الجمعة، 27 يناير 2023

تحميل كتاب نيل الاوطار

 https://drive.google.com/file/d/0B2IQ4JOn8y38ejc1TDJBTWlQRFE/view?resourcekey=0-j3uSo4FvSDLJFECgsBj3MQ

كتاب نيل الأ,طار في الغامض من الحروب والأخبار

 

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب نيل الأ,طار في الغامض من الحروب والأخبار

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين وعلى آله الغر المحجّلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد؛ فقول الفقير الذليل الراجي لعفو ربه المعبود عبد الودود بن احمد مولود الشمسدي الأطاري نسبة رزقه الله في الدارين مطلبه هذه ورفات تنبئ عن غامض ما خفي على العوام من أخبار الخفي من أصول أبناء شمس الدين الأعلام لينتبه الغبي الطاعن في أصلهم ونسبهم ويترجى المعاند لهم منجميع عدوهم وأضيف إلى ذلك ما في مقدوري من أخبار هذه البلاد وأول فتحها وطرد الأعاجم منها ونذكر أول من سكنها من العرب وأذكر فيه نزول شمس الدين وولده أحمد في الباطن من آدرار ومجاوريهم من أديشل وغيهرم ممن سنذكره عند سرد الأخبار وما حملني عليه إلا إظهار المقام الشريف وذريته ليترجى عنهم كل حاد يحيق واعتمادي على هذا ذكر على أسلافنا الذين يتوارثون نص جيل بعد جيل وقرن بعد قرن إلا أن الناس هنا من شدة السيبة والتحاسد لا يذيعون من الأخبار إلا الطعن في الأنساب وذم من حصر من الأجلاء ومن غاب فإن رأى حسنة دفنها وإن رأى سيئة أذاعها، وهذا أوان الشروع في المقصود جعله الله تعالى خالصا لوجهه المعبود.

اعلم وفقني الله وإياك إن كتب التاريخ التي ملأت من الأخبار التي لا تدخل تحت حصر أسسوها على ضبط الأخبار ممن قبلهم جيل بعد جيل وقرن بعد قرن فكل صنف من علوم الشريعة قامت به طائفة من هذه الأمة واشتغلت به فأهل الحديث اشتغلوا بعلم رواته وضبطه وتصحيحه، وأهل القرآن اشتغلت طائفة منهم بحفظه وتدريسه وتجويده وتفسيره، وعلم الفقه اشتغلت طائفة به واجتهدت في استخراجه بعلم العربية التي هي أصل الأصول ومنبت الفروع وعلم النحو كذلك حتى لم يبق في فن إلا استخرجوه منعلم العربية ولم يبق فن إلا وساغ لهم استخراجه منها إلا علم التاريخ لم يجدوا له وسيلة تمزجه مع العربية ولم يترتب عليه كبير شيء من علم الشريعة ونظروا فيه فإذا هو من باب الإخبار بالأمور مجمل المؤلفين له على الصدق فصار يكتبون من محفوظاتهم ما تحصل عندهم من الخبر ولم يتكلفوا بالإشهاد على ما نقلوه ومن نظر في الوافدي وابن الأثير وابن خلكان والكلاع وعيون الأثر والاستيعاب لابن عبد البر والإصابة للعسقلاني في علم الصحابة وبدائع الزهور في وقائع الدهور وحماد للبدوي والاستقصا في فتح المغرب الأقصى وما لا يعد كثرة من كتب التواريخ وكتب السير يعلم صدق ذلك، ومع ذلك أن هذه الأمة أمة لا تحسب ولا تكتب كما أخبر به نبينا صلى الله عليه وسلم وخصهم الله من بين خلقه بالحفظ عن ظهر قلب ولم ينل ذلك أحد من الأمم وقد قال ابن الخطيب في فضل علم التاريخ: وبعد فالتاريخ والأخبار فيها لعقل العاقل اختبار، وفيه للمتبصر استبصار كيف أتى القوم وكيف ساروا واعلم أن بلاد التكرور التي هي من تينبكتو إلى كيهيدي ومن الساقية الحمراء إلى كيهيدي وإلى اندر ويعبر عنها بشخيط إذ موضعه هو الذي اجتمعت فيه العرب بعد رجوعهم من الجهاد وتفرقوا منه فاشتهر بذلك الاسم والاسم العام لعامة البلاد هو بلاد التكرور ولم يكن فيها ملك مطاع أبدا وإنما كانت سائبة لبعدها من أهل الملك إذ أصل الملك في الناس للروم والفرس ولم يزل الملك لهم حتى بعث الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وجاهد في الله حق جهاده وأسس الدين القويم ثم قام بالأمر بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي وبعدهم رجعت العرب لحالة الفوضى ولم يزل فيهم مجاهد لكن ملكهم ليس كملوك الروم في اتحاد الكلمة وليست طاعتهم لهم كطاعة قوم ملوك الروم لهم بعد الخلفاء، واعلم أن أثر بلاد التاريخ عندالمؤرخين بلاد مراكش وربما بلغ سوس الأقصى ويجعلون الساقية الحمرا كأنها أقصى معمور في الأرض حتى أنهم يقولون لفاس المغرب الأقصى ويقولون "فاس ما كبلت الناس". واعلم أن آخر من مات من الصحابة في الجهاد عقبة بن عامر مات في سوس الأقصى وانزاحت العرب من بلاد الحجاز والشام ومصر والصعيد إلى بلاد المغرب يطلبون الجهاد في المغرب، وكانت عامرة من السوادين وقام بالأمر بعد عقبة بن عامر أبوبكر بن عامر وتتابعت جيوش العرب معه قاصدين جهاد السوادين الذين جلهم يعبدون النار، ولم يزل أبوبكر يفتح البلاد على الطول والعرض إلى أن بلغ أرض آدرار وكان راكنا عند الساقية الحمراء، فلما بلغ بالفتح "أزفا" التي هي أعظم ما في المغرب وأحصنه انكسرت جيوشه ولم يزل يغزو لها وهي تكسر جيشه إلى أن لقي بعض الأولياء وشاوره وشكى إليه مما حل به فأشار إليه بأن يأخذ وليا كاملا ويجعله في مقدمة عسكره وغيّر له الشيخ الحضرمي وكان ذلك الولي من بلاد حضرموت - وهو من الخمل فيما بلغني – وأخذ معه اثنين وليّين لم نعلم اسميهما، ورجع قاصدا آدرار وكان من قضاء الله أن الشيخ الحضرمي جاء بمن معه على طريق تجنين وكان من معهم من العساكر والوليين الذين معلم جاءوا على طريق وادان فلما بلغ الحضرمي ومن معه تجنين كوشف له أن الدوّ لهم فتاة تبصر من نحو يومين فأمر العسكر بأن يقطع كل رجل منه عصنا من الشجر يجعله على رأسه فلما نظرت الفتاة وهي واقفة على طارف جول قالت لقومها أنها رأت الشجر راحلا فاشتغلوا بسد طرق فم جول([1]) بالصخور فلما جاء العسكر هتك البناء ولم يزالوا سائرين إلى القرية واشتد الحرب بين الفريقين وكان الشيخ الولي إذ ذاك جالسا إذ رماه شيخ من أه القرية بنبل فاستشهد رضي الله عوه ووقع ذلك للوليين اللذين جاءا بعسكرهما على طريق وادان، فلما طار دم الأولياء على الأرض ألقى الله الرعب والهزيمة على كل من عليها من الأعاجم وتفرقت الجيوش يفتحون في بلاد السودان حتى بلغوا البحور فقطعوها وبقيت الأرض للعرب وما وراء البحر للسودان، وأما ما رأينا من النقل فأصحه ما عزي للمختار ابن أحمد بن الأمين الشمسدي المنوري وكان من المعمرين أنه في قافلة تريد الزرع في كيهيدي عند شيخ كبير حازما بل ماسكا جفونه من الكير من لكور فسل الشيخ المذكور المختار عن أرضه التي سافر منها وعن وطنه فقال له إنه من أهل آدرار فسأله عن مواضع في آدرار منها اكديس ويغرف واتويرزم و.... وبير عند تنامسن كل ذلك بصفة يصفه له حتى كأنه مشاهد له بأماراته له فقال تلك أرضنا ووطننا قبل، وقد شاهدنا أثرا لسكنى من أزوكي إلى لكرب مع عرض تيرس وطولها وأرض تيجريت فإذا هي كانت عامرة من أثر السكنى والآباء والحجارة المنحوتة والعظام الرميمة والقدور كان سكانها قبل أهل بقر وحدثني من أثق به أن الرجل كان يسافر بالبقرة من الساقية الحمراء إلى كيهيد لم يبت في الخلاء ولم تعطش بقرته من كثرة السودان، واعلم أن المؤرخين كانوا يقولون الساقية الحمراء كأنها أقصى معمور في الأرض حتى قيل إن عقبة بن عامر نزلها ونزل بشاطئ البحر مما يقابلها وقال لو علمت أن هناك من يعبد غير الله لعبرت عليه هذا البحر، وأشار بيده إلى البحر، فلما غزا هذه البلاد أوبكر بن عامر وعلم أن فيها لسودان التي تعبد غير الله اشتغل بجهادهم، وهم عند جيوش العرب كالوحوش ولم يجد في عامة ةالأرض أخطر من قرية أزفا التي تشابه الأمصار لكونها فيها أثر البناء ومكانها حصين وفيها أثر البناء بناء الجير وأثر قلعة قوية هي التي أثرت في جيوشه ومتى فارقها لم يلبث حتى مات عند أم لعويتكات في تكانت وسار العسكر إلى بجدور الذي هو كيهيد وبلغني من أهل الخبرة بالأخبار الماضية أن أهل أزفا نصارى ولم أعلم من أي النصارى إلا أن بعض أهل الخبرة يظن أنهم إسبانيون و الله أعلم.

ولما تفرقت العرب في البلاد رجعت إلى أصلها الذي هو السيبة وقلت فيهم العلماء الذين هم أهل التاريخ في بلاد المشرق، وفي بلاد المغرب، ومكثت العرب زمنا طويلا وهم أهل سلاح فلما نظر الذين هم أهل العلم لم يسعهم حمل السلاح لكونهم لم يجدوا جهادا مباحا ولم يصلحوا للحرابة التي هي الغالب من عمل أهل السلاح وضعوا السلاح لذلك الموجب وعملوا بتحصيل درهم لمعاشهم وحسنة لمعادهم كما هو الحق قال ابن بون:

الحقُّ سعيٌ في المعاشِ البادِي

 

حِلٌّ وفي حَسَنَةِ الْـمَعَادِ

ولم يزالوا مشتغلين بدينهم ومن لم يتمكن منهم من إقامة دينه من أجل ظلم العرب له اختار المدارات وحمل الوظائف من القتال مع العرب فصل في ذكر نسب شمس الدين وأول نزول ذريته للباطن من آدرار، أما نسبه فهو ما ذكره من مضى يحفظ النسب ونقله بالضبط عن جيل بعد جيل وقرن بعد قرن، ولم يزالوا يتداولونه أهل ذلك الفن فقال أعلم أني لما كثر علي الطعن في نسب أبناء شمس الدين ممن بإزائهم من الحيران العاصين المانعين لجميع حقوقهم عليهم من تحليهم والهدية لهم وجعلوا مكان ذلك سيئا لهم الدائم بالليل والنهار ولم يرضوا منهم من النوازل بغير الإكثار فلا مكافات من الزوايا والعرب سوى القذف وإدامة السب مع أن الله تعالى أطلعني على صحة نسبهم إلى الشرف وأنهم خير سلف وخير خلف أدركتني الحمية إلى إبراز ما كمن من حقيقة ذلك النسب سائلا من الله التوفيق وهو المسؤول في كل أرب. فاعلم أنه لا يكذب في النسب إلا من ثبت عنده أنه كذب وزور وإلا فالمكذب فيه في ظلمة وغرور لأنه واحد من ثلاثة إما درى أصل يريد استنقاص الناس حرصا على المساواة ويكفي من شره ما حمله من الإثم وكثرة السيئات، قال تعالى: ﴿يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم إلخ، ورجل ذو نسب يخاف من مساواة الناس معه في الشرف وبيس ما اشتغل به من المكيدة والحرف، قال تعالى: ﴿أم يحسدون الناس على ما آتاهم الهل من فضله ورجل سمع قولا فتحدث أن يتحقق وخاض مع الخائضين قبل أن يتوثق وقد قال صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء إثما أن يتحدث بكل ما سمع" وفي اللطائف أن مالكا كان يقول: "من تحدث بما سمع قبل أن يتحقق فهو كذاب"، وفي الحكم من شيم المتقين الصبر لليقين، والطاعن في النسب إما مرتكب كبيرة أو كبيرتين أو ثلاثا فإن كان مما لا يسيء المطعون فيه فهو كبيرة، قال تعالى: ﴿تحسبونه هينا وهو عند الله عظيم وإن كان يسيئه فهو كذب، وغيبة وكفى بها أيضا من كبيرة قذرة لتضمنها القذارة ورذالة صاحبها مع ارتكب من الإثم، قال تعالى: ﴿ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه وإن تضمن نفيا عن نسب فهو قذف معهما وتلك أشأم وأفظع وأعظم لجمعها طرد الدنيا والآخرة والوعيد العظيم، قال تعالى: ﴿والذي يرمون المحصنات الغافلات المومنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم هذا في المحصنات وحدهن فما ظنك بالمصنين معهم إذ أدنى الأمر أن يكونوا للذكر مثل حظ الأنثيين.

وبالجملة فالطعن في النسب إن كان عن علم صحيح أو وجدان فصيح فلا بأس به إن كان فيما يعني وغلا فالخوض فيما لا يغني مما يعني أي يتعب، ومثال ما يعني من رد الباطل بالحق البحث عن نسب ميت له مال عند جر ميراث أو دفعه أو حضور في منفعة أو مرجع حبس أو وقف أو إمامة كبرى أو صغرى فما الذي يحملك أيها الطاعن في نسب كتبه عالم عادل أو لم تعلم أن النسب يثبت بقول الرجل أنا من الفلانيين أو القطر الفلاني كما في تحلية المقالة على الرسالة عند قول المصنف: "ومن نفا رجلا عن نسبه حد" ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه وفد أو أخره أنه من الفلانيين صدقه على قوله وكثيرا ما كان بل دائما إذا لقي الرجل سأله عن اسمه واسم أبيه فإذا أخبر به دعاه باسمه واسم أبيه تصديقا له وتقريرا لما قاله وفي كتاب العتاب للطاعن في الأنساب الإمام السيوطي اعلم أن الإمام مالكا روي عنه أنه قال بعد قوله صلى الله عليه وسلم: الناس مصدقون في أنسابهم ما لم يدعوا الشرف" وروى عنه "ولو ادعوا الشرف" فإن كان القول الأول فالمعنى أن الانتساب إليه صلى الله عليه وسلم لا يثبت إلا ببينة أو شهادة سماع بشرط أن لا يكون المنتسب إليه صلى الله عليه وسلم يريد الهدية عند الناس لحصول التهمة فيه، وإن لم يرد الهدية عند الناس فهو مصدق فيه كغيره وإن كان القول الأخير فهو للصواب عندي أقرب لأن الأنساب لا تملك إلا بالحيازة كالأملاك، فمن وجدنا بيده مالا قد حازه فلا يجوز لنا أن ننزعه منه حتى نثبت ملكه، كذلك من وجدنا بيده نسبا قد حازه فلا يجوز لنا أن ننزعه منه، وقول الإمام السيوطي يوافقه قول الإمام الشعراني في الكبريت فإنه قال: "حيث وقع الانتساب إليه صلى الله عليه وسلم يجب توقيره وتعظيمه والهدية له ولا يضره طعن الطاعنين فيه ولا يجوز لنا التعرض له بالتفتيش عن نسبه لأن الناس مصدقون في أنسابهم" انتهى.

وقال ابن سلمون: شهادة السماع في النسب كافية وكذلك قال ابن فرحون في تبصرته، وقد عد الشيخ سيد المختار أفخاذا الشرفاء وارتحالهم من زمن الملوك إلا دراسة إلى زمنهم في سجلماسه إلى دخولهم ينبكت إلى تشتيتهم في البلاد بعد ذلك فعدم أفخاذهم أبناء شمس الدين وتنواجيو وآل اجيه المختار، وأبناء الطالب عبد الفتاح وابناء الرسول وغير وغير وقال في تأليفه أنه لقي سيد يحيى جد شمس الدين في الغيب فسأله عن سبب إخفاء أبنائه شرفهم فقال له لما تقاتل العلويون والإدريسيون ووقع بينهم من القتل ما وقع أخفى أبناؤنا شرفهم حتى رد الله لهم الكرة فأظهروه انتهى باختصار ولو أرسلت القلم فيما عندي من الأدلة على صحة نسب أبناء شمس الدين لاحتجت إلى مجلد كبير لكن اختصرت خوف الملل المؤدي إلى السآمة وهذا أوان الشروع في سرد النسب.

هو شمس الدين بن يحيى الكبير القلقمي المكني بذا الثرى بن سيد محمد بن سيد عثامن بن مولاي ببكر بن سيد يحيى بن مولاي عبد الرحمن بن اران بن مولاي اتلان بن اجملان بن إبراهيم بن مولاي مسعود بن مولاي عيسى بن مولاي عبد الوهاب بن مولاي يوسف بن مولاي عمر بن يحيى بن عدب الله بن مولاي أحمد بن مولاي إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم بن علي كرم الله وجهه،ولم أكترث بتفريع أبنائه منه إذ لا حاجة لذلك هنا، فكل من نسبه إليه صحيح، فهو شريف فانظر رحمك الله شرف هذا النسب الذي ما على وجه الأرض أكمل منه ولا أتم، فلقد توارثنا هذه الشجرة الثابت أصلها عن أجدادنا ولم يكن حفظها بغريب على من يحفظ أنساب العرب المتقدمين من أهل الجاهلية والمتأخرين من أهل الإسلام، فمن يحفظ ذلك فهو جدير بحفظ نسبه، قال صلى الله عليه وسلم تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم وقال صلى الله عليه وسلم كل سبب ونسب يقطع يوم القيامة إلا نسبي ونسبي أو كما قال فمن ثم وجب علينا الفحص عند والذب وعلمه دون غيره كيف وعلمه عندنا من الضروري فيا منكرا ثبوت شرفنا فانظر ما قصدك بإنكارك فإن كنت من أهل المناصب العلية وتحب الاختصاص بنتيجة الشرف فهي أكثر منا ومنك وإن كنت ممن يريد الهدية فقد أغنانا الله عما في يد الناس، وإن كنت حاسدا فالله يجازيك بزيادتنا رغم أنفك، لأنك لم ترض لنا ما منحنا الله مما لا ضرر لك فيه.

فصل في أول نزول أحمد بن شمس الدين للباطن:

أول من سكن بباطن آدرار الشريف أحمد بن شمس الدين ومعه أصحابه وتلامذته جداد يشل لم نعلم اسمه إلا أنه يكنى بأمه شل وجد الطرشان اسمه سدوم وجد تيزك يكنى بأمه زك وكان هو المدبر لهم وصاحب سياستهم وكانت قبيلة دنية في حومة أزفا يقال لها بافور وكان  عندهم صنف من النخل دنى ينسب إليهم فلما رأوه اشتغلوا بالنخيل عليه ليغدروه فطردهم عن بلده وكان فيهم طاغ خبيث ساكن عند أم المجار وله كلاب يقال لهم أظواريض فاكترى جد الطرشان بمعظم ما في البلد من نخلكم ليحتال ليحتال عليه فذهب سدوم يطلب الصوال فوجد ضالة إبل فينحرها وأصلح لحمها وحمل منه شيئا وقصد مكان الطاغي ساعة نومه فأقبلت الطواريص نحوه فرمى لهم اللحم فاشتغلوا به، فوثب عليه ساعة نومه فقتله وطهر الله منه ومن قبيلته الأرض وكان مجيء أحمد بن شمس الدين من جهة ابير لأن معظم الزوايا تفرق منه بعد إقامتهم به بعد الحرب وسكن أحمد بن شمس الدين في آبير إلا أنه مشتغل بتمهيد مأوى في أطار في مكان المقبرة بنى ضوامع هو ومن معه من العيال ولم يزل هو وبنوه على ذلك، وكانوا أئمة الناس بآبير حتى نازعهم في ذلك .... إدوعل الإمامة وإذا المكان ضيق لا يسع أحدا من أهل الهمم العالية فلما نازعوه هو وأبناؤه في الإمامة رحلوا قاصرين منزلهم المؤسسين له قبل وحلوا به وجعل حوله تلامذته ونزل بينهم واقتطع لكل قبيلة منهم يناسبها ونظر هو مجتمع أودية الباطر وإلى هذه البطحاء التي لم يرى مثلها وهذا المكان الصالح لبناء الدور والذي لم يوجد مثله واشتغلت ذريته بعمارة الأرض بالغرس وتفجير الماء وإقامة الدين ولم يزالوا كذلك حتى قووا في أنفسهم وتمكنوا في البلاد وجعلوا يبنون الدور بعد الصوامع التي كانت مأوى لهم كما ذكرنا فمكثوا فيها وفي بعض الدور التي يبنون مدة طويلة ثم انتدب منهم رجال للحج عام شفة من إجلائهم وحجوا بيت الله الحرام وأخذوا منه حجرا وجعلوه في أساس المسجد بعد مجيئهم ناوين بذلك أن لا يقصدهم عدو يريدهم، .... إلا قصمه اله تعالى كما فعل بأصحاب الفيل لما أرادوا هدم البيت الذي حملوا منه الحجر فلما جاءوا من الحج شرعوا يبنون المسجد وكان منهم ولي اسمه محمد المجذوب فلما جاءوا من الحج التقى مع الشيخ الحضرمي الشهيد في الغيب، فقال له أنه مات ومعه بعض من العلوم لم تؤخذ عنه وكان من قضاء الله أن ورمت يد المجذوب وخرق الله العادة بأن تحول ما في صدر الإمام الحضرمي لليدالي ورمت فشرع المجذوب يكتب في الصكوك واليد ينزل ورمها إلى أن نفد ما فيها من العلوم فصارت كان لم يكن بها ورم قط فصل في ذكر أول من سكن هذه البلاد من العرب، فأول من سكن هذه البلاد والعرب إلا مراكن ثم أبناء سالم وأبناء الملات وجاء أبناء يحيى بن عثمن واشتدت السيبة في الأرض حتى جاء إلا فظيل بن شنان جد آل عثمن وهو من الأبراكن فصار يحكم في الأرض بحكم السيبة وتحمل له المغارم يحمل ذلك كل عاجز عن الذب عن نفسه كزناقة وصار عظماء أبناء يحيى بن عثمن على مذهبه تحمل لهم المغارم للتمجارت ولم تزل السيبة عامة على الأرض إلى أن استخلف عليها أحمد بن محمد بن أحمد عيد تخلف عليها عام 1289 صومه الأول لله دره فلا مماثل له إلا عمر بن عبد العزيز تخلف بعد موت أبيه وأعمامه وجده كل ذلك غسل الله أثره بالعدل قام أحمد هذا في رد المظام ونصيحة المظلوم وقمع أهل الظلم ووافق في زمنه هؤلاء بكار بن اسويدأحمد واعل بن محمد لحبيب ومحمد محمود بن لمحيميد ووافق زن دحمان بن بيروك ووافق أيام مولاي الحسن وعبد الحميد وأيام الأخدوين بمصر فعم على جميع بلاد الإسلام العدل والعلم وفاض المال وكثر الناطق والصامت منه حتى لم .ز.. أحمد من خلق الله إن يجد دهرا أكمل ولا إثم من زمن هؤلاء الملوك حتى كان الزمان بمثلهم لا يجود وإن دهرا قد مضى عليهم لا يعود، فأنشد لسان حالهم:

مرت بنا أعوام وصل في الهوى

 

فكأنها من طيبها أيام

ثم انبرت أيام هجر بعدها

 

فكأنها من طولها أعوام

ثم انقضت تلك السنون وأهلها

 

فكأنهم وكأنها أحلام

ولم يزل العدل والمال والعلم على تلك الحالة التي ذكرنا حتى قيض الله ذلك بموت هؤلاء الملوك في زمن واحد لأنهم متقاربون في موتهم فلما فقدوا عن الخلق أنشد لسان حاله:

لفراقهم بكيت على فراقكم

 

بعد بعد وملئت الجفان من الجفون

ولو كان البكاء بقدر شوق

 

لأجريت العيون من العيون

وكان زمن هؤلاء الأمراء مطابقا لزمن طبقة العلماء الذين لم يأت الزمان بمثلهم وهم علماء الظاهر والباطن مثل الشيخ محمد فاضل والشيخ ماء العينين ومحمد بن محمد سالم وأبناؤه ومن علماء الظاهر أحمد بن عبيد ومحمد سدين بن بر وأخوه محمد السالك ومحمد الأمين بن سيدها والشيخ بن حامن وأحمد حبت وغير وغير ممن يضيق الصك عن ذكرهم فهم في الأرض مثل الجبال يمنعونها من الميد، فلما نقرضوا مادت بأهلها وأشرقت على الخسف ملا حل بها من سفك الدماء ونهب الأموال ولم تزل على ذلك حتى قدم عليها عسكر الفرنساوية وخبر البلاد ومشاهير العلماء والملوك ومسميات الأرض وأشعار أهلها وحروبهم وايامهم ووقائعهم لم نكترث به اتكالا على صاحب الوسيط وما جمع الشيخ سعد أبيه فقد شفي الغليل في ذلك صاحب الوسيط فحظنا التسليم لما نقلاه فلا ينبغي تسويد الصكوك به للاستغناء عنه بنقل تأليفيهما.

واعلم أن العساكر التي فتحت هذه البلاد جلها عرب لكن مختلطون مع صنهاجة اختلاط الماء واللبن فمنهم من يتكلم بالصنهاجية والحسانية، ومنهم من يتكلم بالعربية والحسانية، فلما فتحوا البلاد غلب أولا لسان صنهاجة على العرب، فصارت المسميات كلها بلسان صنهاجة وبعد ذلك بزمن ظهر من يتكلم بلسان الحسانية على الصنهاجية ظهورا فاشيا حتى لم يبق من يتكلم بها إلا بعض الزوايا فبقيت المسميات على حالها بلسان صنهاجة وصارت الحسانية تعرب عن ذلك وتنطق به فهي الغالب على لسان العرب لأنهم بنوا العرب قطعا ولهم فصاحة اللسان ملكة فالحسانية والعربية في غاية التقارب ومنافاتهن للعجمية ظاهر جدا فلا حجة لمن قال إن حسان صنهاجة لتباين اللسانين ...... لي أن أذكر نبذة زائدة على ما ذكرت من خبر أهل الباطن من آل آدرار خصوصا أبناء شمس الدين لأنهم هم الأصل في كل شيء من الأخبار وقد ذكرنا أن بعض الأجلاء سئل عن باطن آدرار وظهره فقال هما عندي بمنزلة ظهر الإنسان وبطنه فأهلهما كذلك في التفاضل فلما رأيت صاحب الوسيط في أخبار أدباء شنجيط تكلم على علمائهم وأجلائهم وعلماء الزوايا ووقائعهم وأشعارهم، ولم نجده تكلم على علماء أبناء شمس الدين وأجلائهم الذين لهم اليد في كل شيء وتوهمت أن ذلك من تلك العداوة القديمة والحسد فلنذكر أن شاء الله تعالى ما في مقدوري مما كنت ظانا أن لا فائدة في ذكره فلما رأيت الرجل ملأ صكوكه مما لا طائل تحته من أخبار الزوايا ولم يجعلنا من جملتهم اعلم أن شمس الدين ترك ولده أحمد فولد له ولدين عبد الله وأبو إسحاق فولد لعبد الله أربعة أولاد أكبرهم الغلا والملقب بأمه وجد آل عابد وجد آل عبد الكريم وابياي جدنا وجد آل عبيد وجد آل البينان ولم نعلم بقية تفريعهم إلا أنهم خرجوا قطعا من أحمد بن شمس الدين وابو إسحاق بن الحسين بن أحمد بن شمس الدين وخرج مع أحمد أخوه مومن من الأم خرجوا من آبير ومومن أبناؤه اثنان أحمد والمختار وهم وعمهم كالجسد الواحد متحابون في ما بينهم أبناء أحمد شمس الدين وأبناء مومن لم يقع بينهم خلل قط وهم كالجسد الواحد والذين معهم من جيرانهم أبناء شل وأبناء زك وأبناء سدوم فهؤلاء القبائل  هم الأصل معهم من أله الشوكة وكانوا لا يقربون دم أبناء شمس الدين لا يسامحون أحدا في ظلهم وهم لهم كالعمال يسرف عليهم فقراؤهم ويتضيفون عليهم، وابناء شمس الدين راضون بصبر ذلك كله منهم من الظلم الذي يمكن صبره لأنه لم يكثر ولم يتعصبوا عليه ولم يزالوا جميعا مجتمعين على عمارة الأرض حتى وقع الحرب بين أبناء شمس الدين وتركز، وكانت قبيلة تركز  تريلة على أبناء شمس الدين تركوا لهم آمديز يعملون فيه ومجاوين لهم ولم يظنوا منهم إلا خيرا حتى ققوا وصار فيهم السفهاء ومن جملتهم يقال لهم لعجول لا يرون الصلاة مذهبا ينهقون وكان من قضاء الله أن رجلا من أبناء مومن ذهب يطلب بقرة له على جهة آمدير فوافى طبلا عنده النساء وفيهن امرأة خبيثة فقالت للخبثاء المذكورين أنهم يغدون لها حنتها به فأخذوه خفية وذبحوه وأخفوه فصارت الخبيثة تقول لهم الكبش سمين فيقولون لها عاكر كاع، وكان ثم ازويغ جد آل الزايغ وكان يحب أن تكون له اليد عند أبناء شمس الدين فجاء لابن عمر الرجل خير بن أبريهمات وأخبره بقتل ابن عمه وكان مجيء ازويغ ليلا فأخذ خير معه ثمانية هو ثامنهم وأخذ بيد ازويغ فدلهم على لغجول فوافوهم نياما عند بطحاء آمدير فذبحوهم الثمانية وغطوهم بلباسهم ورجعوا للقصر تلك الليلة فلما حمى الوطيس من الغد ولم ينتبهوا على عادتهم جاءتهم امرأة فكشفت عن واحد منهم فإذا هو قتيل فكشفت عن قومه فإذا هم قتلى جميعا نسأل الله العافية، فصرخ صارخهم ينادي بالويل فاجتمعوا ونظروا في أمرهم الذي حل بهم فلم يمكنهم إلا الجلاء لضعفهم عن مقاساة الحرب التي كانت نائمة فأيقظوها عليهم فرحلوا جميعا سوى ازويغ وكفات الذين حادا عن نهجهم واختارا العافية والسلم فكافأءهم أبناء شمس الدين بما كان في أيدي قومهم من النخل والأرض وسكنوا معهم ازويغ بقي له آمدير وكفات بقيت له تزكين فلما رحلوا تعرض لهم إدوعل شنجيط وآووهم وظاهروهم على الحرب وتحالفوا عليه واجتمعوا ليلا وتعاهدوا أنهم يصبحون أبناء شمس الدين بالغارة وكانت بنت لبتاج عند رجل علوي أحست بالقوم في ناديهم فاختفت قريبة منهم حتى تحققت خبر ما اجتمعوا عليه من حرب قومها فقامت من ذلك الموضع وأخذت قلادتها ودفعتها لزناكي يسقي لهم الحرث وأعطته مدا من التمر وقالت له لا تأكل آخرته حتى تقف عند دار أبي وناوله القلادة وقل له يمسك شيئا رأسه والقلادة هي الإمارة بيني وبينه ما وراءها وراء، وارجع تلك الليلة واصبح بشنجيط وأما بتاج فلما رأى القلادة وعلم أن ابنته لا ترسلها إلا لأمر مهم نادى على قومه وقص عليهم الخبر برمته وتشاوروا فيما يصنعون فاتق رأيهم على أنهم يستعدون للحصار ويجعلون ما عندهم من ناطق وصامت في دار بتاج لأنها هي المختارة للحصار وهي الغصب وخربوا ما سواها من البلد وجعلوا ينتظرون عدوهم وهم متأهبون للقائهم فقدم عليهم العدو في عددهم وعديدهم على الحالة التي ذكرنا فتقدم طليعة القوم فارسا أمام قومه وهو الشيكر رئيس تركز فتقابل مع ثقب في الحائط يقال له اشبارو الحال أن أحمد بتاج مخرج لمدفعه من تلك اشبار فضربه من حينه فأصابه في رأسه فسقط صريعا يخور في دمه، وكان رجل من كنته في عسكر القوم لما نظر الشيكر طريحا ولم يميزه أبناء شمس الدين صرخ عليهم صرخة شديدة وقال لهم هذا الذي قتلتم الشيكره دونكم القوم فلما سمعوا الصارخ تواثبوا كالأسود الضارية فهزم الله العسكر فجعلوا يقتلون ويأسرون إلى أن بلغوا مهينين الذي بالطواز وصار سببا في عز كنته وأبناء شمس الدين لم ينسوا لهم صراخ صاحبهم أبدا، وبعد هذه الوقعة التي تسمى اخنيك اسما سيد صعدوا معه فوجدوا أهل القصر تمنعوا في منعة عندهم وأصابوا رجلا منهم يقال له شعبان، ولم يقتل غيره من النفر المذكور وآبوا سالمين وبعد هذا اعتزل إدوعل عن الحرب وانتدبت جماعة تركز للصلح ودفعوا لبتاج دية القتيل الذي هو سبب الحرب فأخذها منهم ودفع بعضها لابن عم الرجل الذي هو خير بن ابريهمات، وكان بطلا شجاعا والمال معظمه من الجيف فأخذ خير ما أعطاه اطيب فصار يعقد رأس أم اخزام في رجله ويجرها ازدرارءا بها في الطريق ويظهر عدم قبوله للدية فحينئذ وثق القوم من الطيب بالسم وانتدب الطيب ومن وافقه من الجماعة لمعاملتهم فلما حصل الغداء وأرادوا حمله لهم وخير تاركا من يراقب الجماعة المشتغلة بالغداء وهو وقومه متأهبون للغدر بهم وهم المسمون آشكافل أخذوا مرافعهم وحزموا عليهم حصائر وقطعوا بها إلى جانب البطحاء الغربي وأخفوهم واختلفوا معهم حتى أبصروا الطيب يحمل الطعام فجعلوا يخوتون في الشجر حتى شرع القوم في الطعام فضربوهم بالمدافع حتى أفنوهم، فلما علم قومهم بما حل بهم علموا أنهم لا فرار لهم في باطن آدرار فنجت بقيتهم وهم الأغوارب وأبناء سيد أحمد، وسالمو على البعد وبقي الطاهر بن شعبان يطلب دية أبيه عند أهل شنجيط وجلس سيدباب في شنجيط أمجاز وأمر قومه بوضع السلاح وكذلك إدوعل وتركز وضعوه. هذا كله أخذته من الثقات أهل الضبط لأخبار القرون الماضية الكلام على خبرهم مع إديشلّ فغنهم لما أحسوا بوضع أبناء شمس الدين للسلاح طمعوا فيهم حمل الوظائف لقوتهم وخبثهم ونسوا العهد الذي كان بينهم فصاروا يذبحون الشاة الداجن وسط الدار ويطبخونها بتبريت وهي آلة ترفع السرير ومع بغضهم وظلمهم يظنون أن ذلك يكون سببا للمداراة، فلما لجوا في الظلم قالت الجماعة أن الذي لا يعلم الغرامة تثبطة، وهذا مثل حساني وهو "ال ما يعرف لغرام أتوحل" فاجتمعت الجماعة كراء اقحاح العرب وآجروهم على قتل المفسدين منهم مع أن الجماعة تقول لهم لا نفارقكم حتى تعلمون أنكم أحق بجمل الوظائف لنا حتى كان ذلك لما كثر فيهم القتل بواسطة العرب المأجرين عليهم فبذلك رجعوا عن الظلم واشتغلوا بعمل السكة التي لم تدخل في بيوت قوم إلا ذلوا فصاروا يهدون لأبناء شمس الدين وذبون عنهم كل من أراد ظلمهم من العرب النائية التي ليست من أأبناء يحيى بن عثمان فمن جاء من ..... لابد لإديشل من التعرض له وقتاله حتى يرجع خائبا ذليلا وأما طرشان فلم يلق أبناء شمس الدين منهم ظلما وغالب ظلمهم في الزوايا واللحمَ التي لم تجاورهم ولم تجاور أشياخهم، أما ما يمكن حمله من الظلم كالسرقة من خواصهم والضيافة فذلك راضون به لجميع من معهم من أهل الشوكة وهم منهم لكون الأرض لا تسكن إلا بالسلاح فهو من فروض الكفاية وابناء شمس الدين مخاطبون بأمور السياسة وأمور الدين لكون الأرض لهم وما فيها من جميع الناس عيالهم وكل جنس مما معهم مخاطب بما يليق به ويناسبه فأهل الشوكة مخاطبون بالذب عن الأرض واللحمة مخاطبون بالوظائف لكونهم لا يسكنون إلا تحت ركاب أو كتاب وجميع الزوايا يدفعون المداراة للعرب لقيامهم عنهم بواجب فبذلك سكنت الأرض وتمهدت بعد أن كانت ساكنت بالكفار فانزاحوا عنها لما كتب في الأزل، قال الله تعالى: ﴿ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون فملأها لله الحمد من العرب من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين جعلهم الهل تعالى أمة وسطا أي عدولا فمنهم الأ,لياء أهل الصوفية ومنهم العلماء الأجلاء ومنهم الحفاظ وعلماء العربية ومنهم الزهاد ومنهم الراكع والساجد والقارئ والمسبح والداعي والحاج والقائم والمزكي والمتطهر إلى غير ذلك مما لا يحصى جعلنا الله من الذين قال في حقهم: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس ولنرجع على ما هو المهم عندي مما لم يذكره صاحب الوسيط وهو خبر علماء أبناء شمس الدين وأدبائهم وأقدم ذكر العلماء لفضلهم علىغيرهم أولهم في الذكر أحمد بن احمين مود عبد الله بن أحمد بن الحسين بن إسحاق وهو من علماء السنة كتابا للوثائق خبيرا يقع بين اثنين وكان ممن أجازوا له القضاء في زمنه وذلك دليل على جلالة قدره وبعده ابنه بانمّ كان فقيها هو أفقه أهل زمنه رأيت له تأليفا في الرد على المنكر لكرامة ابن عمه محمد المجذوب التي أظهر الله على يده وهو ابن أحمد بن الحسين فلله دره فلد بين الجواب بكلام بليغ لم يقله إلا علماء الحقيقة والشريعة فلقد أعطوه زمام القضاء في زمنه ومنهم سيدأحمد بن القاضي بن سيدها بن بتاج وهو أيضا عالم بفقه مالك وهو الذي تولى القضاء بعد بانمّ لورعه وعدله وغالب أحكامه الصلح ولم يقع شقاق ولا فتنة في زمنه والصلح هو سيد الأحكام كما هو معلوم، وقد أخله في القضاء ابنه محمد الأمين رجل أديب ورع في قومه عالم ولم يكتب بين اثنين "حكمت" وإنما يحكم بسيد الأحكام الذي هو الصلح ولم يقع شقاق ولا فتنة في نازلة حكم فيها وهو ولي زاد مع ما أعطاه الله من المال، وحدثني من أثق به أنه كان في بستانه باب مسعود بتيارت ضحوة فلم يعلم بشيء إلا ورجلين دخلا عليه لم ير الراؤون أحسن منهما ولا أكمل أدبا ولا أتمّ خلقا وخلقان فلما مثلا بين يديه بسط لهما الفراش الحسن المجانس لهما، وجاءهم بما يناسبهما من الشراب والرطب لأن هذا زمن الصيف والنخل في ذلك الزمن فيغاية الحسن والكمال ومحمد الأمين وقبيلته في أعلى ما يكونون من تمام الحال من صلاح ثمارهم وصحة نفوسهم ورغد عيشهم، فلما جاءهما بما هو اللائق بمقامهما ذهب يطلب ما لكن حاصلا عنده من الغداء فلما رجع إليهما لم يجد لهما أثرا، ووجد الشراب والرطب على حاله لم يتحرك منه شيء، وكان البتان إذ ذاك محظورا لم يقدر إنسان أن يأتيه إلا من فمه بعد حلة عنه لأنه مغلوق باب على عادة البساتين في ذلك الزمن، فلما لم يجدهما سئل الجيران كلهم فلم ير من رآهما ولم ير من سمع بصوتهما علم أنهما ملكان وعلم ربنا أن أول ما يظهر عليه الطغيان العلماء لاستكمالهم لتلك المرتبتين العلم والمالن قال تعالى: ﴿كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى فلما فطن بما من الله به عليه من إدرار نعمته واختصاصه بهذه الكرامة حمد الله على عدم غفلته ومعاملته لضيفه وسرعة نزله له، وهذا ما وراءه وراء عند أهل الظاهر، وآخر عمر محمد الأمين قام بالقضاء محمد السالك بن أحمد بن سيد عبد الله الملقب ببر بن عمر بن عبد الله بن الحسين بن غسحاق وكان حافظا لكتاب الله تعالى مجودا له خبيرا بتفسيره، ومع ذلك عالم بالفقه والنحو القضاء واجتمع معه في زمنه أخوه محمد سدين وأحمد بن عبيد ووصفهم في العلم والفضل وجمال الذات والصفات بكل عنه القلم إلا أنهم في زمنهم كالأقمار من تلقى منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري، وقامت طبقة العلماء بعد هؤلاء المذكورين من الأجلاء منهم محمد لحبيب بن ابراهيم بن ابياي الذي قال فيه محمد سدين في مرثية يرثيه بها:

محمد الحبيب خير قار

 

العالم التقي ذو الفخار

الحسن الخلق مع الخلق الحسن

 

أخا المزايا وهو صاحب الأون

فريد عصره عديم النظرا

 

وحيد دهره بلا شكل يرى

إلخ...

ومن رأس القرن الذي عام 1301هـ تناوحت نائحات الجهل عليه لموته وكثر العلماء وطلاب العلم حتى لا تجد راعيا إلا وهو حامل للوحه، ونارت الدنيا جميعا وافتخرت حتى قال لسان حالها ومقالها:

يا أرض تيهي دلالا فالكون منك غيور

 

ويا سماء زيد دمعا لا يعتريك فتو

ولم يزل ذلك كذلك إلى عام الغدر عام 1308هـ موت الأمير أحمد بن امحمد بن أحمد بن عيد فحينئذ شرفت شمس أشرفت شمس العلم على الأفول وبكت الأرض على فراق أشباح العلماء وحق لها أن تقول إنا لله وإنا إليه راجعون على انقراض العلم بموت أهله واستخلاف الأوباس على تشييد المنارات ولنرجع إلى ما نحن بصدده مما لم يذكره صاحب الوسيط وهو أخبار أمراء أهل أطار ابناء شمس الدين بعد ذكر علمائهم:

فأولهم أحمد بتاج والتاج الراية ومن اشتهر بهذا الاسم يعلم ضرورة أنه فائق على أقرانه وتكفيه شهرة اسمه بهذا الاسم في بلاد السيبة، وهو من الأمراء الأجلاء دينا وعقلا ومروءة، وله سياسة الأمور إلا أن قومه أكثروا من حمل الوظائف في زمنه وذلك غير لائق عندي فيمن ينتسب للنبي صلى الله عليه وسلم، وأخلفه في الإمارة ولده الطيب وهو أي أحمد بتاج، قرنه هو الذي وقع فيه حرب تركز وإدوعل ويمكن أن يكون حمله للوظائف كثرة عدوهم وقلة قومه، وأما ولده الطيب فقد سار على إثره في كل شيء من شمائله إلا أن الله قوى ظهره بأبنائه الذين هم كالأسود الضارية منهم ابنه سيد باب متولّي الإمارة بعده وهو الذي وضع السلاح عن حرب أبناء عمله وجلس لهم غفيرا في شنجيط حتى سكن الحرب على يديه لله دره وانتجع قومه بعد الكرب الذي بقي فيهم من أثر بقايا الحرب واشتغلوا بعمارة الأرض بالغرس وتعلم العلم وإقامة الدين، وعمارة المساجد جزاه الله خيرا، وتخلف بعده ولده أحمد بن سيد باب وقام في أشد ما يكون من السيبة وساس العرب بالمداراة من كل ما يوهب لهم مما يذهبون به من المداراة إلا حمل الوظائف منع ذلك لهم لشناعتهم عنده وعدم فائدتهم، ولم يزل قائما بأمور السياسة وتدبير الإمارة إلى عام أيش (1311هـ) توفي رحمه الله تعالى ثم قام بالأمر بعده ابنه محمد عبد الرحمن بايعته الجماعة بيعة أهل السيبة، ووافق زمن إمارته خللا في بني عمه مات فيه نحو عشرة رجال، وبعد ذلك جبر الله كسرهم بينهم وأرسل الله عليهم الجدري (مرض معروف) أفنى منهم خلقا كثيرا من أعيانهم، وأما غير الأعيان فلا يحصون كثرة، توفي فيه محمد عبد الرحمن بن سيدباب وأخوه الشيخ محمد عبد الله وأحمد عبيد وإبراهيم بن أبياي وولده محمد لحبيب وأحمد بن لكبار ومحمد عبد الرحمن بن لكبار وإبراهيم بن انتهاه وغير وغير، ممن يضيق الصك عن ذكرهم رحم الله جميع أسلافنا فهو الطامة العظمى على أهل أطار وكان موت محمد عبد الرحمن عام1316هـ عام الجدري فلما مات قام بالأمر بعده أخوه سيدي انتظمت له جماعة الحل والعقد من القبيلة وتوافقت له أبناء شمس الدين كبيرهم وصغيرهم، فلما أصبح في اول يوم من الإمارة قال لسان حالها:

أتته الخلافة منقادة

 

إليه تجرجر أذيالها

فلم تك تصلح إلا له

 

ولم يك يصلح إلا لها

فلو رماها أحد غيره

 

لزلزلت الأرض زلزالها

وقام في زمن رجعت السيبة فيه لأشنع ما يكون لكون أبناء شمس الدين بمنزلة معدة الإنسان في آدرار فلما وقع الفشل بينهم لم تبق قبيلتان من أهل آدرار إلا وقع فينهما الحرب، فلما من الله بالعافية بين أهل آدرار قام حرب أبناء أبي السباع وكنت وعم حرب أبناء أبي السباع على عامة الناس، وهذا كله في زمن إمارة المختار بن أحمد بن عبيد ومنذو دخل سيدي الإمارة لم يزل يصادم العرب على مالهم أو ميراثهم وأول من صادم منهم امحمد بن ببوط على مال آل بفارس الذين هم حزبه وناصروه وكتبت له العلماء الأجلاء من كل قبيلة وقطر حتى صار كناشة يضرب به المثل، ولم يزل به سيدي ومحمد سيدين بن بر حتى غمسه محمد محمود بن عبد الحميد العلوي في سلطة من الماء وصار امحمد يضرب به المثل من شدة عجزه وقام أيضا على سيدي بن التباخ حتى غلبه عن وظيفته ووظيفة عمه حتى سلما من الوظيفتين وقام بعدهما على أهل الوظائف حتى لم يبق منها شيء على بني عمه وذلك أمر عظيم لم يتعرض له أحد ممن قبله لصعوبته ولم يزل يقاسي الشدائد من أهل المدافع والمشايخ والرقيبات وأمارء العرب والزوايا حتى أظهره الله على جميع الخلق وصير كلمته هي العليا وكلمتهم السفلي، وما ذاك إلا لصدق لهجته وسخاء نفسه، وصفاء باطنه من الرعونات، ثم في أثناء هذا جاءت الفرانسة ووجدوا الأرض في أعلى ما يكون من السيبة من نهب الأموال وقتل النفوس، فرد الله السيبة بهم وأظهرهم على كل عدو محادٍّ لله ورسوله وخرق الله العادة لخلقه في مكاتبتهم خصوصا أميرنا سيدي سهل الله عليه كيفية القانون وملاقات الأمراء ومكالمتهم المفضية لجلب خواطرهم ومسالمتهم، وذلك أمر خارق للعادة لأن من مضى جل عمره يخاطب أمراء أهل السيبة تعسر عليه مخاطبة الملوك كما هو مشاهد منهم، وهو لله الحمد لم يخاطب ملكا إلا عجب من عقله وحسن جوابه مع الإيجاز الذي لا خلل فيه وتلك صفة الأدباء البلغاء ما شاء الله لا ضره حاسد ولا ظهر عليه معاند، ووالله ثم والله إني لفي مقدوري ومجتمع في قلبي ما يملأ دفترا من شمائله التي من اتسم بها يعلم ضرورة أنه مستوعب لجميع المحامد والسيادة واقتصرت على القليل من الكثير اقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم في جوامع الكلم فمن يفهم ذلك يدخل الكلم الكثير المعاني في كلمة واحدة، وذلك هو كلام البلغاء ويعبرون عنه بالاختصار ولنركز بعد ذكر أمرائنا ما في مقدوري من رجالنا أهل السياسة والدين المعمرين للأرض فأول من اذكر منهم أبناء الطيب الذين هم المؤسسين لبناء من قبلهم وهذه الطبقة اشتغلت بعمارة الركن التي شرف البوال، وذلك هو أقصى معمور عندهم فصاروا يعملون من امناصير للأبطاح والبطحاء حينئذ ضيقة جدا، والبساتين غير كثيرة، وقليل من يعد له ملك بستانين والبركة نازلة لهم فالرجل تكون له صرمة من النخل يشتغل نجد متهما بسفيها وحرثها، فتكفيه لعامة يحرثها ويسقي نخلها والطبقة المذكورون منهم عبد الله وأبناؤه منهم الشيخ وعبد الرحمن وأحمد ومحمد سدين ومنهم محمد وأبناؤه سيد أحمد والعاتيق، وأحمد، وسيدباب وأبناؤه أحمد الذي هو الأمير، وقد قدمناه في ذكر الأمراء وأبناء الطايع وعبد الكريم ومحم الإمام وأخوه أحمد وبانمّ وإبراهيم بن خير والقاضي بن سيدها قاموا مشتغلين بما يسكنون به الأرض من التدبير فلما قامت طبقة الرجال الذين لم يوجد مثلهم قاموا في أول إمارة أحمد بن سيد باب على عمارة الأرض بالغرس غرسوا تيارت أول من غرس فيها محمد بن عبيد وسيد أحمد بن سيدها ومحمد بن انتهاه ومحمد بن الطيب وأبناء الطايع والإمام محمد عبد الرحمن ومحمد بن ابراهيم بن محم الإمام ففي زمنهم يغرسون تيارت قام أبناء بانم على امعزز بذال معجمة بعدها راء ساكنة تركز وهم زين العابدين والسعد، وأخوتهم وجاء الإمام وغرس فوقهم وأحمد بن برو عبد بن عمار وتتابعوا بالغرس إلى أن بلغوا أبناء خير وفي ذلك الزمن قام أحمد مولود بن انتهاه على اتويزكت أول من أحيا أرضها بالغرس وتبعه محمود بن الحرطان، ومحمد بن السنهوري، وأبناء محمد بن الطيب وأبناء سيدها، وابناء الطالب عبد، وعمروا الأرض ولم يزالوا مشتغلين بعمارتها إلى أن استخلف عليها أحمد بن امحمد بن أحمد بن عيد ففاض المال والعلم كما ذكرنا، وهذه الطبقة التي عمرت الأودية ترون وتزكرز واتويزكت، وإليح، وأزوكي جديرون، يقول الله تعالى: في صفتهم: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} لا تجد منهم إلا من لسانه يلهج بالذكر والقرآن ويده تخدم لعامة الخلق لاشتراك الناس معهم في الماء والرطب والظل والاكتساب، ومأوى النوم، إلى غير ذلك مما لا يعد كثرة للحاضر والأفاقي فاقتدوا بأبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام في البيت والحرم، قال الله تعالى: ﴿سواء العاكف فيه والباد كذلك لله الحمد مصرنا وأوديتنا لا يحل بهم غريب إلا حل عند خيمة منا أو صومعة أو دار ولا تجد إنسانا من بني شمس الدين راضيا من نفسه بمسكن واحد إلا فقيرا لا حيلة له، وحدثني من أثق به عن محمد السالك بن المحجوب وهو من الخمل أنه كان طالبا للعلم عند محمد بن عبد الودود الحاجي، وكان في ليلة جمعة يوفي ورده في مكان صلاة المغرب وهو يسمع منه، فلم ينتبه إلا ومحمد يقول سعدك يا سعدهم مرتين أو ثلاثا وهو المستيقظ من النوم أو الغفلة، فقلت: من هؤلاء الذين تتعجب من حالهم يرحمك الله؟ فقال له: هم أبناء شمس الدين خطر ببالي ما خصهم الله به من الفضل عنا فإذا نحن أجلدنا وأكثرنا نسبا جميع مقدوره لا يتعدى خباء واحدا، ولا يجد فيه خاطر قوي ولا ضعيف ما يرد فورة الجوع عنه إلا أن تأتي الإبل وربما طاشت أو باتت عند الماء، لله در أبناء شمس الدين خصهم الله من بين خلقه بأن لا تجد منهم بدعيا ولا يمزجون السنة بما يدنسها ولا تجد منهم منافقا إن كان الرجال المؤمنون والنساء المؤمنات موجودون بهم أحق بمن يتسمى بهذه الأسماء والصفات.

فصل في ذكر أولياء شمس الدين

مثل الإمام محمد المجذوب ومن غريب كشفه مع ملاقاته مع الشيخ الحضرمي وورم يده الذي ذكرنا قبل أنه بعد رجوع من الحج مع قومه لزيارة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم دخلوا يوما في دار من ديار المدينة المنورة وجلسوا في بيت في الدار فعداهم صاحب الدار بشيء من التمر، فلما وضعه بين أيديهم نظر هو في الأعلى وتأمل خشب السقف، فقال لصاحب الدار هذه التمر من هذه الخشب التي فوقنا، فقال لهم صاحب الدار صدق هذا هو الولي الذي معكم، قالوا له نعم، قال لهم صاحب الدار كنا إذا طالت النخلة عندنا يصعد عليها بعض الأبارين للنخل ويأخذ كيفة من الحشيش يجعلها طوفا في عنقها ويحشو فوقها من الرمل ويدق أوتادا تحتها ويصب الماء على التراب ولم يزل يتعاهدها حتى تنبت عروقها فتقطعون النخلة من أسفلها وتغرس العالي منها فيثمر، وهذه النخلة صنع بها هكذا، فهذه خشبها التي فوقكم وهذا ثمرها،ومنهم محمد بن ابراهيم الصغير، لقبه الكباد، وصفه لا يجهل في الكرامات، كان في ليلة يوفي ورده على تنور يتأجج نارا وكانت له سبحة ألف حبة، والتنور بين يديه إذا نعس فسقطت السبحة من يده في التنور ولم ينتبه لذلك إلى الصباح فوجد السبحة لم يحترق منها شيء، ومنهم سيدابراهيم بن أحمد، وعبد الودود بن محمد بن ابراهيم الصغير، وعبد القادر بن الطالب عبد وأحمد بن ابراهيم بن محمد بن محم الإمام أخبرني الشيخ محمد فاضل أن هؤلاء من الخمّل ومنهم مسيد بين سيدها وغير وغير فالخمّل منهم لا يحصون لشدة طيب عناصرهم أدام الله علينا بركاتهم وحشرنا وجميع المسلمين معهم في أعلى عليين في جوار سيد المرسلين آمين.

فصل

في بعض الوقائع العظام بين أهل آدرار والعرب النائية مثل بني دليم واترارز وغيرهم نجعلهم مقدمة على سرد الأنساب نذكرهم قبل خبر إمارة أحمد بن محمد بن أحمد بن عيد نذكر من الوقائع الصول وهي أن محمد لحبيب بن المختار بن الشرف لما اشتد الحرب بينه مع أحمد بن امحمد بن أحمد بن عيد وعجب بقوة قومه وكثر تهم ساق محلة عظيمة بنسائها وصبيانها وعبيدها ومواشيها وأخذ معه سودانيا يقال له كلو لا يصطلى له بنار في السحر والمكر وكان معه عدد من القرون كثير جعلهم مأوى لأشياء من السحر ويقول إن الرصاص لا يضره وعلمت آل آدرار بهم متأهبون وصائلون لا يخفى خبرهم على أحد فلما حس أحمد بن امحمد بهم وبكثرتهم كاتب كل من صنره ويحتم له فأقبلت إليه الوفود من العرب بعددها وعديدها واجتمعت أبناء يحيى بن عثمان وكل من ينصرهم فلما بلغ اترارز فم جول مما يلي الباطن خرجت خيل من قبل أبناء يحيى بن عثمان فيهم سالم بن كار بن المحمود وخرج من عسكر اترارز نفر على خيل وفيهم كلو المذكور قبل فلما التقت الفرسان ضربه سالم بن كار ضربة سقط منها يخور في دمه ورجع كل الخيل إلى قومه فلما أصبح الصباح رحلت اترارز راجعة على أعين العدو وخرجت خيل أبناء يحيى بن عثمان ليروا ما فعل العسكر فإذا هو قافل، فلما رأوا قفولهم لم يظنوا أن ذلك حيلة ومكيدة فتفرقوا وذهب كل منهم إلى أهله، وأما اترارز فرحلوا على أعين العدو وجاء وعلى طريق السنين ولم يزالوا راحلين إلى شوم مكان معرّسهم مشهور عند أهل البلد وصعدوا مع شوم ولم يزالوا سائرين إلى الغاركات موضع غرب أكدسن فلما خفي خبر اترارز على أحمد بن عيدّ جهز خيلا من أبناء عمّن وقال لهم لا ترجعوا إلا بخبر القوم بجملوا الخيل جهدها من السير، فلما بلغوا الغاركات حنسوا حتى أظلم الظلام فاختطلت السماء بالأرض من ضوء النار، فرجعوا تلك الليلة لقومهم ولم تطلع الشمس إلا والعدو معهم عند آمديره الكبير، وأبناء يحيى بن عثمان في غاية الغفلة، فلما رأى احمد بن عيد ما حل بهم من تمكن الحيلة عليهم ركب جوادا عنده يضرب به المثل واستوى على متنه كأنه أسد وجمع ما في الحي من الإبل وجعله بين يديه وطفق يسوقه سوق الأسد، ومع ذلك لا يقدر فارس أن يلحقه وكان من معه من الرجال اشتغلوا بحفظ ما يمكنهم حفظه من الأمتعة التي في الحي وحرفوا آمدير الكبير ونجا أحمد بالإبل وزحفوا قاصدين ديار آطار فوافوقهم على الحالة التي ذكرنا من تفرق العرب فحرفوا أمسين آل عثمان وأخذوا عبيدا لأبناء شمس الدين وشيئا من الأمتعة وتبعتهم الجماعة فوافوهم عند زيرة أم الامحار بتيارت وردوا لهم معظم العبيد ورجعت اترارز ببعض من عيال آل عثمان وهم أهل أحمد العبد وعبيد لتيزك وتبعهم أحمد بن سيد باب وجاءهم في بلدهم، فردوهم له بسرعة ورأى فيهم نتيجة المثل الذي تضرب الزوايا ثم يقولون يومان لا ظلم فيهما يوم القيامة ويوم ترى فيه خيام أبناء أحمد بن دامان، فلما رجع أحمد بن سيدباب بالعبيد تعرضت له تيزك لطبلهم وهم يقولون:

ماه فال أحمد كون إتم

 

موجود القضايْ الحاجه

لعل عاكبت تلتم

 

الحاج عن حد إلاجَ

وأحمد كاع الحاجَ بالذات

 

أهو فتاح المشكلات

ردْ اعبيد أهل اعليّاتْ

 

بالسياس والدّراج

أرد ألان امنين اتعسرات

 

لخْبار أعادت محتاجَ

وكثير من شعرهم يضيق عند الصك، وهذه الصولة شهيرة عند الناس، فلما استقر المقام بمحمد لحبيب لم يعلم بشيء إلا والشيخ سيدي الكبير نازلا عنده صربة وكان السبب في ذلك أن أحمد بن عيد لما وقع الفشل في قومه وعلم من نفسه العجز عن حرب اترارز ولم تظهر له فائدة فيه أرسل مع من يثق به في السر لسالك بن أحمدناه بأن يكاتب الشيخ سيدي في العافية بينه مع محمد لحبيب ويكون الشيخ هو الواسطة في ذلك، وهو السائل لها من نفسه دون ذكر السالك وأحمد بن عيد لأن الشيخ  جل أهل آدرار تلامذته وأهل هديته فلا تهمة للمذكورين في كونه واسطة في العافية لأهل آدرار، وقد كتب السالك الشيخ رسالة لم ير مثلها ونصها: وبعد فإلى تبث الراسخين الأثبات،مجدد الدين عالم الرحلات، مقيم ما تضعضع من سور الدين برواس الدعمات، ومأوى الركاب الطارقين العفات. وهي طويلة ومحل الحاجة منها: وبعد، فإن أحمد بن عيدّ مريدكم زعما وخديمكم على أنفسه رغما، يلتمس الذب عن بابه والالتفات إلى جنابه، وطرد من يحوم حول رحابه.

ولوا خوف السآمة لسردتها لكن المطلوب منها ما ذكرته فوافقه محمد لحبيب على العافية وبعد هذا كثر الفشل في أهل آدررار والسبب في ذلك كثرة أبناء أحمد بن عيدَّ وطلب كل واحد منهم للإمارة واختصاصه بها وهم ستة، قال الله تعالى: ﴿وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا أي كثرناهم ومنه الدنيا مهرة مأمورة أي كثيرة النسل أي جعلنا منعّميها الذين هم ابناء الملوك كثيرون فلما أراد الله إنفاذ أمره فيهم سلط أباهم على ابناء شمس الدين لما غرسوا نخل تركز وجعلوه مأوى لكل آفاقي كما ذكرنا، وجعل لهم عليه ثلاثة حقوق حق الإسلام وحق الجار ومكافأة نفعهم الدائم عليه بالليل والنهار، قال لهم: تركز يسيل عليها ماء واد أصحابه ولابد لكم من شراء نخل الواد أو يأخذ نخفه جميعا منهم، فقالت الجماعة أن هذا ما وراءه وراء في الظلم، فقال أجلاء الجماعة الذين جلهم أولياء ادفعوا له ديته وفوضوا أمركم إلى الله تعالى ليريحكم منه ومن بنيه فجمعوا له مائة حق في الحين فلما أخذ جميع ذلك منهم رحل على جهة ضريحه المعين له في الأزل ومات حف أنفه، فلما مات غدر أبناء غيلان ابنه امحمد وتفرقت كلمتهم وكلهم مات مغدورا إلا الشنظور هو آخرهم دخولا للإمارة، فلما رأى ذلك من يقرب من آل اسويدأحمد وأحمد بن امحمد أمه اخديج أبّ أخت بكار بن اسويدأحمد والحال أنها زوجة للشنظور خلعوا للشنظور الذي هو الأمير وقدموا أحمد بن امحمد وذلك العام هو صومه الأول عام 1298 هجرية، فلما علم الشنظور يخلعه وإمارة ابن أخيه ولم يعلم بابن أخيه إلا وهو راكب على جواد فطرده حتى أدخله القصب التي هي دار بتاج في أطار ولم يخرج منها حتى مات غما نسأل الله العافية وهذا كله سببه ظلم الجار وبعد هذا ما عملت به من الوقائع العظام عام الذريرة، وأما غير العظام فلا حاجة تدعو لذكره.

اعلم أن الذريرة وتدابيرها من اغموك بن اعل بن أحمد اللبي الدليمي لما كثر منه البغي في آدرار في الزوايا والعرب وأكثر من موجبات البغض له من جميع الناس، وإذا أهل آدرار العرب منهم بينهم العداوة مع أهل الساحل القديمة ذهب إلى بني عمه بن يدليم يطلب منهم العسكر لآدرار فأجابوه إلى ذلك وسار من عندهم إلى تكنَ الذين جلهم لا عمل عنده إلا أن يجرحها يدخل فيه، فلما جاءهم وطلب منهم الذي هو حاجتهم أجابوه إلى ذلك مجمع من ذلك عسكرا عرمرما، وزحف به قاصدا لأهل آدرار، وكانت أهل آدرار لم تعلم بشيء وتربعوا في تيرس حتى بلغوا لكرب، فلما أحس اغموك وعسكره بقرب الناس منهم وعدم تأهبهم للقاء زحف عليهم في تلك الحالة وكانت الوقعة معظمها عند تنواكّ وعم العسكر على جل أهله آدرار وكانت وقعة عظيمة يؤرخ بها لشدتها وطاح بنود دليم على حي آل أحمدناه عند اصطل وأخذوا إبلا بعض الحي وبعد هذه الوقعة لم نعلم بشيء يؤرخ به من الأمور العظام إلا تساقط المحاربين بينهم الذي لا ينبغي تسويد الصكوك به إلى إمارة أحمد بن امحمد بن أحمد بن عيدّ وخبره مع سيد أحمد بن تكيد وذلك أنه أظهر لعناد والطغيان وعدم الطاعة للأمير لظهوره في السيبة على أهل المدافع مثل بني دليم وغيرهم حتى إن رعة إبلهم ورعاة تكْنَ يدعون على إبلهم به فأراد أحمد المذكور انسحاب الملك عليه فقال إن ذلك صعب إلا أن يغلب بالمدافع وكان معه فتية من قومه لا يصطلي لهم بنار منهم محمد بن الكنكار والفراح بن اعل بوب والوداع بن عمر واسغير ومحمد بن امحمد فال بن زياد وغير وغير ممن يضيق الصك عنه، فلما أبى عن الإنصاف نهض له أحمد امحمد بن نفر من قومه، فلما أحس بهم ابن تكدّ اشتمل هو وقومه بما عندهم من الإبل والحلي ونجا وأخذ النفير بعض المتاع ورجوا به ولم يكترث بها يضنع بن تكد بعد ذلك، ولم يزل يغزو أبناء دليم وغيرهم حتى أظهره الله عليهم، وأخذ خيل آل عثمان الذي كانوا عند بني دليم أخذوهم في سيبة آدرار بعد موت أهلهم وتصف كلمتهم، فلما أظفر الله سيدأحمد بن تكد بالخيل وهي اغزالات وجاء بها فرح جميع أهل آدرار بمجيئهم يؤرخ به، وهو عام 1294م، فلما جاء بها أعطاه أحمد بن امحمد جميع ما أحب عنده ومن جملته أحمد بن المختار صاحبه الذي يأخذ عليه ناقة شائلة في كل سنة وجذعا وهو من أهل الثروة في المال ومن قبيلة اتوابير، وهذا الشكل من الناس لم يعطه آل عثمان لأحد قبله ولا بعده، ولم يزل بن تكدّ يضرب في العدو يمينا وشمالا إلى أن مات، وكان السبب في موته مع إرادة الله تعالى أن مولى لأبناء شمس الدين يختن الصبيان يقال له الكور بن احميده، وجاءه رجل من قوم بن تكدّ بولده ليختنه له فقطع المولى المذكور رأس حشفة الصبي فألزمه أرش الجناية وجاء بن تكد للجماعة يوم الجمعة وسط المسجد وآذاهم على أرش الجناية التي لم تلزم عامتهم لكونها ناقصة عن ثلث الدية والجاني فقير، والخواص له من الجماعة عاجزون عن إعالته فلما استطال عليهم بلسانه بالإساءة قال له إمام أهل المسجد وهو أحمد بن ابراهيم اطفيل حان سوء خاتمتك، وقال له أحمد بن سيد باب إذا مضت عليك هذه الجمعة القابلة وأنت على وجه الدنيا فقد أبحت لك سبي فذهب من عندهم في ذلك اليوم متزودا بإذايتهم وهم في ذلك اليوم وذلك المكان لا يماثهم إلا البارود من سرعة ضررهم لسابهم وكان من قضاء الله تعالى أن عام 1297 يقال له عام "اتخابيط" بين أبناء غيلان وذلك أن سيد أحمد بن تكد ومن معه قتلوا سالم بن أمانة الله ولم يقبل قومه فيه دية لشرفه فيهم ولا يرضون القصاص من أحد من أبناء غيلان إلا سيدأحمد بن تكد وكان دونه عندهم خرط القتاد والتماس الفرقدين مثل جمل كليب، فلما أراد الله تعالى إنفاذ أمره فيه سلب عقله فذهب يصلح شؤونه في عشية الجمعة التي ذكرت ولم يزل يتردد في أحياء أبناء غيلان إلى آخر الخميس المتولي لجمعة الميعاد مع الجماعة ذهب وحده منفردا عن قومه لم يكن معه شخص ولم يذكره أحد قد انفراد عن واحد من قومه أو اثنين إلا في تلك وراح لمأوى الضريح المعين له في الأزل كأنه وافد براجم راح لحي آل مانة الله وفرحوا به الفرح الذي باطنه ترح وعشوه حتى نام بعد مراقبتهم له فقتلوه شر قتلة نعوذ بالله وفرا من حينهم قاصدين تكانت وكانت مأوى للبغاة فآواهم بكار بن اسويدأحمد وقام عليهم أحمد بن امحمد وإبراهيم بن مكي وكان إبراهيم بن مكي صهرا لسيد أحمد بن تكد المذكور ونائبه في الحروب لا يبيت ليلة إلا في الحلة ولا يفارق سواده سواد أحمد، فلما مات سيدأحمد قام على أهل المدافع شرقا وغربا وإذا فهم شرا حتى كادوا يقولون رحم الله الحجاج ما أعدله، قام هو وقومه على أهل أمنة الله بالحرب الشديد قتلوا منهم رجالا من أعيانهم على كدية أسريز التي شرق أطار وهزموا ذلك النفر، ثم بعد ذلك زحف آل مانة الله قاصدين الحلة وهي عذر ارغيوي موضع غرب وادان فوجدوا الرجال متخلفين عن الخيام عند الماء، فلما وافوا لاخيام ليس فيها أحد إلا أحمد وقد حل عليه عارهن فلما رأى العدو استولى على متن جواده وجاء من أمامهم وضرب رجلا من أعيانهم يقال له انبار فسقط صريعا يخور في دمه، وحبس العدو حتى لحقتهم الخيل فلم يلبثوا بهم إلا ساعة حتى تركوهم بين أسير وقتيل وجريح أعاذنا الله مما حل بهم.

ولنرجع لسرد الأقوام من تاريخ إمارة أحمد بن أحمد بن أحمد بن عيد ونذكر ما في مقدور وعلمي من حوادث الأعوام عام إمارة أحمد بن امحمد بن أحمد بن عيد عام 1289 يقال له عام الحيرش جبل صغير بجانب تيرس ترحت الناس عنده وكثر الخصب في هذا العام ولم يقع فيه من أمر شهير إلا ما ذكرت من خبر بن تكد وما نشأ عنه وأذاق أحمد بن امحمد في هذه السنة  اللصوص من الضرب وتكليفهم بقضاء جنيااتهم ما لا يوصف، وذلك لعدالته ونصرته للمظلوم، أما عام تسعين ومائتين وألف عام 1290فيسمى بعيون البقر، وذلك أن الأحزام بن المعيوف وأبناء محمد بن عثمان أجمعوا على غدر أحمد بن امحمد فلما أحس بهم وكان خارجا عن أهله ومعه عبد من عبيده يقال له اعل بن بوه فنجا أحمد بنفسه وأمنها الله من كيدهم ولم يلق منهم ضررا، ورجع كيدهم عليهم فوجدوا العبد ولم يجدوا السيد، فلما رجع لأهله ركب على إثرهم فوجدهم هربوا على جهة تكانت وكانت مأوى للبغاة كما ذكرنا فتبعهم أحمد بمن معه ولحقوا بهم عند عيون البقر فقتلوا منهم مقتلة عظيمة فيها أبناء امحمد بن عثمان وفر الساقون منهم، وبهذا الاسم يؤرخ العام ويقال له عام امجيجيد تربعت الناس عندها وفي عام 1291 يسمى هذا العام عام ارك بلد بإزاء شنجيط أغار فيه الأحزام على أبناء غيلان وفي عام 1292 يسمى عام اسفيرات موضع بأزاد البحر الشمالي غدر عنده أبناء دليم أبناء يحيى بن عثمان وجدوا حيا منهم جله من اذهيرات قتلوا منهم رجالا ونهبوا الأ/وال وفي عام 1293 يقال له عام تكانت تربعت عندها أهل آدرار أول العام وجاء المطر في آخره لآدرار وأغار بنو دليم على الشيخ ماء العيني عند اجريفي ورجل راجعا عن الساحل ولم يزل سائرا حتى نزل على الشيخ محمد فاضل ولد محمد عند أنتيد وكان قاصدا للحوض لأنه مأوى آبائه وأخواله ترجع من هنا وتملك الساحل كله فكان ذلك بقدرة الله تعالى ولم يجالده الشيخ ماء العينين لأنهما يعلمان صرف ذلك بطريق الكشف ومع ..... أن الشيخ محمد فاضل من عامين أوصى أولاده بأن لا يخالفه الشيخ لا يخالفون فيما يأمرهم به ولم يلقوا في رأيه إلا ما يسرهم وعام 1294 عام مجيء الخيل وخبرهما قدمته مع خبر تكد وعام 1295 يسمى عام ادّخن جبال بجانب تيرس اليماني مما يلي أزفال ويقال له عم عسرك أسواكر، وذلك أنهم نهضوا مع سيد أحمد بن محمود الأعويسي قاصدين آطار وأهل المدافع لي ثم أحد منهم عند آطار إلا ما قل من إديشل فارتقبوا غفلة من أهل آدرار حتى أحسوا بأن البلد ليس فيه من يلقاهم من أهل المدافع فجاءوا بخلق كثير ونزلوا على رك آطار وأخذوا هذه ما أمكنهم أخذه من الأمتعة ودفع لهم أهل البلدة مائة "بَيْصَة" مداراة لهم عن الدور التي يهدمون وساقوا الغنم ولحمير وأخذوا بعضها من الأمتعة وبعضا من العبيد أخذوا جميع ما ذكر وتلاحق لهم بعض أهل المدافع وضاربوهم، ومات رجل من اسواكر ورجعوا خائبين، وفي عام1296 يقال له عام أم اظفيرات نزل مطر عظيم لم ير مثله المعمرون من الناس فيما مضى وردينا الطلح الطوي لفي الأودية في تيرس والقذى الذي يلقيه السيل على رؤوسه من شدته، وحصل منه البحور ما يشبه الطوفان لكثرته مثل الظان الخصر وغدير آزويك وأم اظفيرات، وهي سبخة لها أضراس تسمى بهذا الاسم ومكثت الأرض في الخصب زمنا طويلا وبعد هذا عام 1297 عام موت سالم بن مانة الله ويقون له عام اتخابيط وخبره وخبر آل مانة الله قدمته مع خبر بن تكد وبعده عام 1298 عام شلوادا هو عام جدب ذهبت القوافل فيه لآفطوط وكثر فيه المرض خصوصا "بوحيمرون" وهو المسمى بمرض الحصباء هلك منه بعض الناس وعام1299 عام أكمّون على أهل تكانت وشاع ذلك الاسم على عامة أله آدرار لعظمه وطول الحصار بين أهله وذلك أن أهل تكانت وآفطوط وأفلّ وما في هذه البلاد من العرب وقع بينهم حرب يشبه حرب الاتفاق بين الدول، أبكاد واشراتيت وكنت ومن معهم طائفة والطائفة الأخرى وهم آل سيد محمود ومشظوف وأبناء الناصر وزحفت كل طائفة للأخرى حتى تقاربا بحيث لم يتلفت من إحداهن شيء إلا أخذته الأخرى، وطال الحصار بين الفريقين حتى أكلت الإبل أشملتها وصار بعضها يأكل بعضا، فلما كثوا في الحصار نحو شهر التقوا عند أكمّون الذي ذكرنا وهو بلد بتكانت واختلفوا في الكسرة وكثر القتل في كنتَه لصبرهم على حفظ الأمتعة ولأنهم لا ....... عنها، وأما إدوعيش ومشظوف وأبناء الناصر فلم يكثر الضرر إلا في مواشيهم من الحصار، فلما رحل أبناء سيد محمود قافين وتفرق كل من معهم راقبتهم كنت حتى نزلوا المدروم موضع بتكانت وتبعهم كنت حتى أدركوهم في واد بحرة صيف فلم يعلموا إلا وكنت قد أغلقوا الواد عليهم وقتل كنت عددا من أجلاء آل سيد محمود ويقال له يوم المدروم وهو يوم عسير على آل سيد محمود، وعام 1300 عام انجم وياقل له عام موت بن تكد، وهذا العام طلع فيه نجم عند طلوع الصبح وتأخر طلوعه إلى السدس له ذنب طويل قدر خمسة أذرع أو ستة ضوء الذنب عام على ضوء ما حوله من النجوم وهو عام جدب وشدة، وقد ذكرنا خبر بن تكد الذي مات فيه قبل وبعده عام 1301 الحصر وهي رأس القرن، وكان ذلك العام بالغا من الخصب وتمام الحال لأهل آدرار وتيرس ما لا يوصف من آدرار مطّف إلى تيرس عامتها وغلى آدرار ونخلة كل هذه المواضع بالغا من الخصب وتمام الحال وخصب الماشية ما لا يوصف، ووقع فيه حصار شديد بين أحمد بن امحمد واعل بن محمد لحبيب، وكان السبب فيه أن اترارز تربعوا في أرض تيرس لاتي يتربع فيها أهل آدرار فلما نزلوا في العربي منها كان من قضاء الله تعالى أن محمد فال بن سيد بن محمد لحبيب الذي عمه اعل الذي هو أمير اترارز ركب في فتية من قومه وأغار على خيام يمكن أن تكون من أحيائهم، لكن أحمد بن امحمد لا يحل بأرض إلا حل عليه عارها وعار أهلها لكونه ضامنا لعموم العافية في الأرض ولا فرق بين أجلاء آدرار وغيرهم ولا .... الزاوية واللحمة فهو تضامن للعافية وعدم الظلم للعامة من أهل الأرض يمكنه الذب عنها فلما وقع ذلك من محمد فال تبعه نفر من آل يحيى بن عثمان، وأخذوا منه جميع ما أخذ من الناس وردّوه لأهله وكان ذلك أمر شنيع عند آل محمد لحبيب لكونهم لا يظنون أن أحدا يقدر على نزع شوكتهم من ملوك الأرض ولا يرد ظلمهم ويقولن إن القبلة أضيق من ان تسع إلا ظالما واحدا، وذلك الظالم مقر على نفسه بالظلم وهو أميرهم، فلما كان موجودا من العرب من يرد ظلمه غضب غضبا شديدا وصال باترارزه ومن معهم من العرب قاصدا حلة أبناء يحيى بن عثمن على عادة أبيه محمد لحبيب اقتفى أثره في الصولة التي ذكرنا خبرها وهيهات ليس الأمر كما يظن إذ آباؤهم بينهم بون بعيد مع أحمد بن امحمد، فلما علم أحمد بن امحمد أن اعل حرك له كل عربي يأكل الذرة التي لا يتغدى بها إنسان إلا صار يضرب به المثل في العجز والبرودة، ولذلك لا تسمع صبيا من صبيانهم يبكي لما سمع أحمد بن امحمد بذلك حرك له كل غربي يتغدى باللبن ولحم وحش القرن والتمر وهذا حقيقة هو عيش العرب الذين لا يصطلى لهم بنار، وقال يظن اعل أن هذا مثل ..... الأولى لا والله ليرى منا حربا لم ير مثله ممن قبلنا، فلما اجتمع من أبناء يحيى بن عثمان وبني دليم والرقيبات وغيرهم ممن يضيق الصك عن ذكرهم اجتمع مما ذكر ما يملأ الفضاء وكل من الحلتين قصدت الأخرى فلما تقاربوا في المنازل بحيث تذهب الرسل بينهم وتجيء جاءت "صربة" من عند اترارز من أجلاء الزوايا يطلبون العافية وحقن الدماء فنزلوا عند حلة أبناء يحيى عثمن فبنى لهم أحمد امحمد الخيام وفرشهم فانتدب كل من هو خارج عن الحلة من أبناء غيلان وغيرهم، وقالوا إن الناس جواسيس عليكم يريدون أن ينظروا قوتكم وعددكم وعديدكم فغن كانوا يغلبونكم فلا بد لهم أن يصبحوكم بالغارة، وإن كانوا عاجزين عن لقائكم طلبوا منكم العافية، فلما مضت ساعة من مجيء "الصرب" والحال أن الصارخ ذهب إلى كل من ذكرنا فلم تعلم "الصربة" و"الحلة" التي هم نازلون عليها إلا والغبار عم على السماء وانكشف عن عدد كثير يعجز الخلق عن حصره ويكل عنه العلم وازدحمت الخيل وركبان الإبل على "الصرب" وخيامها ولم تزل الخيل والإبل تطأ على الخيام وأهلها وتكسرت الإبل تحت الركبان من شدة الازدحام وامتلأ ذلك البلد امتلاء عظيما، وعز الصبر من "الصربة" حتى كان الموت أهون عليهم مما لاقوا من الهوان فلم يعلم الخلق بشيء إلا وأحمد بن امحمد يرحهم، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى انكشف عنهم جميع ذلك، كأن لم يكن ثم أحد فواسوا الصرب وسألوهم عن خبرهم فإذا هم يطلبون العافية ويطلبون من أحمد بن امحمد أن يلتقي مع اعل ويتكلما في العافية وحقن الدماء لأنهما ليسا من أهل الفسادن فلما سمع منهم أحمد ذلك أجابهم إلى أن يلتقيا وبعث خيلا لاعل من خيل أهل الساحل، فلما رآهم اعل فإذاهم ليسوا من خيل آل عثمان ولم يظن أنها كجمل كلبي دونه خرط القتاد والتماس الفرقدين، وعند ذلك قال شاعر من قومه:

هاذي لخويل يسمحلِ

 

فامجيه ما لا يعنيهَ

ألاه زاد امن الخيل

 

ال معقود فانواصيهَ

فأجابه رجل من إديشلّ:

اعل يالعطاي

 

خيل مزّوزيها

ول ذاك الل راي

 

يسو فيها واسو ماه فيها

وهذا قبله يقول شاعر اترارز:

كول لاحمد متن لعظل

 

ما يمكن في الدهر إنالُ

كون إلاَ فظلت افظلْ

 

عن صاحبنَ واعطهالُ

وكثير من شعرهم لم نحفظه واصطلحوا بعد ذلك ورجع كل منهم بالعافية ولم يقع حرب بينهم وعام 1302 عام الكرطوف وهي عشبة لها زهور كثيرة خبيثة الطعم في اللبن كثيرة  النفع للماشية كثرت جدا في ذلك العام حتى غلب اسمها على غيرها من الأعشاب ووقع في ذلك العام حرب بين أبناء أبي السباع وأبناء اللّب مات فيه رجل من ابناء أبي السباع وعطشت الماشية عند بئر ابن سيد امحمد ومات كثير منها من العطش وذهبت القوافل نحو لكرار يطلبون الشعير والفحم والعافية بين أهل الساحل وأهل آدرار عامة عليهم وفي عام 1304 يسمى عام العلفيات تربعت النس في مقطير حتى بلغوا العلفيات موضعا منه والتقى فيه أحمد بن امحمد مع اعل بن محمد لحبيب عند ام غذروف عفلة في ناحية اريعات في حومة العاظيم، وفي ذلك العام كثر الجرب في الماشية ووقعت فيه شدة عظيمة في الغنم وغيرها، وهو عام جدب وعام 1305 يسمى عام آنشال وهو عشبة تنبت في الزراع كثيرة النفع للماشية خصوصا الإبل منها، ويسمى أيضا بعام دمان وهو خميلة في حاشية امطليش وهو الذراع الذي يمين إينشيري كثر الزرع في هذه الخميلة حتى صار يضرب به المثل في كثرة الزرع، وفي ذلك العام كثر الزرع وذهبت القوافل يطلبونه نحو الساحل، وفي عام1306 يسمى عام زمور هو الذي سقط فيه الأحزام بن المعيوسف على ىل اندلّ في مفطيره وطاح فيه ابراهيم بن مكي على حلة اترارزه وساق لهم كثيرا من الإبل ولحقه الطلب وفيهم أعمر وسالم فارسا فقال له سقوطك علينا في هذه البلد لم ير مثله أن سملت به فقال له: اشهد لي به أنت وأنا أشهد لك بسلامة الغنيمة، فكان ذلك لما أدركه الطلب فقتل منهم رجالا وساق الإبل ونجا بها ورجع أعمر وسالم خائبا لم يحصل له إلا موت قومه، وذلك هو عادة ابراهيم بن مكي لا يأخذ الإبل ويغلب عنها إلى أن مات، وبعد هذا رحلت الناس قاصدة لزمور ولحفر ووقع في هذا العام في الساحل زمور، وغيره من الخصب وكثرة الزرع ما لا يدخل تحت حصر وتربعت أهل آدرار في الساحل فلما أكل الربع منه، رجعت أهل الغنم لآدرار واشتغل جميع الناس بحمل الزرع ورخص ثمنه حتى أن "البَيْصَة" (لفة القماش) ثم تساوى وحمل جمل منه واشتغل أحمد بن امحمد في أهل الساحل وحاصر بني دليم عند اربيك تكياس قريبا من الخط مما يلي تراكلين حتى أعطوه ما يريد منهم كرها، ولم يسبق على هذا الفعل لقوتهم وكثرتهم وكون الأرض أرضهم وهو الصائل عليهم فيها دفعوا له ما أراد من الإبل ومكثت الحلة في الساحل في أرغد عيش حتى مضى عليهم الصيف، ثم ولم يفارق بني دليم حتى ترك العداوة بينهم مع الرقيبات الذين لا قدرة لهم على حربهم وكان السبب في ذلك أن "خياما" من أهل الثروة من ابناء "تيدرارين" غفر لأحمد بن امحمد يقال لهم آل لخريراش وىل اباه أراد "أبناء دليم" أخذ الغرامة منهم وأبناء تيدرسارين ممتنعون من ذلك فأد أبناء دليم فرض الغرامة عليهم وحربهم وإذا أبناء تيدرارين أصحاب أحمد بن امحمد كما ذكرنا وإذ ظلم الجار  إذلال المجير، فلما نظر أحمد بن امحمد وابراهيم بن مكي في ذلك لم يسعهم الصبر لما ذكرنا من ظلم الجار وإذا بناء دليم في قلوبهم لهم من الحقد ما يخطر لأ؛مد ببال وإذا الرقيبات تقيمهم عليهم كلمة وإذا هم لم يحرثوا في عامة الخلق إلا العار فهو حرثهم النابت المثمر، فبذلك كثرت أعداؤهم وفي المثل من كثر تعريفه كثرت أعاديه، فلما وقع الشنآن بين بني دليم وأبناء تيدرارين ولم يمكنهم المقام في تلك الأرض من كثرة عدوهم فروا من تلك الأرض قاصدين "تكْنَ" فظاهر أحمد بن امحمد بين "الرقيبات" وأبناء تيدرارين وظاهرهم مع أبناء يحيى بن عثمان فلما أراد أحمد القفول هو ومر معه تركوا بين أهل الساحل حربا يشبه حرب الاتفاق بين الدول، فاشتعل الحرب بين الفرق المذكورة ورجع أحمد بن امحمد ابراهيم بن مكي بغنمية وسلامة.

وفي عام 1037 اسحاب بوت مكثت خمسة عشر يوما لم يتخللها انقطاع وهي عامة على جميع آدرار وتيرس ..... وفي هذا العام كثر الخصب والخير والرزق فيه من الزرع وغيره من أجل صلاح الحراثة وكثر اللبن وتم حال الماشية وكثر فيه هلاك البقر من مرض يقال له بوت، وهي غرج وفيه مات ابراهيم بن زمزم قتله أبناء غيلان بحومة يغرف وجاء محصر بكار بن اسويدأحمد وهو فيه تربع في امساك ورحل منها ونزل عند اركيب ورحل أحمد بن امحمد بحلته ونزل تكوك وكانت إذ ذاك مئات من الزرع وأنواع الحراثة والنخل بلحه في الأرض من كثرة ترمته لكنه لم يدرك النفع أكلت الماشية الحرث والنخل واأضر ذلك بأهل القصر واجتمع هو وخاله بعسكريهما كل يوم في شأو الميثاق بخيلهما وأهل القصر ينفقون عليهم وطالت المباراة بينهم قرب شهر وهم يتفاخرون فيما بينهم، فلما أراد الله إنفاذ أمره فيهم بظهور أول العقاب انتصارا لأوليائه الذين لا ناصر لهم غيره ماتت فرس لأن عثمان لم يكن مثلها في خيلهم يقال لها الكشرى عند ا لبيظات في حرث آل أحمد بانمّ وبعد ذلك مات الشيخ بن انويصر وكان السبب في ذلك محمد السالك بن الفر وظهر ظهورا فاشيا في الحرب حتى كأنه أسد ومع ذلك معجب بنفسه حتى أنه ليس له مثيل في الرجال، مع أنه صاحب لابراهيم بن مكي ممارسا له في الحرب ولا يسامح في حبه أحدا، فهو عنده من المقربين وأحمد بن محمد حب كل من أحب ابراهيم بن مكي، ويبغض من يبغه فهو عنده بمنزلة الصديق الملاطف فكان من قضاء الله تعالى أن الشيخ بن انويصر حقد على محمد السالك لكون الشلية جميعا تحت قدم الشيخ ولا يظن أن أحدا منهم يشاركه في قرب الملوك، ومع ذلك أن اطفيل بن السالك بن حمدات غير ناس لأبيه وهو رجل من أهل الحرب واشتغل فيما يقربه من الشيخ بن انويصر وكان مختفيا ليلة في بلد والقصر إذ .... بمحد اسالم بن الفرو داخلا دار القاض محمد الامين بن سيدها فراقبه حتى ..... نومه فتسور عليه من الجدار وقتله نائما ونجا بنفسه، فلما أصبح الصباح سار الصبح بن انويصر إلى خيمة آل عثمان، وهذا والحليتين لم يتحرك أحد منهم عن موضعه الذي ذكرنا ضرره على أبناء شمس الدين، فلما جاء الشيخ وجلس عند خيمة أحمد بن امحمد وابراهيم بن مكي وجماعة أبناء يحيى بن عثمان حاضرون عند خيمة أحمد سأل ابراهيم وأحمد بن محمد عن من قتل السالك بن الفرو فقال لهما لا أعلم إلا أنه ذكر لي أنه قتله الرجل الذي قتل أباه قبل، فلما سمع ابراهيم ذلك قام وتناجى مع أحمد بن امحمد فقام محمد بن لعبيد على إثرهما وهو الذي ربى أحمد بن امحمد وعلمه فهو له بمنزلة غلام عبد الله السفاح، فلما تناجوا ردوه عنهما فقال لهما تعسا لجماعة نرجع عنها، فلما قاما من مجلسهما وإذا لسان حال ابراهيم أنه قال لأحمد اطفيل لا يقدر على قتل محمد السالك إلاه شوة من الشيخ والتهمة حاصلة في ذلك مجردة لا شيء معها، فلما رجعا للمكان الذي قاما منه بالحال أن سيدأحمد بن الفرو حاضر وهو أخ المقتول وسمع ما قال سيد أحمد بن مكي، وهو أن الشيخ لابد من قتله فعلم أن ذلك إذن منهما في قتله فنام وقتل الشيخ شر قتلة في خيمة آل عثمان بمحضر الكثير من الناس، وهذا أمر شنيع لم ير أشنع منه، ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولان فتفرق الحيان ورجع بكار مع أنه أعطاه أحمد بن امحمد من المال ما لا يدخل تحت حصر ومع ذلك امتلأ قلبه من الغيظ والحقد عليه وصبر إيذاء هذون في الحين لتحققهم أخذ ثأر الشيخ ورحلت الحلة لطواز وفي عام 1308 وفي هذه السنة كثر الجراد في أولها وقحطت الأرض ورتعت الناس على جهة تكانت وباطنها ورحلت حلة أحمد بن امحمد حتى نزلت التاخص على الكثيب المعروف ثم والحلة فيها ابراهيم بن مكي وسيد حمود بن اهميمد وغيرهم من أجلاء أبناء يحيى رب ثمان رجال الحلة وكان أبناء هنون متيقظون لقتل الشيخ بن انوبصر غير غافلين عن تدبير حيلة يأخذون ثأره بها، فلما نزلت الحلة ثم ذهبت سالم بن بشام بنفر منهم قاصدين بكار بن اسويدأحمد ليعرضوا عليه ما في ضمائرهم مما عزموا عليه من أخذ الثأر وكانوا لا يريدون إلا ابراهيم بن مكي وحده، قال لهم إن ابراهيم بن مكي لا يقدر أحد على قتله وهو عالم بأحمد بن امحمد حيا فقالوا له ما .... قال الرأي عندي أن تبدو بالأمير وتساووه مع من تقصدونه بأخذ ثأركم فرجعوا للحلة من عند بكار وهم عازمون على غدر الأمير ومن معه ولم يكن للأمير ولا لقومه بذلك من علم ........ وأذل من أن يتخوفوهم ونسسوا بيت الحكيم الذي قال:

..... الضعيف فربما

 

تموت الأفاعي من سموم العقارب

وكان ثم شيخ من .... يقال له محمد بن اظلام لما رآهم وفهم ما في قلوبهم قال إن هؤلاء القوم وجوههم خشان فلا ينبغي لك أن تأمنهم، فلم يلتفت إلى ذلك لما قدر الله في الأزل ولم ينتبه أحد إلا الشيخ الذي ذكرنا، فلما صلوا العشاء والقوم المطلوبون كل واحد منهم ...... مع واحد من أهل الفتكة العازمين عليها، فلما صلى أحمد بن امحمد وقام ليربط نعله ضربه سالم بن بشام "بعمارة" وقام على القوم المقصودين من القوم المراقبين لهم البارود كأن غرس مرابعهم لأحمد وكان من ثم من الرجال معظمهم ورؤساؤهم الذين ماتوا والحلة جلها من "إديشلّ" و"الطرشان" فلما وقع هذا كادهم أحمد بن محمد بأمرأة أمرها أن تولول وتقول أحمد سالمٌ، فلما سمعوا ذلك طاشت عقولهم وسكنت قلوب الحي بما سمعوا من الولولة بسلامة أحمد، فلما فروا كان ثم أحمد بن سيدأحمد جمع من ثم من أهل المدافع وجاء لابن عمه ووصى له بالإمارة وتخطاه أي جعله بين لحليه وتلك عادتهم في تخلف الميت للحي على الإمارة وقال لناس ما طرأ عليكم شيء وأمرهم أن لا يظهروا شيئا من الجزع ورحل بالناس كأن لم يمت منهم حقير فأحرى جليل، ووصاه ابن عمه بأن لا يدع دمه "لإدوعيش" ولا "لإديشل" فحلف لسان حاله أنه لا ينام حتى يملأ الأرض من قتلاهم، وقال أنهم ليسوا عقلاء يعني الفريقين ليسوا بعقلاء، لأن أحمد بن امحمد لا يعد الأمر أكابر الزوايا لمحافظته على الصالة والطهارة، وهو لا يتعلم إلا ضرب المدافع وركوب الخيل وأفعال جاهلية العرب حتى لمن يوزن بألف رجل، وهو والله شبيه به وقليل في حقه ألف، فلما مات أحمد بن امحمد وابراهيم بن مكي مكث خبرهما قريبا من نصف شهر لم يثبت عند الناس لعدم تحرك شيء عن موضعه وعدم سرعة مجيء أهل آدرار له ويقولون الناس قطعت رؤوسهم أو أي شيء ثبطهم حتى جاءت الحلة وردت الخير الصحيح وأن أحمد بن سيدأحمد لم يتركهم يظهرون لشيء مما حل بهم من شدة استكماله للخلافة من ابن عمه فظنت الناس أن ابن عمه لم يمت فلما جاء لآدرار الذي هو دار مملكة أسلافه انتظمت كلمتهم له بعربه وزواياه وبايعوه وأمّروه وأجابوه إلى كل ما يريد منهم فحلف لهم أنه لا يقعد ولا يستريح حتى يأخذ بثأر ابن عمه فجمع في الحين عسكرا من آل آدرار وكان غيظه على بكار بن اسويدأحمد وقومه أشد من غيظه على "إديشل" فهم أذل عنده من أن يغيظوه مع أنه لابد له من قتل رؤسائهم جميعا كما فعل بهم فلما غزا "إدوعيش" قاصدا لهم على تكانت وكان غزوه لهم من أعظم الأمور عند عامة الناس لكون أهل آدرار في أسر "إدوعيش" وقبضتهم منذو ولد أحمد بن عيد فهم لهم كالعمال في الأرض فلما غزاهم أحمد وظفر بهم بـ"اطرطيك" التي ما وراءها وراء عندهم لأنها من الأمكنة الصعبة فجندل أبطالهم وهزم خيلهم ورجالهم وساق إبلهم ومكث معهم في الحرب ثلاثة أيام وهم معه في أشد ما يكون وتلاحقوا عليه في عددهم وعديدهم، ولم يفارقهم حتى ذعنوا له ورضوا بسوقها من بين أيديهم لكون حماتها ماتوا، ولم يبق من يدافع عنها منهم فرجع آخذا لها على رغم أنوفهم والعرب لا يسألون إلا عن الإبل أين سارت فالعز والظفر معها حيث كانت ولا يكترثون بمن مات منهم مع أن أبناء يحيى بن عثمان مات رجال من أجلاء عم منهم محمد بن امحمد بن المشظوف وأحمد بن ابراهيم بن مكي وغيرهم، ومات من "إدوعيش" عدد كبير يضيق الصك عن ذكرهم ورجع أحمد بن سيدأحمد ومن معه في غاية الفخر لكونهم ارتقوا مكانا صعبا لم يخطر لأحد ببال ممن قبلهم، وفي ذلك قال محمد عبد الرحمن بن المبارك الكناني:

الإمارَ لاحمد كيفن جات

 

اسمعها ما ظل ألا بات

رباها تربيت لمنات

 

ادخلت كفالت حد اصديك

حنكها بدموع الحرات

 

أرظعها برفود ابخاويك

أصرّطها اثلت كسرات

 

بمخل لطفال ابكرسيك

وانخلعو منها لِمرَات

 

ألا فيهم وحدَ كالت كيك

أذاك الريك الصرّطها فات

 

جعلت بيه العربان ادكيك

وساة عادتها وبات

 

تصرط ش ماه ذاك الريك

ثم غزا لهم بعد هذا بقرب وطاح عليهم عند آرزاك موضع بتكانت وفعل بهم أشد مما فعل في الأولى وهذه غزوته الثانية وغزا لهم غزوة ثالثة وسار برؤساء "إديشل" عازما على غدرهم من حيث لا يعلمون ومعه رؤساء أبناء غيلان" و"أبناء عمن" وغيرهم وظاهر "كنته" على حرب "إدوعيش" فأجابوه لحربهم وسار بجيشه حتى بلغ موضعا بتكانت يقال له "تنشل" وكان بالقرب من امحاصر "إدوعيش" فلما نزل بالموضع المذكور تناجى مع أكابر أبناء غيلان الذين معهم في العسكر وكان قد دبر حيلة يموتون بها ليلا مع أبناء غيلان، وذلك أنه قال لأبناء غيلان يتأخوا في الرحيل أول النهار، وأنه لا بد له من أن ينفرد بـ"إديشل" ويظهر لهم الأمن فلما انفرد بهم أشار للقوم المتهيئون للغدر بهم بإشارة أعلمهم بها وأراد أن يقف عن الناس فضربوهم في آن واحد لم ينج منهم أحد نعوذ بالله مما حل بهم، فلما سمع بهم "إدوعيش" وبما فعل بـ"إديشل" طاشت عقولهم من كونه يقتل قومه ولم يرجع عن العدو وكان ذلك من أعظم المكائد لهم لعلمهم بذلك أنه غير مستكثر لجميع أهل المدافع لأنه خاوي علبة "إديشل" و"إدوعيش" ولم يكترث بكثرتهم عليه، فلما فرغ من أمر "إديشل" سار قاصدا "كنت" وفرحوا به فرحا شديدا وغاظ ذلك "إدوعيش" وكانت هذه الوقعة يقال لها وقعة الاحنوك، وهي عظيمة بين "كنت" وأبناء يحيى بن عثمان مع "إدوعيش" ومن معهم واختلفوا في الهزيمة فهزمت "إدوعيش" ما يقابلها من أبناء يحيى بن عثمان وهزمت "كنت" ما يقابلهم من "إدوعيشط وبعد هزيمة أبناء غيلان و"مشظوف" طلب ابراهيم بن عمار أحد رؤساء "مشظوف" من ساق الإبل من "إدوعيش" ولحق بهم وغنم منهم غنيمة عظيمة ونجا بها ورجع كل الرق إلى أماكنهم وبعد هذا غزا "إدوعيش" أبناء يحيى بن عثمان عام1309 عام الواد صال بكار بن اسويدأحمد وجمع ما في مقدوره من الخيل والرجال وما يهيئ للغزو ومن ناطق وصامت وزحف بجيش عرمرم بخيامه وأبنيته وإمائه وكلما يصلح للزاد والحصار، فلما انفصلوا من "تكانت" جاءت جواسيس أحمد بن أحمد وأخبروه بكثرة العدو وقوتهم، فلما رأى الخبر الصحيح من جواسيسه بعث لكل من في طاعته وكل من ينصره من العرب وجعل لهم ميعادا لا يختلفون فيه لشهرته وهو ما انشرّك وكان ذلك البلد كثير الماء والشجر واسع لمجال الخيل فتلاحقت أهل آدرار ومن ينصهم حتى أنهم صاروا في وصف من القوة لا يبلغه عدد، ويهزم من كثرتهم وقرب الزاد منهم والمدد يأتيهم من كل جهة، فلما جاءهم عسكر بكار لم يبق أحد من الصالحين الأحياء إلا دعى عليهم وزار الأموات على عدم نصرتهم، وبلغني أن بعض الصالحين يخبر بأخبار الأموات أنه جاء للمقبرة التي هي موتى أبنا شمس الدين فلم يجد فيها إلا امرأة دفنت ليلا بعد ذهاب ما في المقابر قاصدين إدوعيش صائلين على أهل آدرار، وكانوا يقولون لمن لقيهم إنهم إذا هزموا عسكر أهل آدرار لا يدعون فيه شيئا إلا أخذوه فارتاع أهل آدرار من ذلك خصوصا أهل أطار، وكان ذلك هو السبب في حركة أهل القبور نحوهم، فلما التقا الفئتان لم يلبث إدوعيش إلا ساعة من النهار حتى انهزموا وفر بكار ومن معه وهزم هزيمة شديدة وغنم العسكر أثقالهم وإبلهم وإسلاب من مات منهم، وحدثني محمد عبد الله بن أحمد بن سيدباب أنه لما مشى هو والحضرام بن أحمد "صربة" قاصدين إدوعيش لأنهم يقولون إن فتية من أبناء شمس الدين ضاربوهم مع العدو وأنهم عرفوا منهم الحضرام بن عبيد وودّاد بن المحجوب بعثت جماعة أبناء شمس الدين القوم المذكورين "صربة" ليردوا عنهم تلك العداوة وحملوهم بشيء من "الخنط" والحوائج لأن الجماعة تعلم أن آل اسويدأحمد أهل بطون، فلما أتوهم بذلك رحب بهم بكار وآواهم وضيفهم وكان يتأنس معهم في ليلة إذ حلف لهم أنهم رأوا من الخيل البيض والشهب قدرا لم تملكه إدوعيش ولا مشظوف أحرى أبناء يحيى بن عثمان أتظنون أن إدوعيش في عددهم وعديدهم يهزمون من "عمارة" في "مدفع" غيلاني لا والله ما كان إلا دعوة الصالحين و"جداولهم" ونصرتهم لقومهم لا غير ذلك ورجعت "الصربة" منهم بالعافية في الظاهر لأنهم يعلمون خفة ضررهم لأهل آدرار وأنهم عجوا عن ما يعلمون من الأخذ بالقهر من أهله بالغرامة وغيرها هيهات ليس الأمر كما يزعمون فقد سقاهم أحمد بن اسويداحمد كأس الهوان والصغار، لله دره.

وبعد هذا عام 1310 "افريع الكتان" موضع بتكانت زحف أحمد بن سيداحمد بعسكر أهل آدرار قاصدا "كنت" لما وثق منهم بنصرته وأنهم لا يحتاجون لكثرة العدد ولا يسمون "المحصر" إلا للقدر الذي لا يفر منهم عن العدو، فمن أجل ذلك لم يكترث أحمد بن سيدأحمد بكثرة أهل آدرار معه فطال الحصار والمقام عليه في تكانت إذ ذاك هو دأبهم، أي أهل تكانت بينهم جل حربهم الحصار وتعظيم الأمور والإعجاب بالنفوس حتى يموت الزمن حتى يفوت الزمن في ذلك، وربما تهادنوا وتبقى السراق بينهم، وفي ذلك قال شاعرهم حم ولد نفرو:

الفين اكلام ان كنت ذا العام

 

اعلين بيه ادور اتوك

واحن زاد انكول لكلام

 

ال ماه زايز لحنوك

فأجابه صاحب كنته بقوله::

لكلام اللّ خَبرو مشدود

 

يَحَمَّ قول الكَومك ذوك

يسبك فالكاب

 

اباش إعود يتصل

من فم ابلحنوك، أراد إدوعيش بقولهم "لحنوك احنوك" .... شرف قصر البركة بتكانت التي قتلوا عندها أبطالا من كنته وأرادت كنته بقولها "يسبك فالكاب اكليب تنواك" الذي قتلت كنته عنده أبطالا من إدوعيش، وهذا عند أهل البديع هو التورية، قال الشاعر في مثل هذه التورية:

فاستخدم العين مني وهي جارية

 

فكم سمحت بها أيام نجلهم

فلما طال الحصار وأحمد بن سيداحمد قليل من معه من قومه ارتقبوا منه الغفلة لأنهم في بلدهم وتأتيهم جواسيسهم في كل وقت بالخبر، فلم يعلم بشيء إلا وقد دهمهم العدو بجيش عظيم فتضاربوا معهم في ذلك الموضع المسمى "افريع الكتان" موضع بتكانت مات ثم أعمر وبن كركوب وعدد من أبطال أبناء يحيى بن عثمان، وذلك دأب الحرب بين العرب لأن الحرب سجال، قال الشاعر في ذلك:

يوم لنا ويوم علينا ويوما

 

نساء ويوما نسره

وقال شاعر إديشل امحمد بن ظلام في ذلك:

ادوين اندور كنت افغيلان

 

أفظلت عمن من لخريف

العاكب من فرع الكتان

 

اتل يندار ألا خفيف

وهذا العام على أهل آدرار عام قحط وشدة أرسل الله فيه من الرياح ما لا يوصف وكثير من الناس يسميه عام "لكتم" رحلت فيه أهل آدرار قاصدين "لكرب" و"رك لمحون" وأكثر ما تجد فيها مما تأكله الماشية "حشيشة" يقال لها "إصليان" وبعضهم يقول لها "الوبر" وفي هذا العام قتل أبناء غيلان رجلا من بني دليم يقال له "ين شكاف" وقام أهل الساحل بنو دليم وتكنه و"يكوت" على قوافل أهل آدرار خصوصا أبناء شمس الدين لأنهم لا يعادي أحد بني غيلان إلا عاداهم لما فيهم لهم من النصرة والحب والمودة جرحوا رجلا من أبناء شمس الدين يقال له أحمد بن خير يظنون أنه غيلاني ونهبوا ما وجدوا من كل القوافل وتبع سيدي بن سيدباب رئيس أبناء شمس الدين أهل الغارة على قومه وغيرهم في فتية من قومه ونزلوا عند الشيع بن الناجم التكني الحسني وفرح به فرحا شديدا زائدا على القياس وآواه هو وقومه ورد لهم مالهم من كل من وجدوه عنده وبعض أهل الغارة فضولهم ما فوتوا منه لعدم استغنائهم عن نطفية الشيع بن الناجم وهي بعراة عن مجتمع الماء لأنها هي طريقهم لا يمر آفاقي إلا عليها، فإذا أراد أخذ محاربي أو أخذ سارق يجلس عليها حتى يأخذه مطلوبه من كل ما ذكر وكان يكتب أسماء المطلوبين ليأخذهم وهم لا يشعرون، فلم يبق لسيدي وقومه إلا القليل من مالهم.

وبعد هذا عام 1311 يقال له "عام ريهط" عام خصب على أهل آدرار لكن تأخر فيه المطر إلى رأس الشتاء وكثر فيه الزرع وعم نفع الماشية عند الشتاء والشعير في فصل الربيع وفي آخره عم الجراد والقمل ورتعت كنته في آدرار وتربع فيه كثير منهم ووسعهم الخصب فيه لعمومه على "تيرس" و"تجريت" و"آدرار" والجراد والقمل لم يكثر فيه إلا بعد قساوة الربيع وأفراك الحب فصار معظم ضرره في بلح النخل حتى أنه لم يبق بعده في أودية الباطن إلا القليل ولكن أنزل الله البركة فيما بعد الجائحة وفي هذه السنة توفي أحمد بن سيد باب وبعد هذا عام 1312 عام آفتاس وهي معروفة عند أهل آدرار وهي أرض معتدلة أرض يمين ترين تربعت الناس في ذلك العام ثم والإبل في غاية النفع كثر اللبن في الأبل دون الغنم إذ لم تبق أنثى من الإبل إلا ولدت ونبت لها آنشال وفي هذه السنة أخذ الأمير أحمد بن سيد أحمد من كنته أبناء سيد امحمد مائة ناقة شائلة توانين وفيها قام خصام بين أبناء يفارس وأهل محم أبناء شمس الدين شديد سببه أن محمد سالم بن محم له أخت من الأم من أبناء نفارس وأمهم لها مال عظيم جله إبل وأمه وأخته وهبتا له جميع ما تملكان والتزم برهما ونفقتهما وحسن العشرة معهما إلى الممات ولم يزل على ذلك إلى أن ماتت الأم بعد أن عمرت وماتت الأخت بعدها فلما علم أخوها من الأب بموتها قام يطلب ميراثه منهما فإذا هو عاجز عن مخاصمة محمد سالم بن محم فوكل امحمد بن ببوط وذلك متعاهد بغلبة كل أعزل من الناس وظن أن محمد سالم من ذلك الوصف من الناس الذين إذا رأوا مستلئما ذلوا وخجلوا وهيهات محمد سالم بمن ذلك فليس كما يظن خصمه الذي يصدق عليه بيت الشاعر:

هم البغاث إذا رأوا مستلئما

 

وهم الأسود لدى الضعيف الأعزل

فقام مع امحمد ببوط حتى أظهره الله عليه ولم يزل كذلك في غلبته حتى مات عام الجدري قام بعده وخلفا عنه في الخصومة محمد سيدين بن برو سيدي بن سيد باب حتى غلباه فيما كان يدعي وكيله ورجع خائبا، وفي هذه السنة قام أول حرب أبناء شمس الدين الذي وقع بينهم وكان سببه خصام قام في عبيد بين أبناء لعبيد وأحمد بن أجد وبنت فيل الصانعة وذلك أن عبد القادر بن لعبيد وأخوه أحمد محمود تخاصما في أمة فوكل عبد القادر أخا زوجته وحماه محمد محمود ولد العاتيق ووكل أحمد محمود بن لعبيد أخو زوجته وحماه الحضرام بن عبيد، ووكلت بنت قيل محمد لحبيب بن ابراهيم بن ابياتي على أحمد بن اجد في خصام عبدها والوكلاء المذكورون لا يصطلى لهم بنار في القوة والكيد والمكر، ثم دخلت سنة:1313 يقال لها عام الشوط، وهي ريح شديدة مكثت شهرا وذلك العام عام شدة على أهل آدرار جاءت سحابة في وسطه لتيرس ورحلت الناس قبلها، فإذا هن لم تنبت شيئا وصار كل من قصدها في أعلا ما يكون من الضيعة وهلكت الفصلان وضعاف الماشية وفي آخر العام جاءت سحابة انتعشت الناس بها وقام الحرب الذي ذكرناه بين أبناء شمس الدين تلاقت فتية منهم بين حيين متقاربين في النزول عند "آفيكيم" (جبل صغير مات من بينهم محمد عبد الله بن السالك بن أحمد باه، وجعلوا دمه على سيد محمود بن محمد سالم بن محم وأنكره غايةالإنكار وجاء أولياؤه به للسالك بن أحمدناه أعني القتيل ليقتله أو يعفو عنه فقال له سيد محمود أني مستسلم للقصاص وإذا تلاقينا غدا بين يدي الله تعالى تجدني بريئا من دم ابنك فقال السالك القوم أولياء القاتل إن ابني مات على كلمة الإخلاص وإني أحتسبه عند ربي فرجعوا به وبعد مدة شهر أو شهرين مات سيد محمود بن محم قتلته اعزيزه بنت البرناوي والدة الأمير أحمد بن سيداحمد والحال أنها عند دار شار والتهمة حاصلة عند الناس أنها لا تفعل ذلك إلا بأمر من ولدها، وأحمد جاعلا للحضرامي بن عبيد بمنزلة الولد له ومحمد سالم بن محم وسيد محمود ولد اّد وأبناؤه وأحمد محمود بن لعبيد وكل من ينسب إليهم، هؤلاء الرجال المذكورون هم جماعة الحضرام بن عبيد وأحمد بن سيداحمد هم خاصته والسالك بن أحمدناه مكانته عند الملوك وعامة الناس لا تجهل، وبعد هذا اشتد الأمر وانحازت الناس إلى حومة القصر ونزل محضر آل احمدناه وآل محمد وآل اعبيدن عند اكيليت غرب ضريح الشيخ الحضرمي، وكان الحضارم بن أحمد صهر ا للحضرامي بن عبيد وكان بينه مع ابنته غيظ مركب من القصر بـ"صربة" فيها محمد سالم بن سيد محمود بن اجد واعل بن المالح وغيرهم فاسترضاهم بكل ما أحبوا عنده ورضوا عنه، ودفع لهم ما ذكرنا وحازوه منه، وتباشر الحي بذلك وناموا على العافية وحصول الأمن، فلما نام الجميع على ما ذكرنا فلم يعلموا بشيء إلا والحضرامي بن عبيد قامت فيه عمار فقتلته وهو نائم في خيمة خاله عبد القدوس بن اعبيدن فاجتماع المحصر تلك الليلة ولم يعلموا من ضرب "العمارة" والتهمة ثم لم تلحق إلا ودّاد بن المحجوب لكونه كان يحلف للحضرامي بن عبيد والناس تسمع يمينه أنه لا يموت من علة تصيبه ولا يكون موته إلا بواسطة منه وبيده فتحمل أعلامها وحاز ما هو متهم به من موت الحضرام وعمت موته على الحي الذي مات فيه لكونه مات غيلة نعوذ بالله تعالى في خيامهم وبين أظهرهم فهو الوسيلة فيما حل بهم من العقاب والجلاء عن الأوطان ثم بعد ذلك جاء رجال المحصر المذكورون من جهة أبناء سل، فقد آواهم امحمد بن ببوط وحازهم في كل ما يليق بهم إلا ضرب أبناء شمس الدين بالمدافع والدخول معهم في الحرب فذلك أمر لا يفعله رجل واحد من عامة أهل آدرار وخاصة أهل المدافع، لأن جماعة أهل المدافع لا يسامحون أحدا ف قطرة دم تقطر من شمسدي بواسطة واحد منهم فإذا حل أحد من الطائفتين عند أحل من قبائل آدرار أهل المدافع لا يحوم أحد منهم حومته، ولا يقدر أحد أن يصيبه بشيء ولولا ذلك لعم الحرب والشر على جميع أهل آدرار في يوم واحد وصار ذلك كسر لا يجبر مرة الدنيا فمن أجل ذلك جاء نفر من آل اعبيدن وآل محمد لأكن فعلم نفر من آل بعبدي فيهم أبناء الطايع وأبناء عبيد، وأبناء محم والتقوا عند آكن وافترقوا وهم بين قتيل وجريح، ولم يدخل بينهم أحد من أهل المدافع لما قدمنا وسمعت سيد محمود بن اهميد رجل من أباء عمّن من فتيان الحرب وهو يقول إنه منذو دخل الحرب ووقائعه لم ير مثل ما وقع بين النفرين عندما التقيا بئاكن إذ هم قليلون ولم ينج منهم من الجراح إلا القليل ومات منهم عدد في لحظة وكونهم لم يدخل بينهم أحد من أهل المدافع لأنهم بمنزلة أبناء وائل بن قاسط بكر وتغلب، قال الشاعر:

وائل بعضها يقتل بعا

 

لا يفلّ الحديد إلا الحديد

وبعد هذه الوقعة نزل أحمد بن سيد أحمد في الواد الأبيض وأرسل للجماعة فجاءته الطائفتان فألزم أهل الجناية التي هي موت الحضرام بن عبيد ستة حدائق جيدات وأربع ديات وحكم على الفريقين بأن لا يعدو واحد منهم على الآخر فاصطلحوا لله الحمد، وبعد هذا جاء مرض الجدري وأفنى كثيرا من أهل أطار مات فيه من أجلائهم ما ينيف على الستين فهو الطامة العظمى، وبعد ذلك جبر الله كسرهم وأزال عنهم ما كان من الخلاف ونسوا الذي كان بينهم وتحابوا وتوافقوا وصاروا مترافقين ومتواصلين كما كانوا لله الحمد على ما من الله به علينا.

ثم دخلت سنة:1314 أدركت هذه السنة كثيرا من الحرب الذي قدمنا بين أبناء شمس الدين وعافيتهم والجدري وقع فيها ووقع فيها أيضا اجتمع الجماعة وترتيبهم لمحمد سيدين بن بر للقضاء ومبايعتهم لسيدي بن سيد باب بالإمارة بعد وفاة أخيه محمد عبد الرحمن، ووقع فيها جلاء أبناء سلمون على جهة الرعيان أدركهم أحمد بن سيد أحمد عند آزياك ونجا سيداحمد بن مكي بالإبل ولحق الطلب لمدن وأخذوا بعضها سنة1315 تسمى حصار الدار وذلك أن أبناء غيلان وقع في قلوبهم الحقد لأحمد بن سيداحمد لما اجلا أبناء عمهم أبناء سلمون من آدرار وبعد ذلك أراد أن ياخذ الغرامة على خيام منهم يقال لهم آل العبيد الملوك فاستعظموا ذلك وعلموا أن أكثرهم نزيل عليهم من بين الموالي والصناع فإذا رضوا بذلك له يصيرون في أقصى الهوان فامتنعوا من صبر ذلك له وصاروا يتنحون عن الباطن الذي هو فيه فلما كملوا عند الرزك وكان آخرهم في الرحيل آل اخطير نازلون في "تكوك" فلم يعلم بشيء إذ سئل أحد من الناس عن خيل آل اخطير فقيل له رحلوا تابعين لبني عمهم فلما سمع ذلك أمر أهل القصر أن يأتوه بقرب الماء واستعد للحصار وأمر من معه من "إديشل" وأبناء اجّعفري أن يربعوا القصر الذي هو فيه وهو دور أطار، وسكن هو ومن معه في قلعة مولاي ابراهيم السباعي، وجمع الماء والزاد، فلم يبرح إلا وعسكر بني غيلان عند "فم آمدير" وزحفوا حتى صاروا قريبا من القصر وحاصروه هو ومن معه ونهض كثير من أبناء غيلان ونهب بعضهم أغنام أصحاب آل عثمان من تجنين وأخذ وابل اتوابير من عند اصطل وحاشوا ما في باطن اتويرم من الاغتام وغيرها من مال أصحاب آل عثمان وإديشلّ والتقى محمد ولد فيدّار مع الأجرام بن المعيوف عند آمنكّر كلهم في عصابة من قومه فمات الأحزام وهزم قومه كل هذا وأحمد بن سيدأحمد محاصر في الدار ولم يمت في ذلك الحصار إلا ابن الناكة بن البرناوي، ومن أبناء عمّن بن خال أحمد بن سيدأحمد فلما طال عليهم الحصار ولم يلقوا حربا من أحمد بن سيدأحمد، قال لهم بعض شيوخ أبناء غيلان أن أحمد بن سيدأحمد كالبير يحم من الرجال والرأي عنده أن تنجو بسلامتكم وغنيمتكم قبل أن يأتيكم بما لا قبل لكم به، فوافقوه على ذلك ورجعوا لأهلهم وهربوا قاصدين تكانت لأنها مأوى الفار الجاني من كل أحد، فلما رحلوا خرج على إثرهم بعسكره فأدركهم عند "تاوجافت" وضيق عليهم فلما عز منهم الصبر لم يعلموا بشيء إلا واأحمد بن سيدأحمد ومن معه منهزمون، ولم يقع بينهم كبير شيء فلما رجع لحلته ونظر في أمرهومن معه من الناس فإذاهم متباينون مع قومه الذين كانوا معه في الحرب لأنهم شبيهون بقوم ال شاعرهم في حقهم:

إن أسيافنا الغضاب الدوام

 

صيرات ملكنا قرين الدوام

باقتسام الأموال من وقت سام

 

واقتحام الأهوال من وقت حام

وإذا قومه أكثرهم إديشل أهل البتكه لا تليق بهم مقاساة الحرب مع أبناء غيلان فترفع في نفر من قومه قاصدا لبني دليم وغيرهم من أهل الساحل يريد نصرتهم له على أعدائه وأهل الساحل هم أصل العدو لبني غيلان وآل عثمان، ولم يحصل على مطلوبه سوى شماتة الأعداء التي تعوذ منها النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ذهب نحو الساحل عن آدرار زحف بنو غيلان وإدوعيش على جميع ما ترك من القبائل من إديشل وغيرهم الذين هم جيشه ونهبوا ما عندهم من ناطق وصامت وما في الحلة من كل شيء، وتمثل لسان حال الفريقين بقول الشاعر:

ومن رعى غنما بأرض مسبعة

 

ونام عنها تولى رعيها الأسد

وصار عسكر بني غيلان لأه البلد بمنزلة المطر فلم يبق أحد من ضعفاء الناس إلا ذبحو له من الغنم ما يقدر على حفظه وأكله ولم يتركوا لأحد من الضعفاء ولا غيرهم شيئا غير مذبوح لعدم قدرتهم على نجاته من أهل الغارة وأهل القصر في ذلك الزمن في غاية الجوع فمن أجل ما ذكرنا سمو ذاك العسكر "غز غواث" وفي مثل هذا قال الأحول البوحسني:

أسائل عنا السبي من ثكلى وعارية

 

تشكو إلينا فنكسوا جسمها العاري

تنبئك عنا بإضرار ومنفعة

 

فالحر من كان ذا نفع وإضرار

فلما جاء هو ومن معه من بني دليم الذين قال في مثلهم زهير:

ومن يغترب يحسب عدوا صديقه

 

ومن لا يكرم نفسه لا يكرم

جاء وأذهل آدرار في أقصى ما يكون من نهب الأموال والضياع وقلة الثمار وتكلف أبناء شمس الدين بضيافة بني دليم فنظر أحمد في أمره فإذا هو أعطى جيشه للعدو فلم يحصل على شيء، فعلم أنه كمن شق بطنه بيده فاشتغل بمهادنة قومه ورجوعهم لبلدهم وأرضهم وذلك هو الذي يتمنون لأن الجلاء لا يصلح إلا لأسائل الناس، فرجعوا جميعا وتلاحقوا في آدرار في آخر عام الجدري وهو عام:1316هـ قدمنا كثيرا من خبره أعاذنا الله منه ومن كل بلاء، وأول أمره أن عبدا مصابا بهذا المرض قدم من جهة شنجيط وطردوه عنهم لعلمهم بشدة ضرره وينالونه من جهة السودان عند مسير القوافل نحوهم حاملة للملح وتزيد الزرع، أما أرض باطن آدرار الموالي لأمسّاك وتجريت وتيرس فهي سليمة غالبا من هذه الأمراض وفيها نسق وشبه بأرض سبإ الذين قال الراجز في حقهم:

طيب هواء سبأ بموت له

 

كل غريب عنه حين نزله

وما تولد من العفونه

 

ومن ...... السم لا يرونه

كذلك ما ذكرنا من البلاد فلما قضى الله تعالى إنفاذ أمره في أبناء شمس الدين تمحيصا لذنوبهم من اشتغالهم في ذلك الحرب الذي هو أشأم وأرذل ما يشتغل به مثلهم مات من أجلائهم منه محمد عبد الرحمن بن أحمد بن سيدباب وأخوه محمدعبد الله وعميه سيدأحمد وسدات، ومات منه ابراهيم بن ابياي وابنيه محمد لحبيب ومحمد السالك وعبد القادر بن هيين وأخوه سيداحمد وأحمد بن لكبار وأخوه محمد عبد الرحمن وسيداحمد بن أحمد بانمّ وأخويه وابراهيم بن انتهاه وابنه حبيب الله، ومحمد عبد الرحمن بن أحمد مولود وسيد محمد بن عمار وغير وغير ممن يضيق الصك عن ذكرهم وفي هذا العام كثر الخصب ومات أيضا من الجدري لحمد بن عبيد ومحمد البخار بن بداه ومحمد سالم بن محم وعبد الودود بن محمد سيدين بن اعبيدن وغيرهم، مات فيه نحو ستين رجلا يضيق الصك عن حصرها كما ذكرنا فهو الطامة العظمى على أهل آطار وفي عام 1317 عام سقوط الدار على أحمد بن سيداحمد وهي من الأمور التي يتعظ بها المتعظون وينزجر بها الظالمون وترتعد بها فرائص الملوك الباغين ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، وذلك أن بني غيلان لما رجعوا من الجلاء وأتته جماعتهم ورؤساؤهم وراودوه فيما يقرب الأمر بينهم مع أنهم قومه وحزبه وجيشه فتلقاهم بالقاوة والفظاظة مع أنه غير مساو لهم في ذلك لما قدمنا من ندمه على زيادة العدو بهم، فلما ذهبوا عنه على الحالة التي ذكرنا كان من قضاء الله تعالى وقدره أنه اجتمع مع عياله وأصحابه في قلعة مولاي ابراهيم السباعي وفي حالة استعداد للعشاء والأتاي وكان عبد الرحمن بن عبيد صديقا له كصداقة أخيه الحضرام وهو من جملة الحاضرين إذ خرج عنهم من غير سبب بعدما كان ينتظر الأتاي ولم يكترث بما هم فيه، قال محمد مولود بن أحمد فبينماهم دار جو مرح زهرتها إذا هجمت حلاق وهي كقطام الموت فلم يعلم أحمد بشيء إلا وقد خر عليه السقف، وذلك لم يقع إلا في قوم ذكرهم الله على سبيل الذم بقوله: ﴿فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون نعوذ بالله مما حل به فأصبح ملكه بللا للأفواه اليابسة فلما علم أبناء غيلان نهض بعض سفائهم ليأكل ما أيدي أصحاب آل عثمان ولم يرض كبرياؤهم بذلك، واجتمعوا على إمارة المختار بن أحمد بن عيد تواقف لها جماعة أبناء غيلان والجعفري ووقفوا معه في أمر كل من أراد السنة وقع حرب بين كنته وأبناء أبي السباع وجاءت "صربة" الأفرانص لآدرار وجاء الشيخ سعد أبيه وسار بهم.

وبعد هذا عام 1318 عام شدة توفي فيه اعل بن محمد المختار السباعي العالم كان معتزلا عن الحرب أعني حرب كنته فلما جاء لخيام من كنته يظن أنهم لا يكترثون بعالم غير مستلئم معتزل عن الحرب، فقتلوه نعوذ بالله تعالى، ومات أيضا في هذه السنة أبناء الكيحل الرقيبات قتلهم السالك بن تابلّنك وقام الحرب بين أبناء غيلان والرقيبات وظهر القحط والشدة على عامة الأرض لما ذكرنا من سفك الدماء ونهب الأموال وصار المير في عامة آدرار لا يوجد منهم شيء إلا بالغلاء وذلك العام هو أول استدبار الإبل من آدرار وفي تيرس ويقول فيه محمد سيدين بن برّ:

نرى  البيضة الحمراء في القصر تشترى

 

بما يأكله المسكين من دقل التمر

وصار النوى للغير قوتا ومطعما

 

تدافع عنه العز بالضرب والزجر

وقال فيه أيضا:

تعدل نفكة في هذا العام

 

عشرة في سابق الأعوام

ومن بنفكة أجاد فازا

 

والخير والأجر بها قد حازا

وفي هذه السنة كثر موت الأبل من الشدة والجرب لما ذكرنا من استدبارها.

وفي عام:1319 غزا عسكر من الرقيبات أهل آدرار ولم يجدوا شيئا وتفرقوا عنهم فوجدوا الناس قد تحصنت منهم وأخذت الحذر وعادتهم أنهم إذا لم يلقوا مطلبهم من الغنيمة ينزلون عند أكابر أهل البلد ورأى أهل أطار ضررا كبيرا من ضيافتهم ونحروا لهم الإبل لقلة التمر والزرع في ذلك العام، فلما طالت الضيافة على أهل القصر وإذاهم أهون عليهم سقوط الرقيبات عليهم من ضيافتهم والمختار ماسكا لهم ويقول إنه لا بد له من شيء يزودهم به ولم يجده لشدة العام على أهل البلد ومع ذلك يزعم أنه قاهر لأبناء شمس الدين على ضيافتهم نحروا لهم الإبل وأنفقوهم جهدهم فلما عز منهم الصبر حلف سيدي للجماعة أنهم لا يقومون من مواضعهم في الصلاة وأنهم لا يشتغلون لهم في شيء، وقال لنا فوضوا أمركم إلى الله تعالى فوافقناه على ذلك فلما أصبحوا ولم يتعشوا غضب المختار غضبا شديدا وكسر بعض الدور ولم يجد شيئا فيما كسر منها وكان رأي سيدي هو الذي فيه الخير على العامة، وذهبت الرقيبات وسقط بعضهم على حي آل انتهاه وأخذوا لهم نحو مائة ناقة وأخذوا عيدا كل هذا تزود به محمد الخليل بن النجار اتهالي جاور به اصطيل التي مات عندها مع قومه الذين ماتوا ثم وذهب محمد بن الخليل مع بعض عياله، وفي هذا العام جاءت قوافل كثيرة من تجكانت ومسّومه يطلبون الملح ووجدوه فليلا وطال مكثهم حتى صاروا يعلفون غبلهم بالتبن وكثرت السرقة في إبلهم، وذلك زمن إمارةأحمد بن المختار الذي مات بعدها غفر الله لنا وله.

وبعد هذه النة عام 1320 عام اتويزغز تربعت الناس عندها واجتمع محصر كبير جله الطرشان وفيه محمد بن فيدّار ومعه حتى من قومه، فلما نزل وتيرس نهض نفر منهم وطاح على حي من أهل الساحل عند زمور، فلما قدموا على أهلهم رحلوا ونزلوا باتويزغز فلم يلبثوا إلا وعسكر عرمرم من أهل الساحل فدخل بهم وقتل نحو الثلاثين من الطرشان وقتل رجالا من أبناء غيلان وساق الإبل وحاز جميع المتاع وبقيت الناس أسبايْ، نعوذ بالله تعالى، وعم ضرره على جميع الناس، وبعد هذا وقعة "اجريفي" سقط أبناء أبي السباع على حلة آل عثمان عند "اجريفي" في لحفر، وكان السبب أن أبناء عمَّنّ سقطوا على أبناء أبي السباع قبل ذلك عند بير يقال له "لمّونكْ" في حومة "تازيازت" قتلوا أعز فتى فيهم وهو السيد ولد عبد الله الأزغم، وكان حاجزا بينهم مع اليبة لا يرى الظلم ولا يساعد عليه أحدا وجميع أبناء أبي السباع مالك لرقابهم بإحسانه عليهم بماله ومواساته لهم مع حسن الخلق، وهذا ليس خاص لهم به عن عامة الناس لا تجد أحدا ممن يراه من خلق الله إلا هو مبالغ في الثناء عليه، فلما أراد الله إنفاذ أمره في عقاب من على وجه الأرض من خلقه وخصوصا أبناء الجعفري جلعهم سببا لذلك لما قتلوا السيد وتحالفت أبناء أبي السباع على أنهم يأخذون ثأره بأضعاف مضاعفة فنهضوا وسقطوا على الحلة عند "بوخزام"، وقتلوا غرتها ورجلها التي تأكل به اللحم الطالب بن الأكرع أعز فتى فيهم، وقتلوا معه فتية لا يصطلى لهم بنار في القوة والمكر أبناء اهميمد، وظنت الناس أن ذلك تطيب به نفوسهم في ثأر السيد وهيهات، الأمر أشد عندهم من ذلك، فلما حسوا برحيل الحلة على جهة الأحفر وأنها عالمة على صداقة بني دليم نهضوا قاصدين لها وعازمين على أخذها من حيث لا تحتسب فلم تعلم بشيء إلا وقد صبحهم العدو وقتلوا الأمير وقتلوا انبد بن امحيمد ووده بن اهميمد وغير وغير وأخذ وخيل آل عثمان وزحفوا على بني دليم و"لعروصيين" واجتمع من الفريقين إمامهم خلف كثير فوجهوا نحوهم القرطاس ولم يكن إذ ذاك عند أحد غيرهم من الخلق فانكسر الجميع فقتلوا ونهبوا ومن ثم لم ترجع سيبتهم ولم يبق أحد من الخلق إلا إذا فوه شرا شرقا كان أو غربا، وأما اعل بن محمد المختار الذي قتلته كنته وقد نسيت خبر أخذ ثأره في محله وسأذكره هنا في خبر أخذ ثأر السيد فهو شبيه به لكونه عالما مات مظلوما، وذلك أن أبناء أبي السباع سئلوا عن أعز فتى في كنت مع علمهم أن سيد المختار بن عابدين تنتهي الرياسة عنده في كنت ولم يزالوا يسألون عنه ولم يلقوه، فلما سكن الحرب بغلبة الرقيبات لهم وجواسيسهم مع ذلك في كل بلد إذ علموا أن سيد المختار بن عابدين ذهب على جهة آل الشيخ سيدي وعنده أجريت عبارة عن فرس يمارس التجارة فركب نفر من أبناء أبي السباع على أثره فلحقوا به في الطريق وقتلوه، وأخذوا الفرس ، وهذا كله ثمرة البغي، وفي الحديث إن الله لينتقم من الظالم بالظالم ثم ينتقم منهما، أو كما قال.

وبعد هذه السنة عام 1321 طلوع كبّلاني ومنّاغ، وهذه السنة شديدة على أهل آدرار وليست شدتها من قلة المطر بل من السيبة والأوباش في ذلك الزمن الذين حرفتهم اليوم حرف الفحم وقطع الورق هم الأسود الضارية كثر الفساد في ذلك حتى قال لسان حال أهل آدرار:

إن نحن إلا أناس أهل سائمة

 

ما إن لنا دونها حرف ولا قرر

ملوا البلاد وملتهم منازلهم

 

ظلم السعاة وباد المال والشجر

إلا تداركهم تصبح منازلهم

 

قفرا تبيض على أرجائها الحمر

والحمر طير لا يبيض إلا في الخلاء، وفي هذه السنة نهض جيش من الرقيبات وسقط على بني غيلان على تكانت وقتل ونهب منهم، وجاء مارا على طريق أمكجار وادبحره شرق أطار وقتل ثم منهم مقتله عظيمة ونهب كل ما وجد في طريقه من تكانت حتى فرج من آدرار وقد كادهم بأن جاءهم من جهة الأمن، فمن أجل ذلك تمكنت ..... عليهم وسقط اعل لبات من تكدّ على حي من أهل الساحل ونهب منهم فلما رجع عنهم أدركه الطلب في الأمربجات وقتلوه وأخذوا ما عنده، وأذاقوا أبناء غيلان في ذلك الزمن شرا وكانت الأرض جدبا لم يمكنهم القرار في أرضهم التي هي آدرار فتلاحقوا على تكانت وأقروا أهلهم في بلد فيه "الحشيش" والشجر الذي تأكل الماشية، وفيه الماء والزرع والأمن، فاجتمع رؤساؤهم، وتحالفوا أنهم يغزون الرقيبات بعسكر عرمرم يردون به سيبتهم أو يموتوا عن آخرهم فتجهز كل من يحمل "مدفعا" بحيث لم يبق فيهم مدفع إلا نهض به صاحبه أو يأخذوه منه لغيره، فخرجت أربعمائة من مقاتلتهم وساروا من التامورت على ظهر تكانت يجدون السير ..... بلد قريب من واد نون، وذلك سفر بعيد شاق، فلم يكن لرقيبات علم بذلك وهم آمنون لم يظنوا أن أحدا من خلق الله يقدر على إتيانهم ثم لتلاحقهم في ذلك البلد وقرب تكنه منهم وذلك البلد ما وراءه وراء ف الأمن عندهم فلم يعلموا بشيء إلا والعدو صبحهم والغارة واقعة على "فخذهم" الذي يضربون له المثل في القوة وهم أبناء موسى، فلما وقعت الغارة على أبناء موسى تلاحق عليهم كل من ينصرهم من الرقيبات وتكن وغيرهم، فلما ساقوا الإبل عمت عليهم الخيل والرجال ولم يزل الحرب بينهم حتى حجز الليل بين الفريقين محبس أبناء غيلان الإبل وراقبوها وهم يطعمون في زيادتها وزيادة إسلاب ما قتلوا وخيلهم إما ما كان تحت أيديهم فلم يتخوّفوا عليه لصحة عزمهم ودونه عندهم خرط القتاد والتماس الفرقدين، وذلك دأبهم أنهم إذا أخذوا الإبل لا تؤخذ منهم كيف ما كان أهلها وتلك العادة درّبهم عليها أسلافهم ولاسيما إبراهيم بن مكي فبيتوا الأبل بمسمع من نسائهم وصبيانهم وهم في غايةالاحتياج للبنها عكس العسكر بات في غاية الري من البن والشبع من اللحم من مال الرقيبات وهذا الوصف من التحدي ما وراءه وراء فأنشد لسان حال أبناء غيلان:

....

 

بين أيدي الحماة أخذا وبيلا

فشفى النفس أخذها عن عيان

 

فامتهان الرجال يشفي الغليلا

فبات كل من الفريقين على الحالة التي ذكرنا حتى طلع الصبح فأصبح الرقيبات في غاية شماتة الأعداء إن غلبوا عن غبلهم وصبيانهم ونسائهم يبكون من شدة الجوع وأصبح العسكر في غاية الضراوة مثل الأسود إذا شبعوا من اللحم فلا يصطلي لهم بنار فأخذ العسكر ما فيهم من أعزل وجريح وضعيف وجعلوا لهم الإبل بين أيدهم وساقوها وقامت حماتها خلفها وعلى جوانبها وساقوها سوقا رفيقا، ولم يزل الحرب بينهم مع أهل الإبل حتى رضوا بسوقها برفق، وذلك هو أقوى دليل على أنهم ماتو نسأل الله السلامة فلما تجيء أبناء غيلان باإبل التي من نجابها يعلم ضرورة أنه صادق فيما يقول .... بهم بإبل الرقيبات دليل على صدقهم فيما حدثوا به من أمر الواقعة، فلما ذهبوا من عند الرقيبات جاء وللشيخ ماء العينين عند أصمار فوجدوا معه سيداحمد بن أحمد بن سيدأحمد، وكانت أمه ذهبت له نحو الشيخ ماء العينين تطلب له النصر منه وتزوره منه لهذا الأمر فلم يعلم بشيء إلا وأبناء غيلان نازلين عنده وإذا هو كل كبير منهم، فلما رآهم الشيخ رحب بهم وآواهم وأضافهم فقالوا له إنهم يريدون إمارة سيدأحمد، وهذا إذ ذاك صغير وأظهروا له أنهم أزالوا من قلوبهم ما كان بينهم مع أبيه، وذلك أنهم نظروا في سيبة آدرار وأهله فإذا هي أشد على بني غيلان من جميع الناس لكونهم إذا خلوا من أمير من أهل عثمان يضيعون وهم لا قدر أحد منهم أن ينزع شوكة الآخر، فلما جاء وبه خلعوا المختار ورجل إلى تكانت وسكن فيها وبقي سيدأحمد هو الأمير ومن ثم لم تغز الرقيبات أبناء غيلان إلى أن جاءت الدولة الفرنسية وحكمت في الأرض، أما تسمية العام بتمناغ فهي عبارة عن دقيق في قلوب النخل يصنع بالدف وقليل من استعمله إلا لحق به ضرره، والحامل عليه سيدة الأرض الناشئة لها من أبناء أبي السباع لا من قلة المطر ولكن لا قلة مع العافية ولا كثرة مع السيبة فقد جاوزوا الحد في تغريمهم بأخذ العبيد نانْمَ التي يأخذ مثلها محاربي وأخذوا شوائل البقر والقروات التي تكون من بناء الزوايا والأواني وغير ذلك مما لم يسبقوا له واقتدت بهم الأراذل وصارا معهم ينهبون ويخدمونهم ويسمونهم بفنّار، فلما كثر هذا الوصف وعم على جميع الأرض بكت من سفك الدماء عليها وبكاء النساء والصبيان والمشايخ من نهب أموالهم المؤدي لبكائهم من شدة الجوع والعري والعطش أرسل الله على عامة أهلها طوفانا مثل طوفان نوح إلا أن هذه الأمة عصمها الله من المسخ والغرق والخسف، وجعل للناس مكان ذلك ملكا يسمى كبّلان من دواهي الملوك خرج على أهل "القبله" التي هي الغرب، واجتمعت عليه العلماء الأجلاء الذين يقتدى بهم في كل شيء من أمور الدين وأرسلوا لعامة الناس بخبره والناس من شدة السيبة لا يذيعون إلا القبيح من الأخبار لكونهم لا يظنون أن سيبتهم يمكن ردها، فلما أرسل الله عليهم من علم في سابق علمه أن لا كلفة عليه في ردها قامت عامة من ذكرنا في أشد ما يكون من طلب الجهاد وأخذ أموال الضعاف بالنهب وما هو زائد على المعتاد من السيبة وكان هذا الملك يعلم من السياسة والتدبير ما لا يقدر قدره حتى أنه أخذ جميع أرض القبلة وآفطوط وتكانت ولم يسفك دما ولم يأته أحد يحب العافية إلا أكرمه وبجله فلما مات أخلفه كللن كور وقام في طريق من قبله بالسياسة والمهادنة للناس، ولم يزل آخذا بذلك وكل من مات من الناس فإثمه على المعرضين له لذلك الجهاد، لأن نتيجة العلم لم توجد عند المعرضين للناس، لذلك الأمر لفقد جميع شروط الجهاد ولأن سبب خروج هذا الجنس من الناس هو ما ذكرنا من بكاء الأرض ومن عليها، فمن أجل ذلك تركت أخبار المغازي ومن مات في ذلك كله إذ لا طائل تحته ذكر فتح ...... آطار عام 1326 وفي تاريخها يقول محمد سيدين بن برّو:

وفتح الروم أطار عاما

 

وكسش ورفعوا الأعلاما

فلما جاء كلان لأطار تعرضوا له وجعلوا أعمدة طوالا على غرف القصر وجعلوا عليها لباسا أبيض، و هذا بعد تلقيهم له بالكتابة جاءه محمد سيدين بن برّو بها وكاتبه على عامة الناس أهل آطار الحاضر منهم والغائب، والحال أن الناس فرّت فرارا عظيما، أما آل الشيخ ماء العينين فقرارهم على جهتهم إلى الساحل وكذلك الرقيبات إلا أنهم اشتغلوا بنهب الأموال وأبناء غيلان هربوا على جهة وادان، أما أبناء شمس الدين فجعلوا فرارهم إلى الله تعالى ودخلوا في الكدية التي بإزاء قصرهم وبقيت منهم جماعة ماسكة لقلوبها مع محمد سيدين والفارين مراقبين لقومهم حتى يعلموا ما سيحل بهم، فلما تلقاهم محمد سيدين ابن برو وراقب الملك لأنه من دواهي العلماء لا يصعب عليه خطاب ملك ولا غيره فلما نزل كللن "ركْ" أأطار بمن معه وفيه كابتين بونت أرسل في الحين الكتب لجميع من خرج من القصر.

ولنرجع إلى ما نحن بصدده وفي عام 1322 عام إصلاح الحراثة في خميلة تكوك أرخوا به لإتيانه بعدما ذكرنا من الشدائد والقحط والحرب جاء في هذه السنة مطر شديد لآدرار وحصل في تكوك من الزرع ما لا يقدر قدره وانتجعت الاس بعد ذلك الكرب حتى نسوه وجاءت لآدرار  قافلة من "أقلال" الحوض تريد الملح ولم يجتمع قدرها من الخلق فيما رأينا إلا من قوافل النصارى مات من القافلة شريف في ابناء غيلان لأنهم أخذوا نفرا منهم يأمنونهم من الساحل والتقوا مع نفر من أهل الساحر يريدون نهب إبل الرفقة فتضاربوا معهم ومات منهم ذلك الشريف.

وبعد هذا عام 1323 عام عركاب وفيه جاء سيل عظيم عم على جميع ألاكد من عند الأمر بجات إلى ما أنشدَّك وهما معروفان عند أهل أطار امتلأت منه خميلة "اكدس" حتى بلغ اذراع الذي شماله ولم يبق منه موضع قدم إلا عم عليه الماء وجاءت الأدوية متلاطمة الأمواج وغرق جل آطار في الماء وضاع أكثر ما فيه من المال، وكان ذلك العام في غاية الخصب، وفي هذا العام سارت الركبان من القبائل كلها من أهل آدرار وتكانت إلى الشيخ ماء العينين تطلب الرأي منه في أمر النصارى، وجاء الشريف معهم وبعد مجيئه رجع من هنا غير متزود، وبعد هذا عام مجيء امحاصر آل سيد محمود وكنته وغيرهم من الزوايا والعرب عام 1324 ويسمى عام اعريكيب، وفيه جاء سيل دون السيل الأول ومكثت الامحاصر في آدرار يظنون أنهم مهاجرون عن النصارى لما بنوا في تجكج التي هي أرضهم وأن أهل آدرار عندهم قوة على الجهاد لما سمعوا من الوقائع التي وقعت بينهم، فنظوا أن ذلك واقع عن شيء، وجاءت الأبراكن وجاءت "تندغه" وجميع الزوايا راغبون في الجهاد واجتمع من هذا خلق كثير لو كانت القوة في عدد الرجال ولكن قوة بيت المال تغلب كل عدد بلا مال وبلا نظام، فلما لم يروا شيئا من علامات الجهاد ووقع حصار دار تجكج ولم يحصل لهم عندها إلا موت ذلك من الفتية الذين يأخذون خيولهم بركابها كأنهم يقتحمون شيئا يمكن برازه وهم مبارزون لحائط القلعة، وذلك نعوذ بالله لم يقع إلا في نوفل بن عبد العزى يوم الخندق، وأما "الامحاصر" فإنهم لما فات يوم الدار وما بعده ولم يجدوا في آدرار ما يعهدونه في أرضهم رجعوا قاصدين لبلادهم وكاتبوا النصارى.

وفي عام1325 نزل العسكر الفرنسي عند أكجوجت وشرعوا في البناء ثم وانتدب أبناء الشيخ ماء العينين وأهل آدرار وتلامذة آل الشيخ ماء العينين انتدب كل من ذكرنا لردهم ووقع بينهم مع الناس أيام يوم "الأبيظات" ويوم "إيكنينت اتيكيوت" ويوم "اكويليل" ارفايك، كل هذه الأيام لم يجدوا فيها سوى الضرر الشيديد من العسكر الفرنسي لأنه عسكر مدرب وله بيت مال ونظام محكم الأسس وبعد هذا فهو مبعوث لهذه الأرض من قبل خالقها فلا قدرة لأحد عليه، وكل هذا من أجل ما قدمنا من سفك الدماء ونهب الأموال ليقضي الله أمرا كان مفعولا، وبعد هذا عام1326 دخل العسكر الفرنسي في خمسة عشر يوما من ذي الحجة من هذه السنة في آدرار وجاءوا فوجدوا الناس في أعلى ما يكون من السيبة والقلق ولو جاءهم حاكم غير هذا الحاكم كللن كور لطاشت عقولهم، ولكن من الله به على عباده لم يؤاخذ الناس بجرائمهم، وجعل العقاب للعباد في مالها دون النفس، وجعل على أهل أطار منه حمل خمسين بعيرا من التمر وحبس سيد أحمد بن محمد السالم بن بر وأحمد بن محمد المختار بن سيدباب وابراهيم بن عبد الله، ومحمد سالم بن المرضف، ولبثوا في السجن حتى تلاحقت الناس وجاء سيدي وطفق أحمد محمد عبد الرحمن بن سيد باب وفتية معه يهدمون الدور ويأخذون ما هو غابر وما في الدور من التمر ليقضوا به عن السجناء الذين أخذوا كرهائن حتى تقضى الغرامة والحال أن التمر فنى في الحرب والضيافة فلما لم يكمل "ألَـمَانْ" من التمر وقد حصلت منه نحو عشرون ألف مد أو أكثر شرعوا في تحصيل غرامة الغنم وقد كلفهم بجمع خمسمائة شاة يجمعون كلها حتى جمعوها له فأخرج أهل الحبس، وهذا كله قليل في حق أهل السيبة فلما قصضى "ألمان" وتلاحقت الناس عند القصر وزال عنهم الكرب وتباشروا بالعافية، وجاء من كان مهاجرا من الناس سبايا أكلتهم الرقيبات وبنو دليم كل ذلك جاء وجاءت أبناء غيلان سيداحمد بن تكد ومن معه أخذوا من جهة وادان، فلم يتم الضيف إلا وأهل آدرار متلاحقون فيه لله الحمد واستلموا للقضاء الذي لا مرد له وجاء الشيخ سيدي في الصيف مع بعض الفرنسيين أرسل له الحاكم الفرنسي ليعلم الناس ويسكن قلوبهم، فلما جاء لآدرار وسكن في أطار جعل يعلم الناس كيفية القانون.

وبعد هذا عام 1327 جاءت سحابة وهي على هيئة "أردان" والشعير إذ ذاك بين طريح على وجه الأرض وفارك لم يطرح فسمي العام بذلك الاسم الذي هو "عفن الشعير" والناس في هذا العام لم يشوش خواطرهم شيء، فلما قضى الشيخ كل وطر متعلق به من نصيحة الناس للحاضر بلسانه ولا خائب بواسطة الكتب حتى أنه لم تأخذه في الله لومة لائم أراد الرجوع فتجهز "يطنَ" في عسكر ليؤمنه فاجتمع من قوافل أهل آدرار ومن غيرهم خلق كثير وسار الجميع إلى بتلميت، وفي هذا العام جاء مطر قليل وحرث منه أهل آدرار بعض الحرث، وجاءه الجماد بسبب خلق كالذر يقولون له "لبخينيس" وهو مثل النم لالصغير وجاءت القوافل وفيهم لاحمى ومات بسببها رجال من أعيانهم محمد محمود بن المزضف.

وبعد هذا عام1328 جاءت في هذا العام سحابة "أردان" ومكث أياما والشعير إذ ذاك بين طريح على وجه الأرض وفارك لم يقلع عنها فتعفن المطروح ونبت الفارك فسموا العام بـ"عفن الشعير" والناس في ذلك العام لم يشوش خواطرهم شيء، فالعافية عامةعليهم وهم مشتغلون في مهماتهم وأهل الساحل متلاحقون في زمور للساقية الحمراء، ومحمد بن الخليل يأتي من عنده محمد المختار بن الشيخ البصادي بالكتابات ويرجع بجوابها من عند الحكام إلى أن شرح الله صدر محمد بن الخليل بالكتابة من فتوة محمد المختار لم يزل به حتى جاء طائعا في عصابة من قومه عام1329 سمي هذا العام عام مكاتبة محمد بن الخليل لعظم ذلك عند الناس كانت محمد بن الخليل ومعه قومه أبناء الغاظ وكثير من الرقيبات وتعلقت به أهل الإبل مثل أولاد بوارحيم وأبناء تيدرارين وكاتب الداف والشخي انبارك وكثير من أولاد الشيخ وأولاد داوود وغير وغير كانت عن كل من ذكر وأخذ الأمان لكل من أراد الكتابة وعرض له الحاكم الفرنسي بوجه طليق وآواه وضيفه وبجله وخلع عليه خلع الملوك التي لم يعهد من الملوك السابقة وذاق طعم العافية هو وقومه، وكانت الأرض محروسة عنهم فوجدوا الحاذ وآسكاف كل ذلك في منابته المعهودة عندهم ومعهما ما يجانسهما من الأعشاب بحسب منابتها، فلما رأى عانت إبل محمد بن الخليل أحب الأشياء إليهم وما كانوا يتمنونه أنشد لسان حالهم بقضية الصبي وهي أن والدته سرحت وجعلت أخرى مكانها، وكان في غاية الهزال وكلما سألها أبوه عن سبب ذلك فتقول إنه مسحور وهي مع ذلك عندها وعاء من التمر ودسم مخبوء عنه فراقبها حتى تخلفت فأخذ  الوعاء والدسم وأكل حتى شبع، وقال:

يا روح أبشر اليوم أنه

 

حمى أمنا ما تهود وما تجمعا

إذا كنت مسحورا فهذا دواؤه

 

وإن كنت غرقانا اليوم تشبعا

ومحل الحاجة من هذا أن رعاة الإبل رأوا أحب الأشياء إليهم وهم في غاية الاحتياج إليه وبعد هذا عام حركة الأمير وكللن لساقية 1330 وهذا العام خصب جدا نبت فيه من آز والربيع والزرع ما حاد بعسكر عظيم قاصدا الساقية الحمراء وأهل الساحل مجتمعون ثم بالساقية ونواحيها، فلما علموا به وهم متقاربون بجمعهم الصارخ في يوم فلما خرج من هنا على طريق زمور خرج بعده نفر من أبنا ءغيلان سالكا لطريق ترين يريد إكيدي وأهله لكون أهل الإبل تربعوا فيه، فلما علموا بكللن بالقرب منهم أرسلوا لكل جهة من الجهات صارخا وتلاحقوا عليه فلما التقى الجمعان واشتد الحرب بين الفريقين أغارب بنو غيلان على الخيام والمواشي، فلما جاء الصارخ لرقيبات وأخبرهم بما حل بهم من نهب أموالهم التي هي أحب إليهم من أنفسهم رجعوا عن كللن وقصدوا الإبل عند أبناء غيلان ولم يكن عندهم هم سوى أهلهم وإبلهم مات عدد من فتيانهم وهزموا أبناء غيلان هزيمة شديدة، ومات من أجلاء أبناء غيلان عدد كثير وأما كللن فرجع بمن معه بعد صدمة قومه من الرقيبات كثر في جيشه الجرحى والقتلى قبل نجدة أبناء غيلان لهم.

وبعد هذا عام 1331 اجتماع الناس بتيارت وفي هذا العام كثر المرض في آدرار ومات من أهله عدد كثير وتربعت الناس ف يحومة شار وأكثر الناس تربع في حومة حفرة وادان إلى الأبياء وكثر اللبن في تلك الجهة والسمن في الغنم ولم يطرأ فيه شيء شنيع، وبعده عام بواخزام تربعت الناس عنده أول العالم 1332 في هذا العام سالت خميلة أكدس وحصل فيه الشعير طاب ولم يدخل من عروقه في الأرض إلا القليل وتلك عادة الشعير إذا زرع في غير إبان زرعه ولكن إذا كان هذا حاله يقل نفعه وخرق الله العادة لأهله بأن حصل فيه نفع كبير ولم يطرأ فيه غريب غير ذلك، وفي عام 1333 تربعت الناس في حومة اصطل والمطر لم يأت إلا في الشتاء وحرثت الناس وأرسل الله الجراد على الأرض وجاءت ريح شديدة قبل المطر، وبعد هذا كله جاءت سحابة ونبت الربيع في حومة الاغشيوات وهاجر محمد بن الشيخ انبارك الرقيبي وأخذ قوما من عسكر الفرنسيين كانوا حرسا عن القطاع وقد أخذهم عند الله شار البير المعروف واحتال على أخذهم بنى لهم خيمة وصنع لهم طعام الغذاء وعندما عرشوا فيه ألقى هو وقومه القيض عليهم وأوثقوهم وساروا بهم وسار من منعه من المحاربين بحمر لأبناء شمس الدين ونهبوا خياما وأمتعة للحي المذكور فلما بلغوا علب مسكور تركوا الحمير، ثم وحلوا وثاق العسكريين الذين عندهم وتركوهم في ضيعة وهذا ما وراءه وراء من نقض العهد والظلم وهو مع ذلك يدخل في الناس ويتكلم مع أكابرهم ولا يكترث بهذا، فلما علم الحي ...... حميرهم طلبوهم فوجدوهم في حومة زوك لأنهم هاموا في الأرض مثل الوحش وبعد هذا عام 1334 موت الرقيبات عند اصطيل وتخلف عنهم ذلك العقاب ..... عنهم لكونهم فيهم محمد الخليل بن البخار ناهب إبل آل انتهاه وبعض مواليهم مات ثم من أعيانهم نحو اثني عشر ومحمد الخليل من جملة من مات ووقع التشويش في الرقيبات والحال أن محمد بن الخليل وحاكم فرنسا لم يعلموا بموجب لقتلهم وهما حاضران في آدرار ولم يعلموا بشيء إلا عند مجيء خبرهم بأن كوميات قتلوا المذكورين نعوذ بالله مما حل بهم فاشتغل الحاكم بما يسكن به الأرض ووافقه محمد بن الخليل على ذلك وهدرودم الرقيبات وفي عام 1335 هجرة اصريدف وهو رجل فاتك من كوميات هاجر في هذا العام وسقط على خيام عند أواد منهل معروف وقتل امرأة ثم ونجا بغنيمة أخذها أخذ الغادر الذي لا يعلم به حتى نهب ما عند الخيام الذين قتل امأة منهم والناس في ذلك العام كثير منهم تربع عند "لغشيوات" و"اتواجيل" وذلك العام خصب بالنسبة للماشية دون الحراثة بسبب تأخر المطر....... إلى الشتاء وبعده عام 1336 يقال له عام تشل بشر بتيرس غرب "زوك" نبت فيه الربيع زمن الشتاء، وكان ذلك العام جدب على آدرار ولم يكن للناس طمع بالمرعى حتى أخلف الله على البلد الذي ذكرنا ولم يشع الربيع فيه وإنما هو قدر يمكن أن تتربع فيه سبعون خيمة تلاحق فيه خلق كثير من أهل آدرار وغيرهم حتى أنه لم يبلغ مدة شهر حتى أكل ونفذ ما فيه من الربيع والحشيش وأرسل الله عليه الجراد ولم تفارقه الناس حتى أشرفت على الضياع وجاءت لآدرار ولم تكن فيه إغاثة للماشية وسارت القوافل من أهل آدرار يطلبون البأس من شدة ....... على جهة الداخل وكثر العطش في القوافل ورجعوا سالمين لله الحمد وفي هذه الستة التي هي عام 1337 عام "المرفك" وهي حميلة على ظهر آدرار عظيمة جدا وفي هذه السنة حصل فيها من الزرع ما لم يخطر لأحد ببال من كثرته وصارت الناس تؤرخ به العام وتضرب به المثل وفي عام 1338 الدفار وهي سحاب شديدة مكثت نحو خمس ليال بأيامها لم تنقطع هلك منها الخف والكراع وسقطت الدور وكثر البرد والجوع على الناس وهي آتية على أثر القحط وحرثت الناس كثيرا من الحراثة ولم تغن شيئا إلا بعد مجيء الصيف وهي جاءت في الشتاء فلما مضى الصيف صلح الحرث جميعا في الخريف القابل وكثرت الفواكه وحلبت الماشية من اللبن ما في مقدورها، وهذا حصل في زمنه المعتاد إلا الحرث تأخر عن زمنه المعتاد كما ذكرنا وصلح النخل وأما خبر المحاربين فلم يطرأ منه شيء شنيع تذكره، وفي عام 1339 لكبور تربعت الناس في هذا العام في الربيع النابت عام أول من سحاب الدقار وكثر لبن المواشي من لكبور والصنك في ذلك العام عند "اعوينيت" والقوافل تأتيها بالميرة والعافية عامة على عامة الناس والنخل في ذلك العام منى منه كثير من كثرة حملة وبعد هذا عام الحسب عام 1340 أمر الحاكم كل قبيلة أن تجتمع في مكان معين من آدرار ليأتها فيه ويحسب أنفسها ومواشيها ......... عنده الماشية لتعلق العشر بها فحسب معظم الناس وفي هذا العام كثر المرض ومات منه كثير من الناس وتربعت النا سعلى جهة أظهر والرشات التي شرق وادان وكثير من الناس من أهل آدرار تربع على جهة تكانت وآفطوط والقوافل من أهل آدرار تأتي بالزرع والنخل دنى جدا لم يثمر منه إلا القليل وبعد هذا عام "انواظفات" عام 1341 عم فيه ا لمطر على الباطن وتجريت وعلى ظهر آدرار من جهة وادان وسالت خمائل تسمى "انواظفات" وعم الخصب على آدرار وكثر فيه البرد ولكن كثر فيه الزرع واللبن والفواكه، فهو عام خير وخصب.

وفي عام 1342 موت وجّاهَ وفي هذا العام اشتدت الأرض ولم تحرث ولم يكن بها مرعى حتى جاء شيء من المطر للكدي المسماة "كديت أجّل" ونبت فيها شيء من الربيع ..... فتلاحق جل أهل آدرار عند الكدية المذكورة وأحوازها وتربعوا ثم حتى نفد الربيع من كل بار كان فيه فرجعت الناس لسقي من الكدية والآبار وأهل الإبل مثل الرقيبات يسقون من العقل المالحة مثل "العركي" وأمثالها ونزلت "اصنك" في هذا العام على فم البير المسمى بالمبروك، وهو قليل الماء لا يسقي إلا الرقاب لأنه بارد جدا ومواشيهم وما لم يجد الماء من الناس ف يالبير المذكور يرد آغوينيت، وهو بير كثير الماء بالقرب منهم وعنده دار للفرنساوية، وكان من قضاء الله تعالى إن "اصنك" مجتمع فيها من الرجال والعديد من الساحل يأتونهم كل يوم واحدا واثنين ويعظمون لهم أمر وجاه ويظهرون لوجاه ما لم يكن حقا من نصرته وقوتهم مع أنه ساعدته إلا قرار في بعض غزواته وغنم من الفرنسيين وظفر بالسلامة وتقول حسان في أمثلتها أن أم السارق لا تبقى على الولولة وقال الشاعر في ذلك:

أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت

 

ولم تخش سوءا ما يأتي به القدر

وسالمتك الليالي فاغتررت بها

 

وعند صفو الليالي يحدث الكدر

وكان من قضاء الله أن وجاه سقط على ا"الصنك" أعني "اصْنك" في آخر يوم من رمضان في نفر قليل يظن العدو عنده مثل الذباب لما ذكرنا من الإعجاب بالنفس والرأي فراقب "اصنك" إلى ضحوة يوم الفطر وأغار على الإبل في حاشية ذراع "آزفال" شرق الجبل العظيم المسمى بالوعل وقتل بعض رعاتها ونهبها هو وقومه ولم يلبثوا حتى أدركهم الطلب وعم عليهم العدو فهرب قومه عنه كما هو عادة من ليس بظهر للرجل ويقولون في المثل "اللي ما اظهر إطيح" وبقي هو وحده فقتلوه وقطعوا رأسه وذلك ثلمة في الدين، فلما جاء الخبر للرقيبات الذين كانوا يعظمون شأنه وأنه أعظم عندهم من أن يموت كثوا مدة طويلة ينكرون موته ويجعلون الميت غيره غيره، وفي هذا العام كثر العطش في المواشي وأهلها لما أرادوا الرجوع لآدرار والنخل لا شيء فيه وجل العام مضى على الناس على جهة الكزي والشعير كثير عند الرقيبات لأن قوافلهم تذهب وتأتي به وأهل آدرار يشترونه منهم بالشيء التافه، وبعد هذا عام اطريفيات 1343 وفي هذا العام تربعت الناس في مغطير واجتمع فيه جل أهل آدرار والرقيبات والصنك في ذلك العام عند "اطريفيات" شرق "العايدات" وكانت ثم منذو زمن والقوافل تحمل لهم الميرة من أطار، فلم يعلموا بشيء إلا والعسكر نازل عليهم وهو من أهل الساحل وهو عظيم وجدهم في منعة لا يقتحمها إلا من لا حاجة له في نفسه فتحاصروا ثم نحو ثلاث ليال والعسكر لما مر بالبير الذي هو شار أخذوا الراوية التي هي شراب "اصنك" ولكنها على "عكله" مالحة يشربونها عند الضرورة مع ماء الفرث ومن ثم من النصارى يشرب ماء قرب الحديد، فلما طال الحصار وكان الذي ثبط عسكر أهل الساحل أنهم لما نزلوا بإزاء "الصنك" أتتهم ستون حمارا موقورة بالميرة جلها لأبناء شمس الدين فأخذوها وقتلوا بن صيك السلاوي مع رعاة المتاع والحمير وعاشوا به ولولا ذلك لم يمكثوا إلا قليلا، فلما طال الأمر وعز الصبر من الفريقين رحل العسكر قاصدا أهله بعد أن مات من بينهم فتيان يضرب المثل بهم في الشجاعة والعز في قومهم منهم محمد عبد الله بن عبد الوهاب هو يمين وجّاه وتفرق العسكر ولم ينل كبير شيء وبعضهم دخل مغطر ونهب قطعة من الإبل وسقط بعض الرقيبات على الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل نهبوا شوائله وفي عام 1344 يسمونه عام "زوك" وبعضهم يسميه عام "الدويكج" وهما جبلان عظيمان في تيرس تربعت الناس عندهما وتلاحق كل من دخل لتيرس من أهل آدرار والرقيبات عند زوك، وفي هذا العام نهب محمد المامون بن اعل الشيخ بن محمد تقي الله عبيد آل الشيخ محمد فاضل من عند اجريف ونهب حلي بناتهم نعوذ بالله تعالى مما حل به من الفضيحة والرزية وتبعه الشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل وفاداهم من أهل النهب الذين نهبوهم مع محمد  المامون، وجاء بهم حتى ردهم لأماكنهم ومن جملتهم حرة نهبت مع العبيد لأهل شنجيط لكونها زوجة لعبد من عبيد الشيخ سعد أبيه، فلما جاء بالعبيد وبالحرة المذكورة اجتمع من كان باجريف من العبيد وحزموا طبلا وصاروا يكررونعليه "بتّاً" من الغناء وظهره:

يلل بيه ال جان

 

يا لخدم حمدو مولان

وكثير من شعرهم يضيق عنه الصك، وفرح أهل شنجيط بمجيء حرتهم وجعلوا له يوما مشهودا، وفي هذه السنة أول مجيء الطيران الفرنسي لآدرار وتوفي فيه السيد الفاضل محمد الامين بن انتهاه واجتمع فيه كفر مع أكابر الرقيبات وتلاحق عليه من أمرائهم ما يقارب المائة، وقد سرى لهم الهوان من ذلك الاجتماع عند الحاكم لأن ذلك يدل على عدم انتظام كلمتهم، وفي الحديث اللهم اجعلهم رؤوسا كي يختلفوا، وبعد هذا عام 1345 عام الشدة لأن الغلاء عم على الناس حتى أن الريالة تباع بنصف مد من الزرع وكثر المرض فيه، توفي فيه محمد سيدين بن برو وسيد أحمد بن عبد الرحمن بن اعبيد، وباع الحاكم الأرز للناس في ادوير وجاءت القوافل تحمله لأطار وجاء المطر في آخر العام وكثر الحرث فيه والنخل دنا جدا، ولم تنتعش الناس إلا من الحرث واللبن وبعد هذا عام 1346م واد لعزايز بلد بتيجريات غرب اصطل فيه واد ظهرت فيه عقلة من الماء البارد، ولم يكن مأوى للماء قبل ذلك، ولكن خرق الله العادة لناس بوجود الماء عنده، فلذلك تلاحقت الناس عنده أهل آدرار والرقيبات وغيرهم و"الصنك" عند أواد  والخصب والعافية عامة على الناس.

وفي عام:1347 سقط زوك عن أهل تيرس وكان ذلك أمر عظيم يؤرخون به لكونه هو الشافي لأهل تيرس ...... واجتمع له كثير من أحياء الرقيبات وبنوه بالصخور المؤدية لبقائه على التأييد، وفي هذا العام أثمر النخل حتى شهد أهله أنه زاد بالضعف على معتاده وكثر فيه المرض من كثرة الحمل ومات كثير منه و"الصنك" في هذا العام عند "اغوينيت" وتربعت أهل آدرار بتيرس ومعهم الرقيبات، ولم  أعلم بشيء عظيم طرأ في هذا العام لله الحمد وفي عام 1348 يسمونه عام "اصلاح تنغراد" لأن حرثها جاوز المعتاد عندهم وتغراد واد مشهور من أودية الباطن يمر ماؤه بقصر الطرشان وتزكرز وترون حتى يصب في بطحاء آطار وهو كثير النفع أعلاه يحرث ووسطه وأسفله عامر من النخل وتوفي في هذه السنة محمد سالم بن اجدو كثر الخصام في تركته ولم يطرأ فيه غريب غير ذلك وفي عام 1349 نزلت "الصنك" في بطحاء تزاديت عند كدية اجّل وجاء أحمد بن حماد بن احميميد الرقيبي يراقب الغنيمة وسقط على لكدادر عند جانب الكدي الشمالي فهزموه مع قلتهم وقتلوا بعض قومه ورجع خائبا، وقد تحدثت الناس بفتح ما وقع فيه لكونه لم يلف من الناس إلا يسيرا وبعد هذا عام الشدة 1350 كثرت الشدة في آدرار وضاعت الرقيبات وكثر الحرب في مواشيهم وكان كثير منهم في "آكشار" "وآمساك" وجاء بعض من المطر لآدرار ومغطير وهذه السنة يؤرخون لها بموت الأمير وهجرة الرقيبات، وذلك أن السحاب التي ذكرنا وقع منها كثير في مغطير من بعيد من عند ام "اشياف" إلى الحنك وتربعت الرقيبات في تلك الأرض ورحل جميع ما كان منهم بآدرار ورجل معهم كل نزيل عليهم من الزوايا واللحم وأهل آدرار يظنون أن الرقيبات يطلبون المرعى على عادتهم والرقيبات عازمون على الهجرة والزوايا مغلفون لضعف قلوبهم عن مكائد أهل الحرب فلما تلاحق جميع من كان في آدرار من الرقيبات في تلك الأرض وأمدهم قومهم الذين كانوا بـ"إكيد" وساعدهم خصب الأرض ظنوا أن ذلك شيء له بال من موجبات الاستقرار ونصوا المثل الذي ضرب الله للدنيا، قال الله تعالى: ﴿إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلنا من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وزّيّنت وظن أهلها أنهم قادرون ع ليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون كذلك ما غر الرقيبات من حسن حال الأرض فلما تكاملوا في الجهة التي ذكرنا والأمير في أرغد عيش وأعلا مقام وكان بينه كلام مع اتوبير في وظيفة المغرم في قضاء ناقة يأخذها على أفرادهم وقوّم الحاكم لبن الناقة بقدر من الفضلة ولم يرضاه منهم فحال عليه الحول ولم يأخذ منهم شيئا وحال الثاني فكلفهم الحاكم بدفع ما يلزمهم في العامين، وهو إذ ذاك متأثر من خبر اتوابير لكونه لا يرضى بدون ما كانوا يعطونه في زمن السيبة وذلك مناف لحكم الحاكم في أرض محكوم عليها وكثرت عليه الوشاة بالنميمة وداخله العجب من جهة الآباء فرحل من عند "الكور" أو قريبا منها قاصدا التربع عى لجهة الأبيار مع أن "صنكة ديزم" ..... والبيظ أمامه وكان رحيل الحلة لم يتهمه أحد لكون أهل آدرار عند "أم إشياف" عقلة لحة بأقصى مغطير وبعضهم عند الأيبار وذلك بعيد من "اصنك" فلا تهمة تلحقه فلم يزل راحلا إلى أن بعد فأتاهم "يطن" ففعلوا ما فعلوا به من الغدر بأن قتلوه ثم وقتلوا عددا من قومه، وفروا فتبعهم "كابتين" في عسكر ولحق بهم في الطريق قريبا من الرقيبات فقتلوه ثم وقتلوا عددا من قومه معه نعوذ بالله مما حل بهم وذلك هو أهون ما يلاقيه الغادر وبعد هذا جاء عسكر من الرقيبات وسقطوا على الطارئ ونهبوا من المال ما لا يعد ولا يحصى، وسقط آخر من بني دليم على بني غيلان ومات من الفريقين عدد كثير وكانت على بني دليم وقبل هذا نهض عسكر من أبناء موسى على جهة الحوض وفنى جميعا ولم يرجع منه إلا ما قل وحل فنائهم من العطش نعوذ بالله، وسقط نفر من "لكدادر" مرتين على أبناء موسى الرقيبات ونهبوا، وتتابع السقوط من "لكدادر" على أبناء موسى ومن أبناء غيلان على بني دليم حتى ضاعت أهل الساحل ضياعا شديدا نعوذ ابله مما حل بهم.

وبعد هذا عام موت اعل بن ميار عام 1315 وفي هذا العام سقط أبناء غيلان على بني دليم مرتين بعد وقعة أم تونس على "الصنك" التي عندها، وقتلوا من "أبناء دليم" ونهبوا وسقطت "لكدادر" و"مشظوف" على حيين من الرقيبات، وقتلوا ونهبوا وسقط عسكر من أخلاط أهل الساحل على أحياء أبناء شمس الدين وقتلوا منهم امرأتين ونهبوا الغنم والحمير خزاهم الله وحملوا المتاع، وبعد هذا بيسير زحف كابتين بعسكر قاصدا حي الرقيبات الذي هو منعتهم وزهرة ملكهم وهو محصر اعل بن ميار فسقط عليهم عند زمور ومات اعل المذكور وغنم كابتين منهم غنيمة زائدة على الوصف من الحي المذكور من الإبل والقطائف وجميع الأثاث والعبيد، فلما نظرت الرقيبات ما حل بهم من الهوان والضياع نعوذ بالله تعالى جاء وعلى رغم أنوفهم وكاتبوا كتابة المغلوبين قبلهم وظهرت لهم نتيجة العافية ورضوا بما قسم الله عليهم وكان بينه ولد آفرييط رجلا حكيما لم ينقض العهد، ولم يتجرد من مكانه ولم يشاركهم في هجرتهم فظهر لهم أنه هو الرجل الذي ..... في عواقب الأمور ونتائجها، فكاتبهم الحاكم على ما كاتب عليه جميع الناس ورضوا بحساب المال ودفع غرامة العشر وعدم مساعدة العدو عليهم إلى آخر فصول الكتابة وبعد هذا عام 1352 بناء الفرانسة لدار عند "قليب الكدى" المسمى "بافديرك" شرعوا هذه السنة في بناء دار ليست كالبناء المعتاد الذي قبلها بل بنوها بناء الخلود وحملوا من الميرة وأدوات البناء نحوها ما يدل على ذلك وجهروا قليبين يطلبون الماء وصارت السيارة تصبح ثم وتروح لأطار، وذلك أمر خارق للعادة تقطع في ذلك اليوم ثمانية أيام للإبل الحاملة والسحاب قليلة في هذا العام في آدرار والحراثة قليلة فيه وتكانت وآفطوط خصب والعافية في هذا العام عامة على البلاد لله الحمد، وفيها وقعت نازلة عظيمة بين حسن بن المراكش وعزيزه بنت الزين بن اسويد الشمسدية حكم فيها "بطن الترجمان" وسيدي بن سيد باب على حسن بثبوت نكاحه للمذكورة وأوضحا فيها الحق لله در سيدي فهو جدير بقول الراجز البليغ:

لا غرو أن فض حجابها العلم

 

فكم جلا قناع غيرها وكم

قد انتهى ما أردت سرده من الأعوام من إمارة أحمد بن امحمد بن أحمد بن عيد وعيدّه هذه امرأة من الأعويسيات ينتسب إليها آل عثمان وتقول لهم الناس أخوال أحمد لأن ذكرهم يكسر الحجاب وأظن أن سينهم منقبلة عن صاد جمع عاص نعوذ بالله من العصيان خاتمة نذكر فيها الرد على الطلبة الجاوين للمحاربين ودعواهم للهجرة فكل من ضيق عليه الشرع وحكم عليه القانون والحكومة بترك الفساد والبغي يهرب إلى الساقية الحمراء التي هي مأوى المحاربين فيجد ثم بعض الطلبة يحسنون لهم ذلك ويقرأون لهم أن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلخ، ولم يعلموا فيمن نزلت وإنها نزلت في القوم الذين أسلموا ولم يهاجر وفلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم ولم غازيا لبدر مشو مع قريش قاصدين حرب النبي صلى الله عليه وسلم وكثروا سواد العدو عليه ومن كثر سواد قوم فهو منهم ونظم السيد البدوي القوم المذكورين في نظمه المشهور لغزوات النبي صلى الله عليه وسلم مع أنهم تركوا الهجرة، قال في تعريفهم:

...... وتوفت ظالمي

 

أنفسهم ملائك الملاحم

وهم علي بن أمية الردي

 

والحارث بن زمعة بن الأسود

وابنان للفاكه و الوليد

 

وابن عم من ابنه المجيد

سميه وأخوي فرعونا

 

شقيق أو للأم ذاق الهونا

سلمة عياش المستضعفين

 

قنت با ..... طه الأمين

والمستضعفين هم المذكورون في القرآن بقوله تعالى: ﴿قالوا لو كنا مستضعفين في الأرض وقال صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح وإنما هو جهاد ونية" نعم إذا كان الإنسان في بلد لا يستطيع إقامة دينه فيه ويعلم بلدا فيه إقامة الدين وإظهار الحق على الباطل يجب عليه الانتقال منه إلى بلد يقيم فيه دينه وكون الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى فسر الإعلاء بعض المفسرين بقوله تعالى: ﴿إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا كما هو الواقع في بلاد الحكومة، فلا يقدر ظالم جبار أن يمنع حقا لضعيف وأيضا نسوا قوله تعالى: ﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وقوله تعالى: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى، فإذا تأمل العالم المنصف هذا وعلم أن الفتوى بغير المشهور في نازلة سبل عنها من فروض العين خاصة أو منكر ظاهر لم يعلم فيه خلافا وكان له يد من جهة الحاكم وأذن له في تغيير ذلك المنكر يلزمه بذل مقدوره في ذلك المنكر ومن له يد من الحاكم متنزل اليوم منزلة قوله تعالى: ﴿الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور فإذا تقرر هذا في ذهن عاقل يعلم ضرورة أن العلماء المجاورين للمحاربين متنزلين اليوم منزلة المنافقين لأنهم لا يد لهم من جهة الحاكم في إظهار الحق والذين معهم من الناس استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله وتقول العامة: "ال ما نافق ما وافق" وفي المثل: "من دخل ظفار حمر" أني تكلم بالحميرية كذلك علماء الصحاري نسأل الله لنا ولهم التوفيق واعلم أن الإنسان مأمور شرعا بحمد ربه والثناء عليه ولاسيما عند إدرار نعمته عليه بصحة نفسه المفضية للإتيان بالعبادة على الحالة المطلوبة منه شرعا وقد خصنا الله تعالى بما لا يحصى من نعمه لله الحمد بأن جعلنا مأوى لخلقه وجعل معظم ما في المغرب من الحكام معنا، وكذلك معظم بيت المال وجعل فينا سوقا عامرة بالليل والنهار وتقيم الجمعة والجماعة دائما نقرأ القرآن والمؤذنون على المساجد في كل وقت ومات الظلم لا رحم الله أهله وانحط قدره وتمكن أهل الدين من إقامته وما كنا نظن أن هذا يوجد في الدهر وشاهدنا نتيجة حديث: "عجبت من أقوام يقادون إلى الجنة بالسلاسل" لعمومه على أهل الزمن، قال تعالى: ﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى﴾ فقد أظهره الله تعالى على أن العبد يكره ما فيه الخير، قال تعالى: ﴿عسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا﴾ وهذا مثل في مسارعة الناس قبل لدوام السيبة والتكلف للمشاف في عدم انقطاعها والحمد لله الذي أراح عباده منها وأنامهم في ظل العافية، جعلنا  الله ممن يديم ذلك عليه دنيا وأخرى، آمين آمين، يا رب العالمين.

وفي الختام هذا هو نسب المؤلف:

هو عبد الودود بن أحمد مولود بن محمد بن أحمد بن ابراهيم الصغير بن ابراهيم الكبير، بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن، بن ابياي بن عبد الله بن بن أحمد، بن شمس الدين، بن يحيى الكبير القلقمي، بن سيدي محمد بن سيد عثمان، بن مولاي ببكر، بن سيدي يحيى، بن مولاي عبد الرحمن، بن مولاي اتلان بن اجملان، بن ابراهيم بن مولاي مسعود، بن مولاي عيسى بن مولاي عبد الوهاب بن مولاي يوسف بن مولاي عمر بن يحيى بن عبد الله بن مولاي أحمد بن مولاي إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم بن علي كرم الله وجهه ولا يخفى ما في صحة نسبنا لشمس الدين لقرب ما بيننا معه إذ كل واحد من أجدادنا أخذنا برجله، فلا ينازع لنا فيه ولا تخفى عليك أيضا نسب شمس الدين ليحيى الكبير القلقمي لكثرة الشهود عليه مثل محمد فال بن متال الذي قال في أبيات يذكر فيها أبناء الشريف ذا الثدي الذي هو يحيى الكبير القلقمي وجد أبناء شمس الدين في أطار، وذكره الشيخ سعد أبيه بقوله وكملت محيي نفسي بشمس الدين يحيى القلقمي وذكره أحمد بن عبيد بقوله والده الإمام شمس الدين ذوي التقى والعلم واليقين والده الشريف ذي الثرى الأغر كما لنا به تواتر الخبر، وقد شبعنا الغليل في فصل ذكر نسب شمس الدين في صحته ونقلنا الأدلة القاطعة عليه  في أول الكتاب وسرده.

انتهى والحمد لله على انتهائه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير أنبيائه، وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه، وسلم تسليما كثيرا، وكان الفراغ من تأليفه ضحوة الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب الفرد عام1353 هجرية.

يا ناظر الخط فاستغفر لمن كتبا

 

فقد كفتك يداه النسخ والتعبا

وقل إذا نظرت عيناك أحرفه

 

يا رب فاغفر له وارزقه ما طلبا

من كل خير وبر أنت مالكه

 

فأنت أكرم من أعطى ومن وهبا

واعلم يا ناظر هذا الكتاب أني متمثل بقول البدوي في نظمه:

ومن رأى خلاف ما ذكرته

 

فليتّئد لعل ما أبصرته

في غير ما طالعه إذ الطرق

 

لاسيما في الفن ذا قد تفترق

ومن يكن مستوعبا مثلي ذكر

 

مشتهرا منها وغير ما اشتهر

وربما وربما تنكر ضيف العطن

 

والباع والبحث على فطعن

ولست إلا من مشاهير الكتب

 

آخذ ..... ....... أو ليسب

 

 



[1] -  جول، أو"فم جول" طريق إلى الغرب من مدينة أطار في الجبل الذي يمر شرقي "آزوكي".