملية عند مطلع الفجر كانت تتراءى لنا ظلال نحيفة هى ظلال نفر من البدو يمتطون جيادهم ويحملون المزاريق وسرعان ماتجمع منهم 400 فارس وأخذوا يعبرون بخيولهم مابين ثغرات الجيش الفرنسى وهم يصرخون صرخات تجمد الدم فى عروقنا ولم يكن يعودوا بأيدى خاوية من آسرانا } ثم كتب نابليون إلى حكومة اﻹدارة الفرنسية { أن المظهر الذكورى لرجال البدو له وقع على رجالنا تختلف عن فكرتنا عنهم ، أمة باسلة ، هادئة ، معتزة بنفسها ، إن فى هؤلاء الرجال رباطة جأش مدهشة فلا شئ يهزهم ، وليس الموت عندهم أكثر من رحلة عبر المحيط عند الرجل اﻹنجليزى ، أما طلعتهم فمهيبة ، ووجوهنا نحن رجال أوروبا وملامحمنا إذا قيست بوجوههم وملامحهم ، بدونا كاﻷطفال بالنسبة لهم حتى ملابسهم يخيل لك ﻷول وهلة عديمة الشكل ولكن بعد التأمل جيدا أدركت أنها أكثر مهابة من زينا يلبسون طربوش أحمر وعمامة عدة طيات وقفاطين ويطلقون لحاهم فتطول وتضفى عليهم مهابة وجلالا🌿

الثلاثاء، 23 أبريل 2024

موكادور والشاي


 

#بلاغ_صحفي

  .الدورة الخامسة لملتقى الشاي لثقافات العالم، تحت شعار "موكادور والشاي: التاريخ والمسار ... من 24  إلى 26 ماي 2024" بقصر المؤتمرات بالعيون، بحيث سيعرف هذا النشاط الثقافي تكريم بعض الأسماء الوازنة على المستوى الوطني والدولي بالإضافة إلى شخصيات أخرى تنتمي لعالم الثقافة والفكر ... كما سيتخلل برنامج هاته الدورة ندوات فكرية، وأنشطة موازية ... للتذكير بأحد الحقب المهمة في التاريخ الإنساني العالمي عامة والمغربي الإفريقي خاصة عبر إبراز المكانة الهامة "لميناء موكادور في تجارة الشاي خلال القرن18  " .

الجمعة، 19 أبريل 2024

على رخصة البناء فوق أرض سلالية


 هذه هي الوثائق المطلوبة من طرف قيادة سيدي المختار من أجل الحصول على شهادة إدارية  لإستعمالها من أجل الحصول على رخصة البناء فوق أرض سلالية  ...

الأربعاء، 17 أبريل 2024

1779 الدار البيضاء


 خريطة المغرب تضم كل من جزء من تلمسان وصحراء التوات الكبرى قبل الاستعمار الفرنسي ،مصدر  الخريطة هو القنصل الدنماركي Georg høstسنة 1779م.

الخميس، 11 أبريل 2024

تقرير حول تجارة الصمغ العربي كتبه الجنرال الفرنسي فيديرب سنة 1853

 الصفحة الأساسية > الأخبار > تقرير حول تجارة الصمغ العربي كتبه الجنرال الفرنسي فيديرب سنة 1853


تقرير حول تجارة الصمغ العربي كتبه الجنرال الفرنسي فيديرب سنة 1853


ترجمة وتعليق سيدي أحمد ولد الأمير


ملامح مدينة اندر (العناوين الداخلية من وضع المترجم)


لو انطلقت من مرفأ الطرفاية وسرت جنوبا على شاطئ الأطلسي فإنك ستحاذي صحراءَ مديدةً طولها ثلاثمائة مرحلة، لها شاطئ رملي قاحل، ولن يصادفك في الغالب سوى قاعٍ صفصفٍ وجو حار وأفق تعلوه حمرة العواصف الرملية، إلى أن تصل إلى مستوى شمال خط العرض 15 فإنك وبدون مقدمات ستجد نفسك أمام مدينة سينلوي الفرنسية (انْدَرْ)، مدينة سيَّجتها غابات الصواري وزينتها المباني البيضاء ذات الأروقة، ولا تخلو عيناك من صروح مشيدة خاصة بالإدارة علتْها الفخامة وزانتها الأناقة. وستلاحظ مئات الأخصاص الزنجية وكأنها خلايا نحل تكسرت حولها ألسنة الموج فاستحالت على طول الشاطئ زبدا جفاءً. كما سترى هناك قواربَ بخارية تقطع النهر في كل اتجاه، وقوافلَ جاءت من البدو، وزوارقَ صيد، وأسرابا من طير البَجَع لا تلبث أن تحلق مساءً في سماءٍ لا غيومَ بها، فتعطِي لهذه اللوحة حركية ومعنى خياليا جذابا.


وخارجا عن هذا، ورغم أن مدينة انْدَرْ تبدو ممتدة على الشاطئ الأطلسي فإن محاذاتها لهذا الشاطئ لا تتجاوز الخمسمائة متر، لكنها مع ذلك مبنية في جزيرة من جزر نهر السنغال وعلى بعد خمس مراحل من مصب النهر في البحر. يسمى الحاجز بين انْدَرْ والمحيط "رأس البربرية" (La pointe de Barbarie)، الذي يشكل مرتفعا رمليا يعلو عن مستوى المحيط ولا يتجاوز عرضة مئات الأمتار.


ولو استمر تجوالنا على هذا الشاطئ في عوالي مدينة انْدَرْ فسنرى مصبَّ نهر السنغال في الأطلسي، وهو أحد أطول الأنهار الإفريقية، إذ امتداده يبلغ أربعمائة مرحلة، ويكاد عرض هذا النهر يكون أربعة أضعاف عرض نهر السين بباريس.


في مدخل هذا النهر بالصحراء حاجزٌ رملي يحول دون الملاحة كثيرا، وقد أصبح نقاؤه مضرب الأمثال، وفي هذا المدخل المحاط بنوع من الغموض يعيش وبشكل نادر بعض التجار الأوروبيين، أو عدد قليل من الجنود والموظفين، المرغمين بحكم العمل في سلكهم المكلف بالدفاع على أن يقيموا هنالك سنوات يحسبونها قرونا. ومع هذا فإن هنالك أمورا كبيرة يمكن القيام بها هنا، فهذا الشاطئ القاحل والسهل المتصحر يسمحان لك بدخول قارة لم تكتشف بعد.


الصمغ العربي.. مدينة اندر أكثر المستفيدين منه


من مظاهر تفرد هذه المستعمرة ما فيها من أسواق لبيع الصمغ العربي أو المراسي التجارية التي تشكل عالما مثيرا في حد ذاته: ذلك أن بيظان الضفة اليمنى ينظمون مواسم سنوية لبيع ما يتم جنيه من من الصمغ، وهو مادة يفرزها شجر القتاد. على أن إفراز الصمغ العربي ليس سوى مظهر من مظاهر مرض شجر القتاد، فحصيلة الجني تكون كثيرة كلما كانت السنة أكثر جفافا، وكلما هبت رياح السموم على غابات القتاد، وهذا المناخ في حقيقة الأمر مدعاة لمرض الناس والأشجار.


من الغريب أنه -وحتى يومنا هذا- لا تعتبر تجارة الصمغ العربي تجارة حرة؛ فالتجار الأوروبيون لا يحصلون عليها إلا عن طريق وسطاء وسماسرة زنوجٍ أو خلاسيين أحيانا؛ بحيث يذهب هؤلاء السماسرة والخلاسيين إلى مواسم بيع الصمغ العربي السنوية في مراس ثلاثة معروفة على طول نهر السنغال. وهذه المواسم أو المراسي الثلاثة هي: مرسى الترارزة المعروف بمرسى الصحراء (يقع مرسى الترارزة "Escale des Trarzas" إلى الشرق من مرسى إدوالحاج "Escale des Darmacours" وتفصل ببينهما قرية دييك "Dieck" الموجودة الآن غرب مدينة روصو: المترجم)، ومرسى إدوالحاج، والثالث مرسى البراكنة بالدويرة (يوجد مرسى البراكنة بالدويرة وإلى الشرق منها يقع مرسى يسمى في الكتابات والخرائط الفرنسية القديمة باسم "Terrier Rouge" أي التربة الحمراء، وهو مرسى على ضفة النهر مشهور ويقع على بعد 50 كلم شرق الدويرة على الضفة اليمنى، وقد ظل تحت إشراف أمراء البراكنة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر: المترجم).


وفي كل سنة وعندما يعلن الوالي الفرنسي بالسنغال افتتاح موسم المراسي تصحو مدينة انْدَرْ من سباتها وتراخيها المعهودين وينشط زنوج وخلاسيو هذه المدينة، فتشد الصواري على السفن، ويحمل الوسطاء معهم قماش "النيلة" (قماش كحلي يستورد من جزر الهند الصينية ومن أهم مراكز صناعته مدينة بونديشيري الهندية: المترجم)، ويتخذ كل وسيط حراسه ثم يذهب إلى موسم بيع الصمغ. في ذلك اليوم الموعود قد يبلغ عدد السفن في المرسى مائتين، وهي سفن من كل نوع فيها الكبيرة وفيها الصغيرة، لكنها على العموم هياكل متقادمة ركبت بطرق غريبة، وهي غير مجهزة، وتحمل على متنها جزءا من ساكنة انْدَرْ. في هذه المواسم يترك العمال أعمالهم المعهودة ليكونوا حراسا، أما النساء فإنهن يطحن الذرة على ظهر السفن، أما أولئك النسوة اللاتي منعتهن مشاغلهن عن الذهاب وبقين بمدينة انْدَرْ فإنهن يغبطن من استطعن حضور الموسم. إن سكان انْدَرْ يعتبرون أشهر موسم بيع الصمغ العربي الثلاثة أشهر حرية وحراك وترخيص وكرم: ثلاثة أشهر لا يكون فيها أي التزام تجاه الأسرة، حيث يعيش الرجل وكأنه طفل يمرح ويلعب. وبالنسبة للجميع فهنالك أمل في أن الموسم فرصة للربح الكبير، غير أنه أمل خداع، حيث إن الموسم لا يخلو أحيانا من خسارة، خصوصا عندما يسود التنافس المحموم والمضاربات غير المحسوبة.


وفي الغالب يتحمل السمسار الذي أحضر بضائعه للمرسى لمقايضتها بغيرها هذه الخسائرَ، غير أنها لا تفسد أجواء الموسم المرحة.


توفر هذه المواسم التجارية لوحة من أكثر اللوحات تنوعا، فهي مزيج من البيض والزنوج والخلاسيين، وهناك الفرنسيون والعرب، وهناك الرجال والنساء والأطفال، وهناك خليط من الجمال والخيول والحمير والثيران الناقلة. هناك في هذه المراسي أهل الآفاق حيث يأتيها ساكنة الصحاري من أقصى الشمال بل من المغرب، حتى ليمكننا الجزم أنه لا يوجد سوق بهذا الحجم في إفريقيا كلها.


موريتانيون وغيرهم.. من كل فج عميق


تأتي قبائل الزوايا وآزناگه والترارزة والبراكنة حاملة الصمغ في أوعية من جلود البقر. أما الترارزة والبراكنة الأكثر توغلا نحو الشمال وكذلك جيرانهم من منطقة آدرار وأولاد ادليم فإن هؤلاء يعرضون الخيول والسجاد والإبل والأكسية والأغطية الضافية من الشعَر والتي يشبه قماشها قماشَ البرانس المنسوجة في الجزائر، سوى أن الشعَر الذي يشكل مادة هذه البرانس والأغطية، أشبه بشعَر الماعز منه بشعر الخراف، وذلك بسبب أنها حيوانات تعيش في خط عرض أبعد جنوبا، ولا يخفى أن خراف السنغال ليس لها صوف بل شعر.


أما البلاد المسماة تيرس، والواقعة شمال شرق آدرار، والتي تقطنها قبال إديقب وأولاد بالسباع وأهل الحاج المختار وأهل بارك الله وأهل أشفغ أحمد فتأتي منها إبل الساحل الشهيرة.


وتجد رجالا من قبيلة العروسيين ومرابعهم في الأصل شمال خط العرض 26 وقد جاؤوا معهم ببضائع التل؛ إلا أن ساكنة آدرار وتيرس عموما يذهبون إلى قبائل العروسيين أو إلى وادي نون بحثا عن برانس الصوف، والأغطية السوداء أو البيضاء والحرير والأحذية والجِزَمِ المغربية والخناجر.


أما أولاد تيدرارين القاطنين قبالة جزر الكناري فيصطحبون معهم أكسية الصوف، كما يأتي إلى هذا الموسم أفراد من قبيلة الرگيبات قادمين من وادي نون.


أما تجار تيشيت، وهي مدينة كبيرة وفيها أغنياء وتقع غرب تينبكتو، فيأتون بالذهب الذي استجلبوه من بمبارة سيگو، كما يعرضون التمر والتنورات والدراريع السود المطرزة بالحرير، وقد تم استجلابها من سيگو ومن ولاتة ومن أروان فضلا عن بضائع أقل شأنا كالمسك والعنبر المزيف والدراريع وهي الزي التقليدي لزنوج انْدَرْ التي هي عبارة عن قمصان كبيرة لا أكمام لها تشبه الكندورة المعروفة بالجزائر.


أما تجار تگانت (وهي بلد غني وخصب ويقع على مسافة خمسة أو ستة أيام من بكلْ وحيث تعيش الساكنة حروبا مستمرة)، أي إيدوعيش وكنتة وإدوالحاج فإنهم يصطحبون معهم الصمغ المستجلب من بلاد أولاد امبارك كما يصطحبون معهم الخيول وتنورات بمبارة والتمور.


إن بلاد أولاد امبارك تقطنها قبائل تنواجيو والنوازير وديبسات... إلخ، وتسمى الحوض، وهي أرض منخفضة إلى الجنوب الشرقي من منطقة تگانت الأكثر ارتفاعا منها. ويبدو أن بلاد الحوض هي التي نطلق عليها في خرائطنا وفي كتاباتنا العبارة السخيفة "مملكة ولد أعمر"، فهذه التسمية غير معروفة في هذه البلاد وإنما ألصقناها بها نحن لأن إحدى القبائل التائهة بالحوض كان لها في حدود سنة 1700 شيخ يسمى اعلي ولد أعمر. إن مملكة كارطة البمبارية التي يجاروها شعب الگيفارات البمباري هو الآخر في حرب دائمة مع قبائل الحوض.


وقد نشاهد أحيانا في هذه المراسي رجلا جاء من توات أو آخر من المغرب أو من الطوارق أو البلاد المعروفة بأزواد والواقعة شمال تنبكتو.


يوميات الموسم.. مغانم ومغارم


لتسهيل عملية المقايضة فإن تجار انْدَرْ ووسطاءها التجاريين يقومون بإرساء سفنهم على الضفة ويبنون أخصاصا من التبن والتي سيحرقونها بطلقة نارية إيذانا بانتهاء الموسم، أما البيظان فإنهم يخيمون على مسافة كيلومتر من أخصاص التجار.


تلعب نساء البيظان دورا كبيرا في هذه المواسم، فهن لا يغادرن سطح السفن لا ليلا ولا نهارا طلبا للإكراميات إما باللجاجة أو غيرها من الطرق. ومما يحدث دائما أن فتيات البيظان الجميلات تحصلن وبسلاسة وسرعة على ما يطلبن أكثر من المسنات، وهذا ما يثير حسرة الأخيرات، فعجائز البيظان مثيرات للاشمئزاز فضلا عن أنهن عنيدات. في السنة الماضية وفي مرسى الدويرة طالبت والدة أمير البراكنة امحمد ولد سيدي، وهي عجوز متقلبة ومتجبرة ومتلفعة بخرق بالية، طالبت بإلحاح أحد التجار الزنوج من انْدَرْ، فما كان منه إلا أن طردها خارج خُصّه دون مراعاة للجناب الأميري. خرجت العجوز فاطمه عن طورها واشتكت التاجرَ إلى ابنها الأمير حيث كان طرده إياها إهانة لابنها الأمير حسب ما قالت. فأقسم الأمير يمينا لا رجعة فيها أنه سيقتل التاجر فور رؤيته له.


بعد غد كان التجار الانْدَريُّ يتمشى دون انتباه أمام المرسى، فاتخذه الأمير امحمد ولد سيدي هدفا ضاغطا على الزناد. لم تصب الرمية، مع أن البندقية لا عيب فيها، فسدد الأمير ثانية فأخطأ مرة أخرى (وكانت بندقيته من صنع إنجليزي)، ولم ينتبه التجار إلا عند المرة الثالثة حيث أنذره الشهود بأن الأمير يحاول قتله، فوجه وجهه نحو الأمير ليشاهد الخطر المحدق به. وفي أسرع من البرق جرى التاجر في اتجاه الأمير امحمد ولد سيدي مخرجا خنجره وواضعا إياه على رقبة الأمير قائلا: "أيها البائس، علي أن أقتلك كما يقتل الكلب لكني سأعفو عنك". وقد ظل الأمير خلال هذه اللحظات العصيبة يستشفع التاجر بالرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) أكثر من عشر مرات. بعد هذه الإذلال أعطى الأمير أوامره لأتباعه بترك المرسى وبإيقاف البيع.


إن البضائع التي يتم عرضها هي: قماش النيلة، والزجاج، والعنبر، والبنادق، ودقيق الرصاص فضلا عن بضائع أخرى زهيدة القيمة. أما البيظان فعدا الصمغ العربي فإنهم يبيعون مقايضة بعض الخيول وأمورا أخرى ذكرناها فوق. إن هذه الشعوب، شأنها في ذلك شأن أجناسها من الناس يتمسكون بتقاليدهم في التجارة وهي تقاليد لا تزول، بحيث لو عرضنا عليهم أنواعا أخرى من البضائع لم يألفوها فإنهم لا يشترونها.


تجارة الحِيَلِ وحيلُ التجارةِ


غير أننا ومنذ سنوات جنينا أرباحا طائلة من بعض نصوص القرآن المطبوعة. وقد تم ذلك بالشكل التالي: إن الرجل المسيحي يعتبر نجسا في نظر هؤلاء البائسين الذين يعتقدون أن القرآن سيتنجس لو لمسناه. ولذلك فإن طلبتهم يأمرونهم أن يحتالوا من أجل أخذ المصاحف منا إما بالخداع أو بالقوة، أو على الأقل شراء ما عندنا من نسخ المصحف.


قبل خمس أو ست سنوات طبع المصحف في فرنسا وظهرت نسخ منه في المراسي التجارية، وحينها كان الورعون المسلمون حريصين على شراء كل تلك النسخ مهما بلغ الثمن. وقد نتج عن هذا الأمر مضاربة ناجحة بالنسبة لتجار انْدَرْ، ولم يضيعوها بكل تأكيد. بعد ذلك تم استيراد نسخ كثيرة من المصاحف وهو ما هدد مدينة بونديشيري (Pondichéry) بأن توقف صناعة قماش النيلة، في الوقت الذي ستعرف مطبعة فرنسا سوقا مربحة.


ولا يعدو هؤلاء الطلبة أن يجدوا في الإسلام طرقا تأويلية، فهم لن يجدوا باستبدال هذه المصاحف بصمغهم قماشا هم في أمس الحاجة إليه، فمحفوظاتهم الدينية المتميزة لن تجعلهم يفرطون في تلك المنسوجات من "حائك" وسروايل. وعندما لا يقومون بهذه التأويلات فأين هي وظيفتهم المتمثلة في حفظ النصوص الدينية؟


وهكذا فإنه من السهل على أكثر هؤلاء الزوايا معرفة بالنصوص الدينية وإتقانا لها إيجاد تأويلات تقلب المفاهيم رأسا على عقب، فبدل أن يعتمد على الرأي القائل: عليك أن تشتري ما في أيدي الكفار من المصاحف، يصبح الحكم هو: لا تشتر أي مصحف من هؤلاء الكفار، فالأفضل لك من ذلك أن تأكل لحم خنزير!!


خداعٌ وخداعٌ مضاد


هنالك موضوع نقاش لا ينقضي وهو موضوع متعلق بمواسم ومراسي الصمغ العربي وطالما شكل هذا الموضوع إحراجا للحكومة الفرنسية في اندر؛ ألا وهي سوء النية المتبادل والمتعلق بوزن مادة الصمغ ومَعْيَرَتِهَا خلال الموسم. منذ عدة سنوات كان هناك رهان على هذه المساوئ وتم تعيين ضباط صف لوزن الصمغ بوصفهم عيّارين عموميين. إلا أنه ومما يؤسف له أن هناك رغبة لدى الجميع في النصب والاحتيال، وهو موقف ليس وليد اليوم، دعونا نقرأ ما كتبه الأب لابات (Labat) عن هذه المراسي سنة 1700:


"كان السيد برو (André Brue) قد أخبر أنه غالبا ما تقع اضطرابات معتبرة أثناء موسم بيع الصمغ العربي، لأن البيظان معروف أنهم لصوص كبار يسرقون نهارا الصمغ من القنطار أثناء الوزن وفي الليل يسرقونه من خلال الأخصاص المعدة لتخزينه، وفي المقابل فإن كتاب شركات الأوروبيين وحتى يتفوقون على هؤلاء البيظان في النصب فإنهم يجهدون حراسهم في أن يشقوا الأوعية الجلدية التي يجعل البيظان فيها مادة الصمغ ولا يتركون البيظان يجمعون ما تساقط من الصمغ، ثم إن هؤلاء الكتاب يغالطون البيظان في أثناء الوزن كما يغالطونهم في نوعية البضائع، وهذا ما يجعل هؤلاء البيظان يحملون أحيانا صمغهم إلى آرغين أو إلى مرسى هدي بالجريدة لبيعه للهولنديين، ولهذا السبب كان الجنرال يحرص بنفسه على حضور معايرة الصمغ".


ويقول التاجر برو كما نقل عنه صديقه لابات إنه أثناء قمع هذه الاضطرابات التي تعرفها المراسي، فإنه قام بتوسعة القنطار بمائتي رطل وذلك بمرسى الترارزة دون أن يتفطن البيظان لذلك.


وبعد ذلك بفترة يقول الأب الطريف جاكوبين: "يتم بيع الصمغ في مرسى التربة الحمراء "Terrier Rouge". وكذلك في مرسى الترارزة، ونجد أن التاجر برو قد أقام قنطارا ووسعه مضيفا إليه سعة ثلاثة مائة وخمسين رطلا، ومعلوم أنه يسع أصلا لسبعمائة رطل، ولا شك أن هذا التاجر الشاطر سيظل يوسعه حتى يضيف ألف رطل إلى سعته العادية عندما يعود لإفريقيا. وهذا ما يجب أن يكون عليه عمل رجل ذكي وحنون".


لكنه، ومهما قيل، فإننا نعتبر أكثر وفاء من آبائنا، لأن السلطات اليوم لا تتمالؤ مع ممارسات كهذه لا في السنغال ولا في الجزائر، حيث عرفت فترتنا، فترة فرنسا بالجزائر، ضباطا يعملون في المكاتب العربية وقضاة يفترض فيهم حماية المغلوبين لا نجدهم يحركون ساكنا عندما يتم غبن المواطنين المساكين فيما يتعلق بالكيل والوزن، وفي حالة ما إذا اشترى بعض تجار مدينة بجاية الفرنسيين زيتا من القبائل بوادي الساحل (وادي الصومام) فإنهم يقومون بتدابير تضاعف الكيل بعد أن يتم رفع السعر إلى مستوى باهظ، وهذه أمور استثنائية سببتها منافسة طائشة.


مصير مراسي نهر السنغال


تم في كثير من الإحيان إثارة موضوع إزالة هذه المراسي، فهو أمر مطلوب فعلا مع أنه علينا عدم تجاهل الصعوبات المتعلقة بإلغائها. لقد قال محمد الحبيب، وهو شيخ الترارزة منذ خمس وعشرين سنة كما أنه الرجل القوي الذي وطد حكما مهيبا والذي له سلطة على الضفتين: إنه لن يحدث أي تغيير في قضية المراسي ما دام هو حيا. إنها ليست سوى تصريحات شيخ عربي مغرور بقوته.


إن الحكومة الفرنسية باندر وكذلك التجار الفرنسيين يدفعون تحت طائلة الإكراميات (آمكبل: المترجم) مبالغ طائلة لشيوخ البيظان. كما يدفعون سعر الصمغ للزوايا وللفصائل الغارمة التي تجنيه من غاباته وتبيعه في المراسي، كما يدفعون مبالغ إضافية لشيوخ العرب حتى يتفضلون بالسماح بعملية البيع، ويمكن أن نقول أيضا إن السماسرة والوسطاء يتقاضون مبالغ كذلك. هذا هو حال بيع الصمغ التي يبدو أن الحكومة في اندر بصدد تغييرها. إن تجارة الصمغ لا بد من تغيير شروطها بحكم استعمال مادة الدكسرين الصمغية، وبحكم منافسة الصمغ القادم من مصر ومن الجزيرة العربية، والذي أخذ إنتاجه مؤخرا أهمية متعاظمة. ومن حسن حظنا فإن بعض الأنشطة التجارية بدأت تظهر بقوة في مستعمرتنا في غرب إفريقيا مثل: زراعة الفول السوداني وخصوصا في السنغال وفي السيراليون حيث يملأ حصادها سنويا مئات السفن.


انتهى نص فيدريب


تعليقات على النص:


هذا النص كتبه الإداري والعسكري الفرنسي الشهير الجنرال لويس فيدريب، وهو من أكثر الضباط والإداريين الفرنسيين حضورا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأعمقهم تأثيرا في مستعمرة السنغال الفرنسية وفي العديد من المناطق الموريتانية وخصوصا الترارزة والبراكنة. وفيديرب هو الذي خاض حرب الفرنسيين مع إمارة الترارزة في عهد الأمير محمد الحبيب رحمه الله. وقد استمرت تلك الحرب أربع سنين؛ بدأت في الأيام الأخيرة من سنة 1854م، وكانت حرب مجابهة وحرب استنزاف معا؛ حيث حرص الطرفان على أن يلحق كل منهما بالآخر ما بوسعه من الضرر وقد أمعن الفرنسيون في استعمال سياسة الأرض المحروقة في أراضي الترارزة. فأرسل فيديرب سرايا مارست التخريب ضد قبائل الترارزة الكحل على ضفتي نهر السنغال. وقام محمد الحبيب بهجوم على سان لويسخ (اندر) في 21 أبريل 1855 شارك فيه هو نفسه وكاد يستولي على قلعتها الحصينة. ولدعم موقفه العسكري، وقام أمير الترارزة محمد الحبيب بمنعه رعاياه من بيع العلك للفرنسيين للضغط عليهم وفي المقابل قام فيديرب بحظر بيع الأقمشة والزرع للترارزة على طول النهر. وبفرض حصار على المحيط الأطلسي حتى لا يحيي الترارزة مرسى الجريدة أو مرسى هدي (بورتانديك) التجاري وبالتالي يتعاملون مع الإنجليز.


وقد كتب فيدريب عدة نصوص عن بلادنا، فمن ذلك كتابه: مذكرة حول مستعمرة السنغال والمناطق ذات العلاقة بها، وهو مجلد ضخم منشور سنة 1859، وفهي معلومات كثيرة عن بلادنا. وكذلك كتاب الأصغر حجما والذي عنوانه: كلام أزناگه والقبائل السنغالية المنشور سنة 1877، وغير ذلك... ويعتبر هذا النص أحد أطرف نصوص فيدريب الذي تحدث فيه عن بلادنا وعن جوانب من النشاط التجاري الذي كان ساكنة هذه البلاد تمارسه في القرن التاسع عشر. وربما يكون فيدريب قد حضر مواسم بيع الصمغ العربي في فترات محددة خصوصا سنة 1852 وسنة 1853، قبل أن يعين واليا عاما على السنغال من طرف الحكومة الفرنسية، وشاهد فيدريب عن قرب ما حصل ويحصل في هذه المواسم، وقد دون ملاحظاته وكتب ما شاهد بعينه وما قيل له وسمعه من التجار والسماسرة، وكان على اطلاع واسع بمجريات هذه المواسم، متى تقام ومن يحضرها، وما ذا يباع فيها، ما ذا على الفرنسيين اتخاذه من احتياطات تجاهها.


لم يخل نص فيديرب هذا من سخرية من الموريتانيين، فوصفهم بأوصاف تعكس إلى حد بعيد نظرة الرجل الأبيض في القرن التاسع عشر للمجتمعات العربية والإفريقية، وهي نظرة استعلاء وازدراء وتبكيت وتنكيت؛ نظرة غذتها الأطروحات الاستشراقية التي تكرس مفهوم المركزية الأوروبية وتفوق الرجل الأبيض، وتدفع نحو العنصرية ورؤية الفضل على الغير، كما تعززها الدوافع الاستعمارية والسباق مع الأمم الأوروبية نحو الاستيلاء على مناطق شاسعة في أفريقيا وبسط نفوذ الامبراطورية الفرنسية عليها.


علاقة الفرنسيين بنهر السنغال علاقة قديمة، ويبدو أن تجارة الصمغ العربي في موريتانيا ارتبطت بهذا النهر ارتباطا وثيقا، وصارت هذه التجارة العنوان الأبرز لنهر السنغال في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فقيمة هذا النهر ظلت في هذين القرنين مرتبطة بما يمر عبر مراسيه من عائدات هذه المادة التي ما فتئت تغدي مصانع النسيج ومخابر المنتجات الصيدلانية وغيرها في أوروبا. ولذلك نجد الفرنسيين يضعون خرائط مقطعية لهذا النهر، ولمختلف المراسي التي توجد عليه، ويبرزون أسماء القبائل والأعراق الموجوة على الضفتين اليمنى الموريتانية واليسرى السنغالية. ولم تهمل هذه الخرائط ونصوص الرحلات الاستكشافية إعطاء معلومات عن غابات القتاد التي كانت تنتشر إلى الجهة اليمنى من ضفة النهر، أي غابات القتاد الموريتانية. تحدثت الخرائط والنصوص الفرنسية في القرون الماضية عن ثلاث غابات إحداها تحت إشراف إمارة البراكنة وتسمى "الفتاك" بينما تسمى نظيرتها التي تشرف قبيلة إدوالحاج على ريعها بغابة "الأبيار"، وتسمى غابة القتاد التي تحت إشراف إمارة الترارزة بغابة "الساحل"، وهذه تسميات مشهورة في الرحلات والخرائط الفرنسية في القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر. كما تتحدث تلك الخرائط والنصوص عن بحيرة الركيز وتسميها "بحيرة خيار". وتسمى مرسى إدوالحاج باسم: "مرسى درمانكور" (Escale des Darmacours)، ودرمانكور هو الاسم الذي كان شعب الولوف الإفريقي يطلقه على قبيلة إدوالحاج. ويعرف مرسى إدوالحاج أيضا باسم: "مرسى تكشكمبه". وقد ذكر الأديب الفائق مولود ولد اجيه، وهو من الصگيعات من تاشدبيت وقد سكن آخر عمره في الحجاز وكان شاعرا فائقا، "تكشكمبة" في قطعته الشهيرة التي غنى بها المرحوم أحمدو ولد الميداح في "بيگي" وهي قوله:


ألا ليت شعري هل بنو همَّرٍ صَمْبَا ۞ وحيُّهم مجاورون تَكَشْكَمْبَا


وهل بِرُبَا النَّبَّيرَه ظلت إماؤهم ۞ سراعا إلى الصَطَّارَه حاملة تمبا


وهل صَمْبَنِ الفَلاَّنِي ظلوا بجمعهم ۞ على أثر اللَّمْبَايَ يَرْمِسْنَ ما لَمْبَا


هم القوم عمري يوم ظلت نساؤهم ۞ بوادي الغضا يَسْتَنُّ بينهم دَمْـبَا


فلا مت حتى ظِلْتُ بين نسائهم ۞ أطالب لهوا صَمْبَ في رجله صَمْبَا


ولست بزير المحصنات من النسا ۞ ولكنَّ ما في الرُّبِّ تعرفه كمبا


وتكشكمبة: ريعة (زيرة) ويحاذيها من الجنوب سهل ممتد يقع شمال غرب مدينة روصو أزيد من 10 كلومترات، ويمتد جنوبا حتى يلامس النهر.. وسهل تكشكمبة الآن ميدان للرماية مشهور عند أهل روصو، وفي امتداد هذا السهل جنوبا يقع مرسى إدوالحاج المذكور في الخريطة، وكان هذا المرسى في القرن الثامن عشر والتاسع عشر مكانا للتبادل التجاري ويعرف بمرسى إدوالحاج (مرصة إدوالحاج) حيث يباع الصمغ العربي للفرنسيين تحت إشراف شيوخ من قبيلة إدوالحاج. وبتكشكمبة مدفن شهير.


والنبيرة المذكورة في الأبيات سهل واسع يبدأ من الكيلومتر السابع على طريق روصو نواكشوط وبه الآن مصنع لتقشير الأزر. وتمبَه: بيع اللبن المضير خصوصا ولا يكون إلا مقايضة بالزرع وغيره... وهو مشهور في المنطقة أنه اختصاص إيفلان.. ويقولون: "تمبة والصلاة ما يخلطو" وهو قريب من قولهم: "أعشگ وأعتگ ما يخلطو". والصطارة: الجزء الشمالي من روصو وفي القديم كانت رصو تسمى: "گويربات الصطارة" وتسمى ايضا "گويربات ول اميسَه" إلى أن صار اسمها روصو.


واللمباي: فاعل لمبى وهو شق الأرض لتوضع فيها البذرة... ولا أعرف اصل هذا اللفظ. ووادي الغضا: واد آمور فالغضا شبيه بآمور لذلك عربه الشعراء به. و"صمبه في رجله صمبه" تفصيح للعبارة "صمبه فاكراع صمبه" وهو تعبير معروف يقال للأمر لا تعرف له نهاية، وكذلك قولهم: "ما في الرب تعرفه كمبة" مثل مشهور عند أهل المنطقة يضرب لمن يعرف سر الشيء وكنهه وهو ينفي ذلك عن نفسه.


وقد ورد في نص فيديرب ذكر أمير البراكنة امحمد بن سيدي ومعلوم أنه تولى الإمارة من سنة 1851 إلى 1858م، وهو امْحمد بن محمد بن سيدي بن امْحمد بن المختار بن آغريشي. وعده ابن حامد الأمير السابع من أهل آغريشي بن سدوم بن السيد بن امحمد بن عبد الله. وقد عاش فترة في محصر الترارزة في عهد الأمير محمد الحبيب. ولما تأمر تحالف معه وخاصة في صراع محمد الحبيب ضد الفرنسيين في أواسط خمسينات القرن التاسع عشر. وقد ظل امحمد بن سيدي معارضا لابن عمه امحمد الراجل بن المختار بن سيدي محمد بن المختار بن آغريشي خلال سنوات حكمه الثمانية، ولم يسكن في منطقة البراكنة فتارة في محصر الترارزة وتارة في حلة أهل اسويد أحمد. وفي أبريل 1847 تزوج ببنت الأمير السابق أحمد بن سيدي اعلي فانضم إليه أنصار أبيها. وفي سنة 1848 هاجم محصر الأمير امحمد الراجل بمساندة محمد الحبيب أمير الترارزة وفي نفس الوقت كان محمد الراجل يدعم أحمد بن الليگاط أخا محمد الحبيب ومعارضه القوي. غير أن إبعاد امحمد الراجل وتولي امحمد بن سيدي إمارة البراكنة لم ينتج عنه استتباب الوضع فما إن انتهى امحمد بن سيدي من أمر محمد الراجل حتى تنازع مع ابن عمه سيدي اعلي الثاني بن أحمد الأول وظل نزاعهما مستمرا تسع سنوات إلى أن اصطلحا ثم اغتاله سيدي اعلي سنة 1275هـ = 1858م. وقد تحالف أثناء هذه الحرب مع أمير الترارزة محمد الحبيب وتحالف سيدي اعلي بن أحمد مع الفرنسيين بالسنغال.


هذه بعض الملاحظات التي أردت منها إثراء هذا النص المفيد وتوضيح بعض إشاراته، ولولا خوف الإطالة لتوسعت في جوانب أخرى من معانيه وملاحظاته.


انتهى

منقول

كتاب اللؤلؤ المشاع

https://www.kiffainfo.net/article12063.html

الاثنين، 1 أبريل 2024

الشاي و السباع


 هذه التدوينة نشرتها يوم 5أغشت 2023، و حققت حينها أكثر من مليون مشاهدة.

 إحصاءات @فيسبوك


يذكر الباحث الفرنسي البير لريش Albert Leriche في بحث له بعنوان أصل الشاي في موريتانيا origine du thé en Mauritanie رواية شفهية لتاريخ دخول الشاي إلى موريتانيا بأنه كان حوالي 1275هـ الموافق 1858م عن طريق قافلة من (تكنة) فيها ثلاثة رجال من أولاد بالسباع و يهودي يدعى بَدْجوٌخْ Bedjukh !

الأحد، 31 مارس 2024

تاريخ الحريرة


 يحتفظ العرب في بلاد #المغرب  بأكلاتهم الشعبية وعاداتهم الأصيلة الضاربة في القدم خلال شهر رمضان ذي القسمات الروحية النابضة . 


تعتبر الحريرة إحدى الأكلات الرسمية والأساسية التي تبرز في مائدة رمضان عند عرب المغرب . 

أما عن أصولها العربية : 


فيقول فيها أبو منصور الثعالبي (ت 429هـ/1039م) في كتابه ‘فقه اللغة وسرّ العربية‘: “وأطعمة العرب على [وزن] ‘فعيلة‘ كالسخينة والعصيدة.. والحريرة”؛ وكذلك الهريسة و”المَضيرة” وهي طبخ اللحم باللبن الماضِر أي الحامض.


وقد ذكرها محب الدين الطبري المتوفي سنة 1285 في معرض حديثه عن وفاة سيدنا ابي بكر فقال * .عن ابن شهاب قال كان أبو بكر والحارث بن كلدة يأكلان حريرة أهديت لأبي بكر فقال الحارث لأبي بكر ارفع يدك يا خليفة رسول الله إن فيها لسم * .


وأما “الحريرة” فيُعرِّفها مجد الدين ابن الأثير (ت 606هـ/1209م) -في ‘النهاية في غريب الحديث والأثر‘- قائلا: “الحريرة: الحَسا المطبوخ من الدقيق والدسم والماء؛ وقد تكرر ذكر الحريرة في أحاديث الأطعمة والأدوية”. وقد تطورت الحريرة مع التحضّر حتى أصبحت بصورتها الحالية التي يتفنن فيها المغاربة ويقدمونها على موائد إفطارهم الرمضانية، إلى درجة اصبحت هذه الوجبة المتفردة مرتبطة بالموائد المغربية على الخصوص، وهي تعكس غنى الأراضي الفلاحية المغربية وتنوعها، وأيضا غنى فنون الطبخ في المغرب.


وقد أورد الرحالة المغربي الشهير "إبن بطوطة " في كتابه "حفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" حيث يصف فطور سلاطين الهند وشعبهم . 


كما نجد أنها من أطعمة أهل مكة عند ابن الفقيه (ابو بكر احمد بن محمد الهمداني) , كتاب مختصر كتاب البلدان . 


وكذلك من أطباق الأموية حسب ابن قتيبة (ابو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري ) , كتاب عيون الاخبار.


و ذكر ابن زهر صناعتها ممن الحنطة والذرة ودقيق الشعير في كتابه الاغذية في الخطابي , محمد العربي الاغذية و الادوية عند مؤلفي الغرب الاسلامي.


ونجد ذكر لطبق مشابه للحريرة في الشريعة والسنة حيث يقول ابن منظور (ت 711هـ/1311م) في ‘لسان العرب‘: "الخزيرة والخَزِير: اللحم.. يُؤخذ فيُقطّع صغارا في القِدْر، ثم يُطبخ بالماء الكثير والملح، فإذا أُمِيَت طبْخاً ذُرَّ عليه الدقيق فعُصِد به، ثم أُدِم بأيّ إدام شِيءَ. ولا تكون الخزيرة إلا وفيها لحم، فإذا لم يكن فيها لحم فهي عصيدة".


كذلك نجد,  في حضور النبي صلى الله عليه وسلم قد رواه النسائي في السنن الكبرى، وأبو يعلى في مسنده، وغيرهما: أَنَّ عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَزِيرَةٍ قَدْ طَبَخْتُهَا لَهُ، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ ـ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا: كُلِي، فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِنَّ، أَوْ لَأُلَطِّخَنَّ وَجْهَكِ، فَأَبَتْ، فَوَضَعْتُ يَدِي فِي الْخَزِيرَةِ، فَطَلَيْتُ وَجْهَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَ بِيَدِهِ لَهَا، وَقَالَ لَهَا: الْطَخِي وَجْهَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا، فَمَرَّ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ سَيَدْخُلُ، فَقَالَ: قُومَا فَاغْسِلَا وُجُوهَكُمَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمَرَ لِهَيْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا لفظ أبي يعلى، والخَزِيرَةُ ـ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الزَّايِ، وَفَتْحِ الراء المهملة ـ هو حساء يعمل بلحم، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، خَلَا مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ ـ وقال العراقي في تخريج الإحياء: رواه الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة والمزاح، وأبو يعلى بإسناد جيد ـ وحسن إسناده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة. 


أما عن كيف إنتقلت هاته الأكلة إلى المائدة المغربية . فحسب المصادر فاأكلة قدمت إلى المغرب مع الأموين في ترة الفتح إسلامي . وذاع صيتها في فترة سقوط الأندلس مع دخول عرب الأنلس . حيث نجد ابن زهر الأندلسي المتوفي 1162سنة في مؤلفه "كتاب الأغذية" فقال : "الحريرة المتّخذة من الحنطة يكون عنها خلط غليظ نيّء، وحَريرةُ دقيق الشعير خير منها، وكذلك حريرة الذرة والبَنج".

و ذكرها ايضا ابن رزين التجيبي اللاندلسي نزيل بجاية و هو صاحب "فضالة الخِوان في طيّبات الطعام والألوان" مع أنواع الأطعمة والمحلّيات وأسماءها التي انتقلت من الأندلس إلى بلاد المغرب، كالكسكس والمرمز والجشيشة..

و كما جاءت في بعض أشعار لسان الدين ابن الخطيب، كقوله:

ورُبّ صلاةٍ قُدّمَ النفلُ قبْلَها ** وتُشرَبُ من قَبلِ الثريدِ حَرِيرةْ.


وكذلك قبله بدخول عرب التغريبة الهلالية . حيت لم يكن العرب يعدلون باللحم شيئًا إذا توفروا عليه، ويرون أن تناوله مع غيره تطويلٌ لا موجب له؛ فقد جاء في ‘محاضرات الأدباء‘ للراغب الأصفهاني (ت 502هـ/1108م) أنه "قُدّم إلى أعرابي خبز عليه لحم، فأكل اللحم وترك الخبز وقال: خذوا الطبق"!

ويروي ابن قتيبة الدِّينَوَري (ت 276هـ/889م) -في ‘عيون الأخبار‘- أنه "قيل لأعرابي: ما لكم تأكلون اللحم وتدعون الثريد؟ فقال: لأن اللحم ظاعن (= راحل) والثريد باقٍ"!! وكان أطيب اللحم لديهم ما اختلط بعظم، حتى قال قائلهم إن "أطيب اللحم عُوّذُه، أي أطيبه ما ولي العظم كأنه عاذ به"؛ كما يقول الدينوري. حيث نجد اليوم أغلب العائلات العربية المغربية يعدون الحريرة باللحم و كذلك قطع العظم التي تحتوي على قطع لحم وغضاريف .


بالإضافة للمصادر أعلاه نضيف :


https://books.google.co.ma/books?id=Ryt0DwAAQBAJ&pg=PT242&lpg=PT242&dq=ذكر+حساء+الحريرة+في+الأحاديث+النبوية&source=bl&ots=m7PxzFrPBe&sig=ACfU3U030wP86f7wyNFx-ZmpYQghh7Ay6w&hl=ar&sa=X&ved=2ahUKEwiGq6_D6oqFAxVuiP0HHQE1B9E4FBDoAXoECAUQAw#v=onepage&q=ذكر%20حساء%20الحريرة%20في%20الأحاديث%20النبوية&f=false


https://www.islamweb.net/ar/library/content/87/7698/باب-عشرة-النساء


https://www.aljazeera.net/turath/2021/4/26/تعرف-على-ثقافة-الطعام-والطبيخ-في


@متابعين 

#العرب #العروبية #المغرب #الحريرة

قبائل عربية و منهم اولاد بسباع على التحور الجيني j1
















 

مفهوم شلح "منقول

 يعتمد أهل الصحراء المغربية تقسيما عرقيا غريبا و فريدا، حيث يقسمون الناس في المغرب إلى عرب و شلوح، أما العرب فهم وحدهم دون غيرهم و أما الشلوح فكل من ينتمي إلى سوس فما فوقها (بما في ذلك عرب بني هلال والمعقل المنتشرين في جل المناطق المغربية)، هذا التقسيم الغريب له جذور تاريخية قوية، حيث أن بني حسان (سكان الصحراء) هم الوحيدون في تاريخ المغرب الذين استحكموا بالأرض و سيطروا عليها بحد السيف من خلال حرب طويلة مع قبائل البربر التي سكنت الصحراء قبلهم، عكس القبائل العربية الأخرى التي استقرت في ربوع المغرب بشكل سلمي ولم تدخل في حروب مباشرة مع البربر. لذلك فإن أهل الصحراء أكثر عصبية للعربية فيصل بهم الحد إلى أن يصفوا أنفسهم بأنهم الوحيدون العرب و الباقي بربر، فنجد بعضهم يصف البراني على الصحراء ب"شليح مولانا" (رغم أن هذا التصنيف خاطء بطبيعة الحال)


في الصحراء المغربية يقال عن الرذيل الذليل دوني المرتبة، "زنياكي"؛ وهذا اللفظ نسبة لصنهاجي، حيث تحول هذا الوصف من وصف لقبيلة بربرية استفردت بالصحراء و استوطنتها منذ القدم، إلى وصف الذل بعد أن هزمت هذه القبيلة شر هزيمة على يد عرب المعقل بني حسان القادمين من الشرق و طردوا إلى أعماق الصحراء الكبرى في شمال مالي و جنوب الجزائر.

و سادت الثقافة العربية الحسانية من واد نون شمالا الى نهر السنغال جنوبا منذ ذلك الحين، ليتكون حاليا واحد من أكثر المجتمعات المتعصبة للعربية، مجتمع البيضان.

السبت، 30 مارس 2024

سباعيون و لكن ليسو منا

 من ألقاب العائلات والقبائل الشائعة وأصولها، لدينا: (السباعي).


وهو لقب دال علي معاني مختلفة لأصول من يحمله ولديه عدة حالات.


الحالة الأولي، وهي القبائلية. 

قال المؤرخ النسابة أبو سعد السمعاني (ولد 1113م):


" السباعي، بكسر السين والباء المنقوطة بواحدة وفي آخرها العين، هذه النسبة إلى بنى سباع ".


وبنو سباع يقصد بهم أولاد سباع بن عبدالعزى الخزاعي حليف بني الزهرة بعهد الرسول صلي الله عليه وسلم، وكان لديه ولدين خرج من مواليهم الكثير من رواة الأحاديث.


وذكر المؤرخ البلاذري (ولد 820م) عن وجود آل سباع من سكان المدينة وهم من الأوس، وهذا كان أشهر ما ورد عن لقب ( السباعي ) في حالته القبلية بكتب الأنساب القديمة.


الحالة الثانية، تكون نسبة الي جغرافيا.

قال المؤرخ النسابة عباس المدني في مختصره للأنساب: 


" السباعي: نسبة الي وادي السباع من نواحي الكوفة "


كما أنه ذكر عدة قري تسمت بإسم ( سبع ) كقرية بين الرقة ورأس عين من بلاد الجزيرة الفراتية وموضع بفلسطين بين القدس والكرك، لكن النسبة إليهم تكون ( السبعي ).


والحالة الثالثة، هي نسبة لأجداد تسموا ( سباع ) من عامة اهل القري، قال المؤرخ العلامة السيوطي (ولد 1445م):


" السباعي، لسباع جد ".


ومعني اسم ( سباع ) هو التام في الخلقة، والكثير من المشاهير القدامي أخذ تسمي بهذا اللقب بهذه الحالة، ومنهم شيوخ من كبار الصوفية كمثل ( أبي السعود صالح السباعي ) و ( محمد بن الحفناوي المصري ) وهما مصريان وقد يكون اللقب انتشر مع تلاميذهم ومتبعي الطرق في الديار المصرية خصوصا.


وبجميع حالاته فيعتبر لقب ( السباعي ) من الألقاب المنتشرة حاليا بمختلف دول المنطقة.


#سلسلة_الأنساب_وألقاب_العائلات

الجمعة، 29 مارس 2024

الصيد بالسلوگي و بوعميرة

 ● الصيد بالصقور والسلوقي تراث عربي حافظ عليه بنو هلال ؛ يقول الحسن #الوزان_الفاسي (1494م)؛  《 ويحبّ هؤلاء #العرب (بنو هلال) اللباس الجميل، واكتساب الخيل الفارهة المسرّجة، والخيام الكبيرة الرائعة. ويرجعون إلى الصحراء ليقضوا فيها الشتاء.، وفي الربيع يتسلّون بالصيد بالكلاب والصقور…》.


● تكلم #جيمس_جراي_جاكسون  (القرن 18م) الدبلوماسي البريطاني في المغرب ؛ عن فن الصيد عند العرب وأنواع الحيونات التي يصطادونها ويبيعون منها في سوق الصويرة ؛ وجيمس هذا قضى في المغرب 16 سنة وأثقن الدارجة المغربية وتفصح فيها ؛ فيقول في فصول كثيرة نختزلها ؛ ••《لا يرغب #العرب في الصيد لمجرد التسلية، إنهم يقتلو.ن ويقطعون حناجر أكبر عدد ممكن من الحيوانات التي يمكنهم الحصول عليها، غالبًا ما يصطادون #الغزال باستخدام كلب (السلوقي) الأفريقي؛ ومن بين الحيوانات المتنوعة التي يصطادها العرب من أجل الرياضة أو الربح، فإن أكثر ما يكافئ مجهودهم نجد #النعامة : بحيث تنطلق مجموعة من حوالي عشرين عربيًا يمتطون خيول الصحراء التي سبق وصفها، ينطلقون معًا، يركبون بلطف ضد الريح واحدًا تلو الآخر، على مسافة نصف ميل تقريبًا؛ يمشون ويتتبعون آثار الأقدام حتى يكتشفوا آثار النعامة فيتبعونها بعد ذلك ؛ الديب بعض هذه #الديب لديها شعر أطول من غيرها، وجلودها ناعمة وجميلة بشكل خاص، وتكثر مقاطعات شياظمة وحاحا وسوسة بهذا الحيوان : يصطاده #العرب، ويجلبون جلوده إلى سوق موكادور (الصويرة)》.

عن صفحة اصول التراث المغربي

الأحد، 24 مارس 2024

سلاح سباع


 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه..

وبعد: فهذه نبذة وجيزة منظومة بالشعر الفصيح والشعبي عن دورقبيلة أبناء أبي السباع في مكافحة الاستعمار في الحقب الماضية وذلك قبل استغلال دولتهم العزيزة موريتانيا.

لقد كان لقبيلة الشرفاء أبناء أبي السباع دور بارز في الذب عن الوطن وحوزته وقد كانوا حجر عثرة أمام المستعمر عند دخوله البلاد وذلك لأنه وجدهم خلافا لغيرهم من السكان مسلحين ولهم خبرة في فنون القتال ولديهم أسلحة متطورة آنذاك، كما أنهم رفضوا الاكتتاب في الجيش الفرنسي آنذاك، لأن هذا الجيش يستخدم ضد المسلمين قائلين "إن الشرفاء لا يمكن استخدامهم ضد الإسلام".(1)

لقد اشتهر أبناء ابي السباع بالشجاعة والنجدة بالإضافة إلى أنهم كانوا رواد المجاهل الصحراوية قاطعين عرضها عبر طريق القوافل يحملون التجارة من المغرب وشمال إفريقيا إلى جنوب الصحراء وبلاد السودان. وقد جعلهم هذا النشاط قادة البلد اقتصاديا وعسكريا، وهذا ما جعل المستعمر يحسب لهم ألف حساب ويحاول أن يتعامل معهم بحزم.

وقد عرفوا بأنهم أول من جلب أنواعا من الأسلحة لم تكن معروفة من قبل مثل الوروار الذي أدخلوه آنذاك من مدينة اندر(سنلوي) على يد أحد تجارهم المشهورين وهو الشريف محمد سالم بن عبد الرحمان بن بوعنگه (البعنقاوي) السباعي. وبعد ذلك أتوا بالثلاثيات والرباعيات والخماسيات إلى آخره، وكذلك البارود الذي يستعمله البعض في لگشامات والفردي وغير ذلك، قال أحد الشعراء في مدحهم منوها بالسلاح المعروف بالوروار:


بَنُو ذِي السِّبَاعِ الْغُرُّ هُمْ قَادَةُ النَّدَى ... كَمَا أَنَّهُمْ فيِ الْحَرْبِ أُسْدٌ ضَرَاغِمُ

إِذَا كَشَفَتْ عَنْ سَاقِهَا الْحَرْبُ وَالْتَقَتْ ... بِسَاحَتِهَا سُمْرُ الْقَنَا وَالصَّوَارِمُ

رَأَيْتَ سِلاَحًـا فِـي يُدِيهِـمْ كَأَنَّهُ ... نَيَازِكُ مِنْهَا لاَ تُوَقَّى الْجَمَاجِـمُ

هُنَاكَ تَـرَى الْوَرْوَارَ يَلْمَـعُ ثَاقِبـًا ... بِأَيْدِي الأُلَى جَاءُوا بِهِ وَهْوَ صَارِمُ

طَوِيـلَ الْمَدَى إِنْ صَوَّبُوهُ إِلَى الْعِدَا ... بِحَيِّهِـمُ أَمْسَتْ تُقَـامُ الْمَآتِـمُ

لَهُ نِقْبَةٌ فِي الْمَتْـنِ إِنْ هِـيَ سُدِّدَتْ ... لِشَارَتِهِ لَمْ يُخْطِ مَا هُـوَ رَائِـمُ

حَبَاهُ بِكُـلِّ الْوَشْيِ أَمْهَـرُ صَانِـعٍ ... عَلَى جَانِبَيْـهِ كُـلُّ وَشْيٍ يُلاَئِمُ

وَإِنْ لاَمَسَ الزَّنْدُ الشِّفَارَ تَطَايَـرَتْ ... مِنَ الْجَوْفِ شَتَّى رَاجِمَاتٌ قَوَاصِمُ

وَذِي عُـدَّةٌ جَاءُوا بِهَا قَبْلَ غَيْرِهِـمْ ... بِهَا يُرْهَبُ الْعَادِي وَيَنْجُو الْمُسَالِمُ

بِهَا قَدْ أَتَـى مِنْ نَسْلِ (بُوعَنْقَ) مَاجِدٌ ... سُمَاهُ إِذَا يُدْعَـى مُحَمَّدُ سَالِـمُ

فَيَا نِعْمَهَـا مِـنْ عُدَّةٍ عَـنْ بِلاَدِنَـا ... بِهَا قَدْ يُصَدُّ الْمُعْتَدِي وَالْمُهَاجِمُ

----------- 

1- انظر كتاب الملازم أول مرتيني، ص 9، فبراير 1937.

-----------

وهنا نورد محاورة بين بابه بن الشيخ سيدي وأبي مدين بن الشيخ أحمدو بن اسليمان والشريف/ الشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل في شأن الوروار وهو من السلاح الفتاك في ذلك الوقت، يقول بابه بن الشيخ سيديا:

إِذَا صَاحِبُ الْوَرْوَارِ لاَزَمَ حَمْلَهُ ... وَتَدْهِينَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَصَقْلَهُ

وَعَـوَّدَهُ إِيـرَادَ كُـلِّ كَرِيهَة ... وَأَنْهَلَـهُ يَوْمَ اللِّقَـاءِ وَعَلَّـهُ

إلى أن يقول:

وَكَانَ سَدِيدًا بِالْبَنَادِقِ رَمْيُهُ ... فَقَدْ حَمَلَ الْوَرْوَارَ مَنْ كَانَ أَهْلَهُ

ويقول أبو مدين بن الشيخ أحمدو بن اسليمان:

لَعَمْرُكَ مَا رَاعَ الْعِدَا كَالْمَدَافِعِ ... وَلاَ شَيْءَ كَالْوَرْوَارِ يَوْمًا لِدَافِعِ

إلى أن يقول:

وَلَكِنَّهُ إِنْ لَمْ يَجِدْ كَفَّ قَاطِعٍ ... وَسَـاعِـدَهُ أَلْفَيْتَهُ غَيْـرَ قَاطِعِ

ويقول الشريف/ الشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل:

لَقَدْ مَدَحَ الشَّيْخَانِ بِالنَّظْمِ عُدَّةً ... لَهَا مِثْلُ أَفْعَالِ السُّيُوفِ الصَّوَارِمِ

تُقَطِّعُ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ بِسُرْعَـةٍ ... إِذَا عَمِلَ الأَبْطَالُ مِـنْ آلِ فَاطِمِ

لَقَدْ وُجِدَ الْوَرْوَارُ قِدْماً لأَهْلِـهِ ... وَمَا وَجَدَ الْوَرْوَارُ كُفْؤًا لِهَاشِمِي

فَإِنَّ سُيُوفَ الْهِنْدِ تُلْفَى قَوَاطِعاً ... وَلَكِنَّمَـا إِعْمَالُهَـا بِالْمَعَاصِـمِ

فَإِنَّ رِجَالَ الْحَرْبِ وَالشَّكْلُ وَاحِدٌ ... تَبَايُنُهَا يَبْدُو بِوَقْتِ الْمَلاَحِـمِ

وقال محمد بن محمد عبد الله في نفس الموضوع:

سَادَ ابْنُ بُوعَنْقَ الشَّرِيفُ الدَّارِي ... إِذْ جَاءَنَـا بِمَدَافِـعِ الْوَرْوَارِ

أَعْظِمْ بِهِ مِنْ مِدْفَعٍ ذِي هَيْبَةٍ ... يُولِي الْعِدَى فِي الْحَرْبِ كُلَّ دَمَارِ

مَرْمَاهُ أَبْعَدُ مَا يَكُونُ لِنَاظِـرٍ ... يَرْمِـي بِزَنْـدٍ ثَاقِـبٍ وَشِفَـارِ

يَشْتَدُّ مِنْ كَانُونِهِ شَبُّ اللَّظَى ... بِقَذَائِـفٍ تَقْضِـي عَلَى الْمِغْوَارِ

مِنْ فَوْقِ مَتْنَيْهِ مِسَلُّ شَطِيبَـةٍ ... يُومِـي إِلَى صَـوْبِ الرَّمِيَّةِ وَارِ

وَشَّاهُ صَانِعُهُ فَحَبَّـرَ وَشْيَـهُ ... مَـا بَيْـنَ دُرٍّ خَالِـصٍ وَنُضَارِ

يُدْوِي إِذَا مَا الزَّنْدُ صَافَحَ شَفْرَةً ... فَتَخَـالُ دَوِيَّـهُ حَنِيـنَ عِشَارِ

فِي كَفِّ أَرْوَعَ هَاشِمِيٍّ هَمُّـهُ ... فِي صَـوْنِ كُلِّ فَضِيلَـةٍ وَفَخَارِ

وَحِمَايَةِ الشَّرْعِ الْمُطَهَّرِ وَالدِّفَـا ... عِ عَـنِ الْبِلاَدِ غُزَاةَ الاِسْتِعْمَارِ

شَهْمٍ مِنَ الشُّمِّ الْكِرَامِ الْغُرِّ أَبْـ ... ـنَا ذِي السِّبَاعِ السَّادَةِ الأَخْيَـارِ

لاَ زَالَ مَجْدُهُمُ يَزِيـدُ وَيَرْتَقِـي ... فَهُـمُ كِرَامُ ضِيَافَـةٍ وَجِـوَارِ

وقال الشيخ عبد الله بن صلاح الملقب الشيخ كلاه من قبيلة أهل بوحبيني في مدح لحريطاني بن مسكه بن سيدي عبداللَّـهْ بن الحاج امحمد بن الحاج أحمد السباعي وذلك من قصيدة طويلة مطلعها:

أَرَبْعًا عَفَتْهُ السَّارِيَاتُ السَّوَاكِبُ ... أَرَبَّتْ بِهِ بَعْدَ الشِّمَالِ الْجَنَائِبُ

إلى أن يقول:

وَأَنَّ جِنَانَ الْجُورِ عَمَّ وَأَصْبَحَتْ ... تُجَابُ بِلَحْرَيْطَانِي مِنْهُ الْغَيَاهِبُ

إلى أن يقول: 

لَقَدْ رَدَّ بِالْوَرْوَارِ دِيـنَ مُحَمَّـدٍ ... أَبِيهِ فَأَمْسَـى وَهْـوَ لِلنَّاسِ ءَائِـبُ

وَمَنْ لَـمْ يُطِعْ زِجَّ الْقَنَاةِ مُشَاغِبًا ... غَـدَا صَدْرُهَا فِي نَحْرِهِ لاَ يُشَاغِبُ

فَصَارَتْ لَدَيْهِ الرُّقْشُ سِلْمًا لِرِجْلِهَا ... وَشَاءُ الْفَلاَ لِلذِّئْبِ هُـنَّ الصَّوَاحِبُ

أَهَذَا هُـوَ الْمَهْدِيُّ نَجْـلُ مُحَمَّدٍ ... أَتَى النَّاسَ أَمْ هَذَا الْمَسِيحُ الْمُرَاقَبُ

عَزِيـزٌ إِذَا حَـلَّ الْعَزِيزُونَ حَوْلَهُ ... بَنُو الْمُصْطَفَـى أَبْنَاءُ حَاجٍ وَطَالِبُ

وَعَبْدَ الَّ وَاحْمَيْدَ الْكِرَامُ وَمَنْ يَكُنْ ... يُعَادِيهُـمُ قِيدَتْ إِلَيْـهِ الْمَقَانِـبُ

وَعَزُّوزُ بَگَّـارُ الْكِرَامُ وَمَا هُـمُ ... إِذَا مَا بَدَتْ تَحْتَ الْعَجَاجِ الْكَوَاكِبُ

وَمَا ذَلَّ مَنْ يَاوِي إِلَى بَابِ سَيِّـدٍ ... تُعَزِّزُهُ سُمْـرُ الْقَنَـا وَالْقَوَاضِـبُ

وَمَا الْمَعْشَـرُ النَّبِّيُّ رَثٌّ سِلاَحُـهُ ... إِذَا جَلَبَتْ حَرْبَ الْمُلُوكِ الْجَوَالِبُ

كَأَنَّ الدُّمَيْسَـاتِ الْكُمَـاةَ حِيَالَـهُ ... ضَرَاغِـمُ مِنْهَـا ثَائِرَاتٌ وَغَائِبُ

إلخ...

وفي ابنه باب بن لحريطاني بن مسكه بن سيدي عبداللَّـهْ بن الحاج امحمد بن الحاج أحمد السباعي يقول من مرثية له:

أَمِنْ دِمْنَةٍ فِي الْوَشْمِ مِنْهَا التَّرَجُّعُ ... سَفَحْتَ جُمَاناً سِلْكُـهُ مُتَقَطِّعُ

وَقَفْتُ بِهَـا مُسْيًا أُسَائِلُ رَبْعَهَا ... وَكَيْفَ تُجِيبُ الصَّبَّ بَيْدَاءُ بَلْقَعُ

إلى أن يقول: 

وَقَدْ هَدَّ رُكْنِي فَقْدُنَا بَابَ هَدَّةً ... لَهَا الْعَيْنُ مِنِّي مُـدَّةَ الدَّهْرِ تَدْمَعُ

وَلَوْ أَنَّهَا حَلَّتْ بِرَضْوَى رَأَيْتَـهُ ... وَصُمُّ رَوَاسِي صَخْرِهِ تَـتَـصَدَّعُ

فَبَعْدَكَ غِيلَ الْمَجْدُ يَا بَابَ كَفُّهُ ... أَشَلُّ وَعِرْنِيـنُ الْمَكَـارِمِ أَجْدَعُ

إلخ...

------------- 

ومن القصيدة الشهيرة لأحد الأدباء الحسنيين وهو محمدن بن محمذن حبيب الله قالها في مدح الشريف محمد الأمين ابن عبد الودود ابن الحاج احمد وذلك عندما نزل عنده ضيفا في منطقة إينشيري والتي مطلعها: 

خَلِيلَيَّ مُرَّا بِي عَلَى الرَّبْعِ مِن جُمْلِ ... فَإِنَّ لَهَا رَبْعًا عَزِيزًا  عَلَى مِثْلِي

إلى أن يقول:

فَبَيْنَا أَنَا أَفْـرِي  بِهَا الْبِيدَ طَالِـبًا ... أَنِيسًا أَرَاهُ فِـي مَجَاهِلِهَـا الْغُفْلِ

تَرَاءَتْ لِعَيْنِي خَيْمَةٌ فِي سَوَادِهَـا ... كَقِطْعَـةِ لَيْلٍ قَدْ أُقِيمَتْ عَلَى  تَلِّ

بَعِيدَةُ مَا بَيْنَ الَجَنَاحَيْـنِ فَخْمَـةٌ ... مُـمَدَّدَةُ الأَطْنَابِ وَارِفَـةُ الظِّلِّ

مُزَيَّنَةٌ بِالْوَشْيِ مِنْ كُـلِّ جَانِـبٍ ... أُجِيدَتْ لَدَى الإِبْرَامِ وَاللَّفِّ وَالْغَزْلِ

فَبَادَرَنِـي  مِنْهَا كَرِيـمٌ مُهَـذَّبٌ ... عَلَى وَجْهِهِ سِيمَا مِنَ الْعِزِّ وَالْفَضْلِ

إلى أن يقول:

فَقُلْتُ لَـهُ بِاللهِ مَنْ أَنْتَ قَـالَ لِي ... لِعَبْدِ الْوَدُودِ  الْجَدِّ أَرْجِعُ فِي جِذْلِي

فَلَمَّـا تَعَارَفْنَـا تَبَـيَّـنْـتُ أَنَّـهُ ... مُحَمَّدْ لَمِينُ الْمُرْتَضَى حَامِلُ الْكَلِّ

إلى أن يقول:

فَيَالَكَ مِنْ شَهْمٍ مُضِيـفٍ عَرَفْتُـهُ ... بِلَيْلَةِ أنْسٍ لَـمْ يُنَـلْ مِثْلُهَـا قَبْلِي 

يُحَدِّثُنِـي وَاللَّيْلُ مُـرْخٍ سُدُولَـهُ ... حَدِيثًا يُسَلِّينِـي وَعَنْ وَطَنِي يُسْلِي

حَدِيثَ شَرِيفٍ طَيِّبِ الأَصْلِ مَاجِدٍ ... كَرِيمِ السَّجَايَـا بَيِّنِ الْفَضْـلِ وَالنُّبْلِ 

فَيَا نِعْمَهُ مِنْ سَيِّـدٍ طَابَ مَحْتِـدًا ... وَلاَ غَرْوَ إِنْ طَابَ امْرُؤٌ طَيِّبُ الأَصْلِ

مُظَاهِـرُ دِرْعَيْ سُؤْدَدٍ وَسَمَـاحَةٍ ... تَرَدَّاهُمَـا فَوْقَ الشَّهَامَـةِ وَالْعَقْـلِ

شُجَاعٌ بِيَوْمِ الْحَرْبِ لَيْـثٌ تَهَابُـهُ ... عِدَاهُ كَمَا تَخْشَى الْقَطَا مَنْظَرَ الْجُدْلِ

لَـهُ عُدَّةٌ  لِلْحَرْبِ لَمْ يُـرَ مِثْلُهَـا ... يَعِـزُّ بِهَا مَنْ كَـانَ فِي الْقَوْمِ ذَا ذُلِّ

لَهُ مِدْفَـعٌ يُصْمِي الظَّلُومَ مُعَـرَّفٌ ... أُعِـدَّ لأَيَّـامِ الْكَرِيهَـةِ وَالْقَـتْـلِ

وَجَعْبَتُـهُ وَالْخِنْجَـرُ اعْتَقَبَـا عَلَى ... حَمَائِلِـهِ كَاللَّيْثِ  يَرْنُـو إِلَى الشِّبْلِ

فَلَيْسَ بِنَـاسٍ مِـنْ دُنَـاهُ نَصِيبَـهُ ... وَلاَ هُوَ عَـنْ أُخْرَاهُ مِنْ ذَاكَ فِي شُغْلِ

مِـنَ الْقَوْمِ مَنْ يُنْمَوْنَ لِلْبَضْعَـةِ التِي ... سَمَـتْ بِأَبِيهَـا وَالْبَنِيـنَ وَبِالْبَعْـلِ

وَقَـدْ صَحَّ هَـذَا عَـنْ عُدُولٍ كَثِيرِةٍ ... كَمَـا صَحَّحُوهُ  بِالْكَرَامَـةِ وَالْبَذْلِ

وَمَـنْ يَكُ لِلْمُخْتَارِ صَـحَّ انْتِسَابُـهُ ... كَفَـاهُ فَخَارًا ذَاكَ حِيـنَ بِـهِ يُدْلِي

مِنَ الْمُكْرِمِينَ الضَّيْفَ حُـمَّالِ كَلـِّهِ ... إِذَا عُدِمَ الأَقْوَاتُ فِي الْمَحْـلِ وَالأَزْلِ

وَمَـنْ يَامَنُ الْجَارُ الْمُضَـافُ لَدَيْهِمُ ... إِذَا ضِيـمَ جِيرَانٌ لَـدَى مَعْشَرٍ عُزْلِ

وَمَـنْ يَشْهَدُ الأَقْتَالُ بِالصَّبْـرِ مِنْهُـمُ ... إِذَا الْحَرْبُ أَبْدَتْ عَنْ نَوَاجِذِهَا الْعُصْلِ 

إلخ...

--------------- 

ومن قصيدة الشريف/ الشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل الشهيرة:

حَيِّ الأَمَاجِدَ مِـنْ آلِ السِّبَاعِ ولاَ ... تَجْهَـلْ فَضَائِلَهُـمْ فَإِنَّهُمْ فُضَلاَ

هُمْ مَنْعَةُ الْجَارِ مَنْ يَنْزِلْ بِسَاحَتِهِمْ ... يَأْمَنْ فَلاَ يَخْتَشِي هَضْماً وَلاَ وَجَلاَ

قَوْمٌ إِذَا حَارَبُـوا مُرـٌّ مَذَاقَتُهُـمْ ... وَإِنْ هُـمُ سَالَمُوا كَانُوا إِذَنْ عَسَلاَ

إلى أن يقول:

سَـلْ عَنْهُـمُ التَّلَّ إِنَّ التَّلَّ يَعْلَمُ مَا ... تُبْدِي وَقَائِعُهُـمْ لِكُـلِّ مَنْ عَقَلاَ

يُخْبِرْكَ أَنَّهُـمُ أُسْـدٌ إِذَا غَضِبُـوا ... وَإِنْ رَضُوا فَهُمُ كَالْغَيْثِ إِنْ هَطَلاَ

إلى أن يقول:

لاَ شَـكَّ أَنَّكُـمُ أَبْنَـاءُ فَاطِمَـةٍ ... بِنْتِ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ الْخَاتِمِ الرُّسُلاَ

----------------- 

وقال محمد بن محمد العلوي في قصيدته الشهيرة الرائعة التي مطلعها:

إِلَى مَ الْهَوَى بَيْنَ الْهَوَاجِسِ قَاسِمِي ... وَأَشْكُو مِطَالَ الْهَمِّ مِنْ أُمِّ قَاسِمِ 

إلى أن يقول:

إِذَا بِحُدَاةِ الرَّكْـبِ تَحْـدُو بِفِتْيَـةٍ ... عَلَى بُزُلٍ مِثْـلِ الْقِسِيِّ سَوَاهِمِ 

إلى أن يقول:

إِلَى حَيْثُ تُلْفَى الْخَيْلُ عِنْدَ جَحَاجِحٍ ... مَدَافِعُهُـمْ عُدَّتْ لِدَفْعِ الْمَظَالِمِ

بَنِي خَيْرِ خَلْقِ اللهِ أَبْنَا أَبِي السِّبَا ... عِ مَا فِي الْوَرَى شِبْهٌ لَكُمْ فيِ المكَارِمِ

لَقَدْ فُزْتُمُ بِالْفَضْـلِ حَيْثُ نُسِبْتُـمُ ... لأَكْرَمِ خَلْـقِ اللهِ بَدْرِ الْعَوَالِـمِ

فُرُوعٌ لأَهْلِ الْبَيْتِ أَنْتُمْ وَهُمْ لَكُـمْ ... دَعَائِمُ صِدْقٍ يَا لَهَـا مِنْ دَعَائِمِ

فَأَنْتُمْ أُولُوا الرَّايَاتِ عِنْدَ لَظَى الْوَغَى ... وَأَنْتُمْ أَوَانَ السِّلْـمِ أَهْلُ الْعَمَائِمِ

حَمَيْتُمْ ثُغُورَ الأَرْضِ طُرًّا بِضَرْبِكُمْ ... رِقَابَ الأَعَادِي بِالسُّيُوفِ الصَّوَارِمِ

أَتَتْكُمْ بُغَاةُ الْغَرْبِ تَهْدِي هُدَاتَهَـا ... قَبَائِلُ مِـنْ أَعْرَابِهَـا وَالأَعَاجِـمِ

فَرَاحُوا بِحَمْـدِ اللهِ لَحْمًا مُمَزَّقًـا ... وَرَاحَتْ بِنَصْـرِ اللهِ أَبْنَاءُ فَاطِـمِ 

إلخ...

وللشعر الشعبي دور أيضا في ذلك المجال:

ومن "الكرزة" الشهيرة- وهي عبارة عن قصيدة من الشعر (الحساني)- لقائلها المرحوم البطل الشهير محمد التروزي، والتي مطلعها:

بِسْمِ اللهْ زَادْ رَانَّ امْسَنْتْيِّينْ ... شِكْرْ أَحْمَدْ سَالِمْ دُونْ تَقْصَارْ    

وُلْ وَخْيَرْتْ مُحَمَّـدْ لَمِينْ ... لَدِيبْ لِكْرِيـمْ لِحْلُ الصَّبَّارْ

وَلْ عَبْدْ الْوَدُودْ بِالتَّعْـيِـنْ ...  ذَاكْ افْشِكْـرُ كَالِّينْ لَفْكَارْ

إلى أن يقول:

وُدَهْرَ اشْرُرَاتْ وَايَّامْ لِعْجِيـنْ ... وُاتْزَيْنِيـنْ لِمْطَـارِگْ أَزَبَّارْ

مَاصَادْهُمْ عَارْ عَيْنْ دَگِتْ افْعَيْنْ ... انْهَارْ امْنَيْـنْ الْعَيْنْ تِحْمَارْ 

ذَاكْ انْهَارْ اعْلَ اعْدُوهُمْ  اشْوَيْنْ ... ذَاكْ يَوْمْ إِنْهَارْ گِصْرَانْ لَعْمَارْ

اعْدُ وهُـمْ بِدَّگْ بِسْكَاكِيـنْ ... وُالتِّسْلاَبْ وُازْضِيـفْ بِالتِّعْمَارْ

بِالْـوَرْوَارْ الِّ اعْـلَ اتْعَايِيـنْ ... اِلِّ مُــلاَهْ مَــاهُ أَفَجَّـارْ

گَالُولِ أَوَا يْـلِ الْمَتْعَدْلِيـنْ ... وُاجْبَرْتْ يَاسِرْ مْنَ اشْهُودْ حِظَّارْ

عَنْهُـمْ كِلْ انْهَارْ مِنْتَصْرِيـنْ ... فيِ الشَّرْ صَايْبِيـنْ فِيهْ لَنْتِصَـارْ 

إلخ...

و قال دمين بن محمدن ابن محمد الباقر من "كرزته" الطويلة الشهيرة في مدح أبناء ابي السباع، والتي مطلعها:

أَدِيبْ ءُخَطِيبْ ءُفَمْنَيْـنْ ... إِحَيَّدْ عَنُّ بَاسْ الْعَيْـنْ 

إلى أن يقول:

تَشْهَدْ گَاعْ اعْلِيهِمْ تُورِينْ ... لِلُّوگَ لِگْلَيْمِيمْ الْـتُـ

ـرَارِينْ الْصَلْحُ فِيهَ الْبَيْـنْ ... ذَاكْ ءُذَاكْ إِلَى تِنْبُكْتُ

إلى أن يقول:

شَرْفَتْ لَقْلُومْ أَ سْيُوفَ الدِّينْ ... أَسُّوهُ إِلَيْنْ اثْبِتْ ثَبْتُ

وُاعْدُوهُـمْ يَوْمْ احْمَارْ الْعَيْنْ ... أَلاَّيَخْلاَوْ ءُيَـشَّـتُّ

وُالْمَرْجَـعْ فِالتَّارِيخَ الْعَيْـنْ ... وِگِتُّ مَا گَطُ انْگَتُّ

زَايِدْهُـمْ فَالْمَجْـدَ الْيَقِيـنْ ... بَاللَّهْ ءُيَاسِرْ مَا گِلْتُ

مُخَصِّيـنْ امْنَ اصْلْ السِّبْطَيْنْ ... عَلِيِّـيـنْ ءُفَاطِمَـةُّ

إلخ...

ومن  كرزة ( أَتْهَيْدِينْ ) محمد الأمين بن بوصبيع الشهيرة والتي مطلعها:   (لبتيت التام)


مِتْوَسَّلْ بَاسْمَكْ يَالسُّبْحَانْ ... وُابْحَقْ أَسَامِيكْ الزَّيْنِيـنْ

إلى أن يقول:

تِنْصِرْ لِسْبَاعْ إِلَيْنْ اتْبَـانْ ... نَصْرِتْهُـمْ لَهْـلْ الثَّقَلَيْـنْ

إلى أن يقول:

الشِّرْفَ لَشْرَافْ الظُّمَّانْ ... أَهْلْ الْمَعْرُوفْ الصُّونِيِّـينْ

إلى أن يقول:

وِيلَجَاتْ اثْمِنْ مِيتْ اعْنَانْ ... دَارِتْهُمْ بِازْرِيفْ اللِّخْزِينْ

تَعْرَفْ عَنْهُمْ مَاهُمْ خِدْمَانْ ... وُاعْلَ دَرْجِتْهُمْ مِنْتِفْسِيـنْ

إلى أن يقول: 

لاَ تِـتْنَگْلاَهُمْ ذَ عَجْلاَنْ ... إِجُوكْ اتْوَاگِينْ اتْوَاگِيـنْ

تَظْهَرْ لِمْغَـمَّ وُالْقُفْطَـانْ ... أَعْكَالَ وُاخْنَاجِـرْ زَيْنِينْ

وُاعْمَايِمْ غِلْظْ افْكِلْ أَلْوَانْ ... تِنْظِرْ لِگْرُونْ الْمَرْشُشِيـنْ

خَيْلْ ادْمِـجْ تِزَّارِگْ تِزَّانْ ... مَدْيُورَ لِصْلاَحْ  اتْعَايِيــنْ

وُوَحْدَ تِتْنَقْرَفْ فِالدِّخَّـانْ ... مَا تَعْرَفْ گَاعْ الشَّوْرْ اعْلَيْنْ

تَحْتْ اسْبَاعِ مَاهُ حَشْمَانْ ... مَسْمُومْ وُگَوْمُ مَسْمُــمِينْ

عَايِشْ بِالْمِسْوَاكْ اثْرُكَـانْ ... وَلَّ كَـاسْ، إِكَـرَّرْ قِفَّيْنْ

فَيْدُ كَافِرْ مَسْبُولْ امْـلاَنْ ... مُغَبَّـنْ وَاشْفَـارُ زَيْنِيـنْ

مَـاهُ مُـدَوَّرْ لِلْغِـزْلاَنْ ... وُلاَهُـمْ بِالْگِـدَّ مَوْسُرِينْ

وقال الشيخ حمادي بن الدمين الجكني (لبتيت التام)

أَوَّلْ شِ جَابْ اثْلاَثِيَـاتْ ... الْقِرْطَاصْ وُرُبَاعِيَـاتْ

الْقِرْطَاصْ وُخُمَاسِيَـاتْ ... الْقِرْطَاصْ الْبِلاَدْ اوْكَارْ

مُورِتَـانْ وُتِنْـبُرْبُزَّاتْ ... الْقِرْطَاصْ وُجَابْ الْوَرْوَارْ

أَوْلاَدْ السِّبَـاعْ الثَّقَّاتْ ... الْكِرْمَ كِـلْ لَيْلَ وُانْهَـارْ 

إلخ..

وُلِّ يَعْرَفْهُـمْ بِالتَّنْزِيـهْ ... وُاعْطَاهُـمْ مَقَـامْ وُوَقَارْ

الشَّيْخْ الْعَالِـمْ سَعْدْ اَبِيهْ ... أَلِّ گَالْ اعْلِيهِـمْ لَشْعَارْ  

قَصِيدَ مَطْلَعْـهَ رَاعِيـهْ ... حَـيِّ الأَمَاجِـدَ لِكْبَـارْ

وله ايضا:

أَوْلاَدْ السِّبَاعْ اغْلَظْ گَاعْ ... وَاكْرَمْ وَطَابِقْ وَوْسَعْ بَاعْ

إلى أن يقول:

وُامْطَالِيعْ الْحَرْبْ الْگَرْگَاعْ ... هُـومَ مُشْعِيل امَّادِيـرُ

وُلِّ يَـوْمْ الْحَرْبْ اللَّيَّـاعْ ... يَنْجَحْ وُاتْمِيلْ اغْفَافِيـرُ

هُومَ وُالْمَجْدْ الْهُـمْ رَصَّاعْ ... دَگْ اوْتَادُ وُامْسَامِـيـرُ

السِّـلاَحْ الزَّيْـنْ الْمَنَّـاعْ ... الْهُمْ اصْلَـنْ بِيهْ إِجِيـرُ

وَرْوَارْ وُثُــلاَثْ وُرُبَـاعْ ... وُاخُمَاسِ زَيْنْ اتْگَرْگِيـرُ

يَـوْمْ اجَّيْشْ إِگَسَّمْ بَاجْزَاعْ ... لِخْوَالِفْ وَقْتْ اتْحَافِيـرُ

سِلاَحْ امْـنَ انْوَاعْ التِّنْـوَاعْ ... مَزَالْ اجْدِيدْ اتْبَنْـتِيـرُ

فِيــهَ الْمُنَيَّـهْ وُالتِّنْسَـاعْ ... وُاسْكَاكِيـنُ وُاخْنَاجِيرُ

وُاجْنَايِـدْ غِرْبَ فَوْگْ ادْرَاعْ ... خَنْجَرْ مِنْ فَـظَّ جَفِيـرُ

وُالْغَزِّ فَوْگْ الْبِـلْ شَعْشَـاعْ ... يِظَّـاوَ مِلْـفُ وُاحْرِيـرُ

هُـوَلِگْبِـيـلْ الِّ ضَيَّـاعْ ... يَوْمْ الشَّرْ اهْجِيجْ امْغِيـرُ

هُـومَ لِگْبِـيـلْ الِّ نَفَّـاعْ ... يَوْمْ الْخَيْرْ امَّوْنَكْ خَيْـرُ

وَالْحُرُّ مَـنْ كَـانَ يُـذَاعْ ... ابْخَيْـرُ مَـرَّ وُ ابْضَيْـرُ

اگْبِيـلْ اللِّغْـوَايَ رَگَّـاعْ ... يَعْطِ بِكْبِيـرُ وُاسْغِـيـرُ


وَانَ گَـاعْ الْغِلْـظْ احْجَلِّ ... عَـنْ رَبِّ زَيَّـنْ تَدْبِيـرُ

دَارُ مُلْـكْ الْكُـمْ بِيـهْ الِّ ... يَعْرَفْ بَـلْ امْنَيْنْ إِدِيـرُ

إلخ..

وقال محمد عبد الرحمن بن الرباني في مدح الأشراف ابناء أبي السباع:  (لبتيت التام) 

دَرْجَتْ مِيمْ ءُكَافْ أفْلاَكْنَافْ ... نَجْعَ اسْبَاعْ ارْتَفْعَتْ بَاصْبَاعْ

نَجْعَ اسْبَاعَ انْظِرْ مِيمْ ءُكَافْ ... بَاصْبَاعَ ارْتَفْعَتْ نَجْعْ اسْبَـاعْ


كَافْ ءُمِيمَ الْمَجْدَ الْعَمِيمْ ... فَلْكَافْ ءُفَالْمِيـمْ التَّعْظِيمْ

بِلْكَافْ ءُفَالْمِيمْ ابْتَعْمِيمْ ... أَحْرُوفَ ارْتِفَـاعَ الشَّفَّـاعْ

فَاتَ ارْفَعْهَا وَارْفَعْ لاَقْلِيمْ ... نَجْعَ اسْبَاعْ الرَّفْعْ الِّ شَـاعْ

شَاعَ امْنِينْ إِگُومَ ارَاتِيـمْ ... لَمْطَارَگْ مَافِيـهَ انْقِطَـاعْ

بَخْشُ گَادِ كِيفَ الْجَحِيمْ ... مَارِگْ مِنُّ فَالجَّـوْ اشْعَـاعْ

يَهْـدِفْ لِلْعَذَابَ الأَلِيـمْ ... يَدْخَلْ نَجْـعْ اسْبَاعْ ابْتِلْيَاعْ

الشَّجْعَانُ ءُيَدْخَلْ مُقِيـمْ ... نَجْعْ اسْبَاعْ اعْلَ وَسْعَ الْبَاعْ

ذِيكْ السَّاعَ لَيْثْ الْعَرِيمْ ... يگْصِفْ عَنْ نَجْعَ اسْبَاعْ اطْبَاعْ 

هَذَ حَگْ ءُلاَفِيهْ اغْشِيـمْ ... حَدْ اشْهُودْ اعْلِيـهْ الْبِقَـاعْ

إلخ..

أخي القارئ العزيز نصل بك إلى نهاية هذه النبذة الوجيزة التي اقتطفناها من أزاهير رياض موسوعة: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، هذه المقتطفات التي تعطي صورة ولو موجزة عن جانب هام من مكانة هذه القبيلة ودورها البارز في مقاومة الاحتلال الأجنبي، والدفاع عن كرامة وأصالة هذا البلد العزيز.

وختاما، نرجو من الله العلي القدير الكريم، الرءوف الرحيم الوهاب الودود، أن يرحم ذلك السلف الصالح، وأن يجعل قبورهم روضة من رياض الجنة، وأن يحشرهم مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

اللهم ارحم جميع أسلافنا، وبارك في أخلافنا، وارض عنا وعن جميع المسلمين رضى لا سخط بعده يا أرحم الراحمين. .

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

---------------- 

المراجع: وكتاب: "لقطات من كتاب اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع"- للمؤلف: أحمد سالم ابن عبد الودود السباعي الإدريسي الحسني الفاطمي- جمعه وحققه محمد البشير ابن عبد الودود،  الطبعة: 2003م مكتبة: ( م. ح. ح.  س ) . 

- وكتاب المزنة الغادية، على مرابع البادية، لمؤلفه الأستاذ محمد الحافظ بن أحمدو. الطبعة: 2001م / مكتبة: ( م.  ح. ح.  س ). 

- وكتاب: درر العقود ووشي البرود، بنشر مآثر محمد الأمين ابن عبد الودود. الجزء الأول. الطبعة: 2000م / مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين  ( م. ح. ح.  س ) .

 - وكتاب: تشنيف الأسماع.. الطبعة: 2000م / مكتبة آل الحاج أحمد السباعيين  ( م. ح. ح.  س ) .

- وكتاب: اللؤلؤ المشاع، في مآثر أبناء أبي السباع، مخطوط ، لمؤلفه: الشريف/ أحمد سالم بن محمد الأمين بن محمد عبد الله بن محمد المصطفى بن عبد الودود... الحسني الإدريسي السباعي.


أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

الماء بشيشاوة


 

حرب شربب

 

حقائق تاريخية تنشر لأول مرة عن ( صنهاجة – حرب شر بب -سقوط إمارة “أَبْدُوكْلْ”)

سبت, 02/06/2021 - 11:54


تعتبر الصحراء الكبرى وطن الامازيغ بامتياز، كل الدلائل والمآثر الدفينة والنقوش الصخرية تعبر عن وجود حضارة امازيغية عريقة في تلك الفيافي العريضة الممتدة. وصلتنا معلومات قليلة جدا عن الماضي السحيق للامازيغ في الصحراء، تبين ملامح عيشهم وأنماط حياتهم قبل ألاف السنين، وان كانت لا تزال مستمرة إلى حد الآن في صحراء الطوارق، إلا أن غياب الوجود الامازيغي اليوم في مساحات شاسعة ومجالات جغرافية كانت بمثابة موطن قبائل أمازيغية عريقة خاصة في دولة موريتانيا الحالية، يطرح علينا أكثر من سؤال حول صيرورة  هذا التحول، من مجال ثقافي أمازيغي في كل شيء، إلى فضاء ثقافي بديل انمحت فيه كليا معالم الامازيغية من لغة وثقافة وسلوك…


إننا ونحن نخوض في هذا النقاش، نعلم مسبقا بصعوبة الحديث عن هذا التحول الذي استهدف البنيات والذهنيات على حد سواء، من وطن كان تحت سيطرة القبائل الامازيغية من “لمتونة” و”مسوفة” و”كدالة” وغيرها كثير، وشكل مهدا لأول امبراطورية أمازيغية عظيمة حكمت الصحراء وبلاد المغرب والأندلس خلال العصر الوسيط، ليصبح اليوم مجالا تسيطر عليه القبائل العربية وتسود فيه لغة “الحسَّانية”، بينما اندثرت وتقهقرت لغة الأصل، لغة الصحراء. فكيف تمت عملية تعريب الإنسان والمجال في الصحراء الغربية الجنوبية- موريتانيا الحالية-؟ هل هذا المسلسل تم بشكل تلقائي أو نتيجة الحرب والعنف والضغط؟ كيف ذابت وانمحت قبائل صنهاجة من الوجود ولم تعد تذكر حتى أسماءها وأعلامها ؟ وكيف تحول اسم “إزناكْن” من اسم لقبائل أمازيغية كثيرة وقوية، إلى مفهوم “قدحي” يوصف به الإنسان الخضوع التابع الفاقد للحرية والشخصية، وأضحت “ازناكة” فئة اجتماعية تنتمي إلى المجتمع السفلي


تاريخيا؛ منذ القرن 17م تغير كل شيء في موريطانيا، حيث يمكن اعتباره نهاية تاريخ الامازيغية في هذا القطر، وبداية سيطرة ونفوذ قبائل حسان من بني معقل، بعد حرب مشهورة تسمى حرب “شُرببَّة” انتصر فيها العرب والعروبة بحدة السيف. وتحولت الصحراء من بلاد صنهاجة إلى بلاد البيضان، الذي يقصد بهم مجازا عرب حسان، وبقدرة قادر تغيرت كل أشكال الثقافة الامازيغية الصحراوية من لباس وموسيقة ولثام وشعر….لتسمى اللباس الحساني والموسيقى الحسانية وقس على ذلك من أنماط العيش والثقافة والسلوك والتفكير


 هذه المقالة ستحاول رصد هذا التحول باختصار، وليس هدفنا حسم موقف معين، وإنما فهم الواقع بالعودة إلى التاريخ. وحتى أننا ننظر إلى المستقبل فلابد من الوعي بضرورة قراءة التاريخ بكل موضوعية، فلا يمكن الحديث عن المثاقفة بدون معرفة وفهم متجدد للثقافات


على سبيل التأصيل : الصحراء وطن صنهاجة


يقول اليعقوبي، الذي عاش خلال أواخر القرن التاسع الميلادي، ” ومن سجلماسة لمن سلك متوجها إلى القبلة يريد أرض السودان… يسير في مفازة وصحراء مقدار خمسين رحلة، ثم يلقاه قوم يقال لهم أنبية من صنهاجة في صحراء ليس قرار شأنهم كلهم أن يتلثموا”؛ ويضيف نفس الرحالة الذي يعتبر من بين المصادر العربية الأولى التي تحدثت عن قبائل صنهاجة بشي من الدقة والتفصيل، حيث أشار إلى رقم إحصائي مهم للغاية يكشف ولو بشكل تقريبي عن عدد سكان صنهاجة في ذلك الوقت، ويقول: “…ويكونون نحو ثلاثمائة ألف بين نوالة وخص …”  أما عن القبائل الصنهاجية فهي كثيرة جدا، ويتفاوت حجمها من قبيلة إلى أخرى، ويذكر المؤرخون بعض أسمائها، كلمتونة وكدالة ومسوفة ومسراتة وتكلاتة ومنداسة وبني وارث وبني مسفير وبني لماس وبني فشتال وتريكة وتاركا ولمطة وجزولة وسرطة وسمسطة……ويشير المؤرخ الناصري إلى  وفرة وكثرة قبائل صنهاجة بالمغرب حيث يقول ” لا يكاد قطر من أقطاره يخلو من بطن من بطونهم في جبل أو بسيط حتى زعم كثير من الناس أنهم ثلث البربر…”، وتجدر الإشارة إلى أن هذه القبائل نزح البعض منها إلى الشمال خلال صعود حركة المرابطين في مراحل متفرقة


وخلال القرن العاشر بعد الميلاد،  ابن حوقل يقول ” ومن المتعزبين الموغلين في البراري صنهاجة أُودَغُستْ…وكان ملك صنهاجة أجمع يقول إنه يلي أمرهم منذ عشرين سنة…” أوردنا هذا النص لابن حوقل، لأنه يشير إلى ما يمكن اعتباره أول تنظيم سياسي أمازيغي في الصحراء قبل ظهور المرابطين تصلنا عنه معلومات ومعطيات مكتوبة، وهي مملكة “اودغوست” التي تقع حاليا في منطقة “أركيز” باقليم الحوض في موريتانيا. وكانت هذه المملكة الامازيغية تحكم سيطرتها على القبائل الصنهاجية المنتشرة في المنطقة، وتتصارع مع ممالك أخرى كثيرة ببلاد السودان. ولم يتحدث الرحالة والكتاب العرب كثيرا عن هذه المملكة الصنهاجية ولا عن سابقاتها، خاصة حول تاريخ نشأتها وخصوصياتها، بحكم أن المنطقة خلال تلك الفترة لم يصلها الإسلام بعد، وهو ما نستشفه من نص “اليعقوبي” في قوله ” غسط وهو واد عامر فيه المنازل وفيه ملك لهم لا دين له ولا شريعة يغزو بلاد السودان وممالكهم كثيرة…”


وحسب المصادر التي تتحدث عن مملكة “أُودَغُسْت”، تشير إلى أن ملوكها كلهم ينتمون إلى قبيلة لمتونة، حيث يقول ابن ابي زرع في هذا الصدد “…وأول ملك منهم بالصحراء يتلوتان بن تلاكاكين الصنهاجي اللمتوني” .  وحسب الباحث “الناني ولد الحسين” فإن الملك تلاكاكين من المحتمل جدا أن يكون توفي سنة 775م


إن وجود أمازيغ صنهاجة وتجدرهم في الصحراء لا غبار عليه، وإن لم نتوفر على المصادر التاريخية قبل دخول الإسلام إلى الصحراء، إلا أن ما وصلنا من نتف وتلميحات في المصادر العربية بعد مرحلة انتشار الإسلام بها، تشير إلى وجود حضارة عميقة وعمران عريق للامازيغ في الصحراء، ويطلق عليهم أسماء متعددة مثل “بلاد الملثمين” “بربر الصحراء”. ويقول بان خلدون في هذا الصدد “هذه الطبقة من صنهاجة هم الملثمون الموطنون بالقفر وراء الرمال الصحراوية بالجنوب، أبعدوا في المجالات منذ دهور قبل الفتح لا يعرف أولها”


أما حسن الوزان المعروف بليون الإفريقي، في حديثه عن صحراء ليبيا، فقد تكلم بشكل صريح ومباشر عن المنطقة الغربية للصحراء، حين سماها  “صحراء صنهاجة” وقد كتبها في الأصل “زناكة” وهو الاسم الامازيغي لهذه القبائل- إزناكن- قبل تعريبها، ويشير الوزان في كتابه القيم وصف افريقيا ” سنبدأ بصحراء صنهاجة فنقول إن هذه الصحراء شديدة الجفاف وعرة، تبتدئ عند المحيط غربا وتمتد شرقا إلى ملاحات تغزة، وتنتهي شمالا في تخوم نوميديا، أي إقليم سوس عند أقا ودرعة، وتسير جنوبا حتى ارض السودان عند مملكتي ولاتة وتمبكتو…”


دخول العرب إلى الصحراء والحرب الأولى: سقوط  إمارة “أَبْدُوكْلْ”


دخول العرب إلى شمال إفريقيا عموما كان في البداية خلال ما يسمى بزمن “الفتوحات” أي في المرحلة الأولى لدخول الإسلام، لكن لم يكن استقرارهم كبيرا بحكم طبيعة الغزوات التي  يقومون بها في بلاد الامازيغ، ويؤكد المؤرخ الناصري هذا بقوله ” إعلم أن أرض افريقية والمغرب لم تكن للعرب بوطن لا في الجاهلية ولا في صدر الاسلام….وإنما كان المغرب وطنا لأمة البربر خاصة ولا يشاركهم فيه غيرهم….ولكن العرب الداخلون إلى ارض المغرب في ذلك العصر إنما كانوا يدخلون غزاة مجاهدين على ظهور خيولهم فيقظون الوطر، ثم ينقلب جمهورهم إلى وطنهم ومقرهم من جزيرة العرب وان بقي القليل منهم…”


بيد أن المؤكد في تاريخ المغرب، هو أن دخول القبائل العربية البدوية كان على عهد الدولة الموحدية خلال حكم عبد المومن وخاصة بعد وصول يعقوب المنصور إلى دفة الحكم،  الذي نقل وهجر الكثير من هذه القبائل من افريقية (تونس الحالية) إلى المغرب الأقصى وذلك سنة 1188م. وقد تميز دخول وانتشار العرب في المغرب بعدة مراحل، لا تهمنا فيها إلا المرحلة الأخيرة التي عرفت دخول القبائل المعقلية وانتشارها في الجنوب الشرقي إلى حدود سوس ودرعة في أواخر عصر الموحدين، وتوغلت في الجنوب الغربي مع نهاية القرن 13م


من الصعب جدا معرفة تاريخ وتفاصيل نزوح العرب نحو الصحراء، لأسباب تعود بالأساس إلى نمط التحرك وانتقال هذه القبائل التي تعيش على النهب والسبي والفوضى، وقد أشار ابن خلدون إلى أن عرب معقل كانوا في عهده أوفر قبائل العرب ومواطنهم بقفار المغرب الأقصى، ويقول ” مواطن ذوي حسان من درعة إلى البحر المحيط وينزل شيخهم بلاد نول قاعدة السوس فيستولون على السوس الأقصى وما إليه وينتجعون كلهم في الرمال إلى مواطن الملثمين من كدالة ومسوفة ولمتونة”.  كما توجد بعض المعطيات سابقة عن فترة ابن خلدون التي تدل على أن هذه القبائل كانت تجوب مناطق جنوب سوس. أما حسن الوزان فقد أوفدنا بتوطين مركز لهذه القبائل حين يتحدث عن عرب معقل، ” …تساكن دليم الصنهاجيين الافريقيين في صحراء ليبيا، وليست لهم قيادة ولا يتقاضون أي أجر، فهم لذلك صعاليك ولصوص…كثيرا ما يأتون إلى درعة ليستبدلوا بمواشيهم التمر…يبلغ عددهم عشرة الاف رجل…” ويستطرد الوزان ” تقطن الاوداية الصحاري الواقعة بين ودان وولاتة…ولا يكاد يحصى عددهم، ويقدر المقاتلون منهم بسبعين ألف رجل ..”


لكن السؤال الذي يهمنا في هذا المقام،  هو كيف دخل هؤلاء البدو العرب المقاتلون الذين يعيشون بالسيف والغزو إلى  بلاد صنهاجة؟


يؤكد جل الباحثين في تاريخ موريتانيا، أنه بعد سقوط المرابطون في شمال المغرب، استمرت كيانات سياسية تابعة لهم في بلاد صنهاجة بزعامة إمارات سياسية صنهاجية، لا يسع المجال إلى ذكرها والحديث عن حيثياتها، إلا أننا سنشير إلى واحدة منها وهي التي كانت تتحكم في موازين القوى في جنوب غرب الصحراء، ويتعلق الأمر، بإمارة “أبْدُوكْل ” اللمتونية، وتعني كلمة “أبدوكل” بالامازيغية الصنهاجية، التجمع، والتداخل والتحالف، وهي جدر من كلمة مازالت معروفة ومنتشرة في جميع مناطق شمال افريقيا الحالية، وهي “تيدوكلا”. وهذا ما يوحي على أن هذه الإمارة هي عبارة عن تحالف سياسي ناتج عن تجمع لعدة قبائل ومجموعات سياسية. وحسب الباحث “حماه الله ولد السالم” فإن مجال إمارة “أبدوكل” كان يشمل الساقية الحمراء شمالا إلى تخوم أدْرَارْ الحالي المتاخم للمجال الخاضع للممالك السودانية. وسنح لهم هذا الموقع بمراقبة الطريق التجاري الرئيسي والاستراتيجي في ذلك الإبان، الرابط بين وادي درعة وبلاد السودان حتى أواخر القرن الرابع عشر الميلادي


واشتهرت هذه الإمارة السياسية بمواجهتها ومقاومتها للزحف الحساني الأول الجارف والغازي للصحراء، وخاضت معهم حربا ضروسا وطويلة الأمد،  خاصة في مناطق “إكيدي” الواقعة شمال أدرار. حروب أثرت بشكل كبير على قوة دولة “أبدوكل” بسبب تغيير الطريق التجارية نحو الشرق عبر منطقة توات مما جعل الضعف يدب في مداخليها الاقتصادية التي كانت عبارة بالأساس عن ضرائب تجارية، وتراجعت قوتها السياسية والحربية، الأمر الذي استغله عرب حسان خاصة، بعد أن تحالف معهم الشيخ “سيدي محمد الكنتي” ضدا على أخواله اللمتونيين. وجاء في الرسالة الغلاوية “لسيدي محمد الخليفة الكنتي” الذي توفي سنة 1826، وهو يتحدث عن تحالف جده مع قبائل حسان ضد صنهاجة أبدوكل” …واستوطنها بمن معه من تلامذة…محترما مكرما معظما عند سائر دولة المرابطين من لمتونة وبني حسان مقدما عليهم محكما فيهم….إلى أن جرى القضاء بأمر غاظه على أخواله أبدوكل، وهم يومئذ متغلبون على الصحراء …فارتحل عنهم غاضبا لهم، فورد عليه غزو من أولاد الناصر….وتألب إفناء حسان بمن إنضاف إليهم فصبحوا لمتونة وهم غارون….فهزموهم هزمة لم تبق منهم على مجتمع….وضربوا حسان على رقابها المغارم…”. يقصد بدولة المرابطين من لمتونة إمارة أبدوكل، وهذا ما يعطينا دليلا على أن هذه الإمارة هي استمرارية سياسية لدولة المرابطين المعروفة.( انظر المزيد في  الرسالة الغلاوية لسيدي الخليفية محمد الكنتي، تحقيق حماه الله ولد السالم)


وقد دامت هذه الحرب الأولى بين عرب حسان وأمازيغ الصحراء ما يزيد عن 20 سنة بين كر وفر، وقدرها الباحث حماه الله ولد السالم ما بين سنة 800 و830 هجرية، أي مع  بداية القرن 15م. وأسفرت عن نتائج قاسية ووخيمة على مستقبل صنهاجة حيث فُرضت عليهم المغارم وحظر السلاح وسيطرة بني حسان على كل قبائل لمتونة وعلى المجالات الحيوية، كما فتح هذا الانتصار الطريق أمام حسان خاصة أولاد الناصر للتوسع والهجوم على مناطق أخرى. وبدأت بذلك العمليات الأولى لفرض التعريب اللغوي والنسبي وانتشار الثقافة العربية التي كانت ايدلوجيية القبائل الحسانية المنتصرة التي بسطت قوتها السياسية والحربية…


لكن مع ذلك مازال أمازيغ صنهاجة يتحركون في مجالات متاخمة ودخلوا في مرحلة الكمون والانكماش الداخلي إلى حدود القرن السابع عشر حيث انفجرت حرب خطيرة أشد بأسا عن الحرب الأولى، تكبد فيها الامازيغ هزيمة ثانية وأخيرة ليدخلوا مرحلة الاضمحلال والتلاشي النهائي….


حرب شُرْبُبَّة ونهاية الامازيغية بموريتانيا


يذهب رأي جميع الباحثين في تاريخ الصحراء الغربية وموريتانيا تحديدا، الأجانب منهم أو المحليين على أن حرب “شُرْبُبَّة” شكلت منعطفا حاسما في التاريخ الحديث لهذه المناطق، إنها الحرب التي تحطمت فيها كل أحلام الامازيغ- صنهاجة- الملثمين في الانعتاق وبلورة مشاريع سياسية وحدوية قوية على شاكلة النموذج المرابطي. اندلعت هذه الحرب ما بين 1671 و1677م، بين قبائل صنهاجة المعروفة بالزوايا، وقبائل عرب حسان بزعامة المغافرة


في سياق إعادة تجميع قوى قبائل صنهاجة المفككة والموزعة اثر الزحف الحساني وغزواته على القبائل، تشكل حلف سياسي بين خمس رجال ثقاة، إسمه تْشَمْشَة- شمش- سْمُّوسْ- أي خمسة باللغة الامازيغية الصنهاجية؛ وينتمون إلى قبيلة “مدلش”، هذا التحالف الكونفيدرالي تأسس في وسط يهيمن عليه الظلم والعنف والجور الممارس من قبل مجموعات القبائل العربية المحاربة، مما جعله يتحول إلى نواة حركية دينية إصلاحية بديلة تمتح نفس أسلوب وخطاب الإرث المرابطي الأول  الذي أسسه “عبدالله ابن ياسين” وسط قبيلة لمتونة، هذه الحركة المعروفة في الاسطوغرافية المحلية بحركة “ناصر الدين” شكلت آخر حلقة من مسلسل المشاريع السياسية والدينية الامازيغية في جنوب الصحراء الغربية. ويقول محمد اليدالي الذي ترك لنا نصا تاريخيا مهما عن هذه الحركة، عاش ما بين 1685م و 1753، في هوية هذا التحالف ” أنتم جماعة تشمشة قدوة الزوايا قديما وحديثا، وأسوة لها يقتدون بكم في كل أمر”


في البداية خرج “ناصر الدين” الذي كان يسمى “أوبك”، إلى الناس يدعو إلى الزهد والتوبة والإصلاح الأخلاقي بدون خطاب سياسي، وبعد أن تكتل والتف الناس حوله بدأ في إعلان الخطوط العريضة لمشروعه السياسي، وتحولت بذلك البيعة والطاعة الروحية إلى بيعة سياسية صريحة، أسس أمارة وعين وزراء وقضاة كلهم من تشمشة. وقاد بصحبة جيشه وأنصاره عمليات التوسع نحو الجنوب على ضفاف نهر السينغال، معلنا الجهاد في سبيل الله، وحقق انتصارات مهمة وكثيرة


وخوفا من نجاح وصعود حركته السياسية والدعوية، قام عرب حسان بقيادة المغافرة، بالهجوم على إمارة تشمشة الصنهاجية، مما أدى إلى تأجيج الحرب بين الطرفين، ويقول اليدالي” ثم ائتمرت الطلبة بينهم وتشاورا ماذا يفعلون لما أغارت المغافرة، فكان أول من تكلم منهم الفاضل ابن ابي الفاضل البوحسني. فقال : أيها الناس، جمعوا على الإمام العادل من الجنود ما يوجب عليكم قتال هؤلاء المحاربين البغاة الطغاة لما أبوا إلا ذلك، قيل أنهم بلغوا اثنى عشر ألفا”


إن هذا النص يبين بجلاء أن هذه الحرب كانت بين القبائل العربية الحسانية وحلف تشمشة، وهي هجوم بدأه المغافرة من اجل قطع الطريق على إمارة امازيغية صاعدة، ويدل وصف اليدالي الذي ينتمي إلى تشمشة، الذي نعت المغافرة بالبغاة والطغاة، على أن خلفيات الصراع كانت قديمة وسابقة للحظة تأسيس الحركة السياسية، سيما وأن  قبائل صنهاجة كانت تعيش تحت ضغط وعنف مستمر من لدن قبائل حسان. وتعتبر هذه الحركة بمثابة انتفاضة على وضع قائم بقوة السيف والنهب


لن ندخل في تفاصيل حرب “شُرْبُبَّة” ومراحلها التي دامت حوالي 7 سنوات، وبعد سقوط زعيمها الروحي والسياسي ناصر الدين في معركة “ترسلاس” سنة 1674، بدأ حلف تشمشة في مسلسل  الهزائم والنكوص، انتهى بهزيمة تشمشة في معركة “تين افداد” وانتصار المغافرة. محمد اليدالي شرح لنا أسباب الهزيمة بكل وضوح: “وغلب المغافرة لهم بقضاء الله وقدره. ولكن كل شيء له سبب، ومن أسباب غلبهم لهم أن المغافرة أدرى بهم بالمحاربة وخدمة الشر والكيد والتدبير، وعندهم من المكر ما لا تطيقه الطلبة، لأنهم نشأوا في الحرب وتدربوا عليها، والطلبة خانهم سوء التدبير واختلال السياسة وعدم التدريب على كيد الحرب ومكرها.


قيل الكثير عن هذه الحرب المفصلية، وأنجزت حولها بحوث جامعية في موريتانيا وخارجها، وكتب عنها الأجانب في بداية القرن العشرين الشيئ الكثير، هناك من يقول أنها حرب اقتصادية صرفة وسياسية بين القبائل العربية النازحة والقبائل الأصلية الصنهاجية، كما تذهب دراسات أخرى إلى اعتبارها حرب عرقية بين العرب والامازيغ. ونحن نقيس هذه الحرب ونحكم عليها بنتائجها التي كان أساسها انتصار العرب وانتشار العروبة، مقابل اندحار الامازيغ و موت الامازيغية، ومن بين نتائج الحرب


فرار وتشتت القبائل الامازيغية وتوزعها في الصحراء خوفا من الانتقام وبطش المحاربين المنتصرين؛


دخول القبائل الامازيغية المنهزمة تحت سيطرة قبائل العربية الحسانية، وفرضت عليهم المغارم والضرائب والخدمة، واجبروا على ترك السلاح نهائيا والتفرغ للجانب الديني؛


توطيد سلطة عرب حسان السياسية والاقتصادية بتأسيس إمارات سياسية منها الترارزة والبراكنة؛


تكثيف التعريب والتَّعرُّبْ، داخل المجتمع وفي التدريس والفضاءات العامة والحياة الثقافية، وظهور تغييرات ومراجعات في شجرات النسب، حيث عمل العديد من أبناء صنهاجة إلى ربط نسبهم بالعروبة وبالأصول الشريفية؛


إرغام القبائل الصنهاجية على استعمال الحسانية في التداول اليومي، وفرضوا عليهم ترك لغتهم الأصلية، وذلك ما يجعل “الحسانية” تحتوي الكثير من المفردات والتعبيرات الامازيغية، بعد مسار طويل من الاحتواء


ظهور نظام تراتبي جديد خطير ورهيب، جعل من أمازيغ صنهاجة، فئة اجتماعية تسمى ازناكة، وهي فئة قريبة من العبيد يستغلها عرب حسان، و فئة ازناكة تعني المنهزم الخادم التابع لسلطة المنتصر، يقول “رحال بوبريك” عن هذه فئة ازناكة ” الغارمون وهم الفئة التابعة والتي ينحدر معظم مكوناتها من القبائل الصنهاجية التي انهزمت في مواجهة بني حسان… وشكلت هذه الفئة ثروة حسان الرئيسية، فكل واحد يعرف أصحابه فمن كان أكثر أصحابا كان أعظم ثروة.. وهم يتبايعون في الأصحاب…”


هكذا أصبح الإنسان الصنهاجي- أزناك، من فترة كان خلالها أبناء صنهاجة أسياد الصحراء وملوكها يحكمون مجموع الصحراء الغربية وبلاد المغرب والأندلس، إلى مرحلة أصبحوا فيها شبه عبيد محكوم عليهم بالخدمة الدائمة والطاعة بسبب انهزامهم في حرب أمام عرب حسان.


هذا هو مسار تعريب أمازيغ صنهاجة الصحراء، وتفكك دولهم السياسية واضمحلال قبائلهم، من إمارة أبدوكل” إلى حلف “تشمشة”. وبعد حرب “شُرْبُبَّة” في أواخر القرن 17م، دخلت منطقة غرب الصحراء في حركة تعريب شاملة وسريعة…تلاشت فيها اللغة الامازيغية بسرعة، ولم يتبق من لسان صنهاجة إلا بعض كلمات قليلة جدا عبارة عن أسماء أماكن منتشرة على رمال الصحراء وكتبانها…. 


عبدالله بوشطارت


المراجع والمصادر


اليعقوبي احمد، كتاب البلدان، المكتبة الحيدرية 1953


ابن حوقل، صورة الارض، دار مكتبة الحياة، 1979


ابن أبي زرع الفاسي، الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، دار المنصور للطباعة والوراقة، 1973


ابن خلدون عبدالرحمان، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم ومن عاصرهم من السلطان الأكبر، دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر، 1963


حسن بن محمد الوزان، وصف افريقيا، ترجمة محمد حجي، محمد الأخضر، دار الغرب الاسلامي 1983


احمد ابن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الاقصى، دار الكتب العلمية، 2010


محمد اليدالي، نصوص من التاريخ الموريتاني، تحقيق محمد ولد باباه، بيت الحكمة، قرطاج 1990


 الناني ولد الحسين، صحراء الملثمين،دراسة لتاريخ موريتانيا وتفاعلها مع محيطها الاقليمي خلال العصر الوسيط، دار المدار الاسلامي 2007


سيدي محمد الخليفة الكنتي الرسالة الغلاوية، تحقيق ودراسة حماه الله ولد السالم، منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه، ع 26، 2007


    الشيخ موسى كمرا، تاريخ قبائل البيضان، تحقيق حماه الله ولد السالم، 2009


    رحال بوبريك، دراسات صحراوية، دار أبي رقراق للطباعة والنشر, ط 2 2008


موقع: تيفسا بريس