يحتفظ العرب في بلاد #المغرب بأكلاتهم الشعبية وعاداتهم الأصيلة الضاربة في القدم خلال شهر رمضان ذي القسمات الروحية النابضة .
تعتبر الحريرة إحدى الأكلات الرسمية والأساسية التي تبرز في مائدة رمضان عند عرب المغرب .
أما عن أصولها العربية :
فيقول فيها أبو منصور الثعالبي (ت 429هـ/1039م) في كتابه ‘فقه اللغة وسرّ العربية‘: “وأطعمة العرب على [وزن] ‘فعيلة‘ كالسخينة والعصيدة.. والحريرة”؛ وكذلك الهريسة و”المَضيرة” وهي طبخ اللحم باللبن الماضِر أي الحامض.
وقد ذكرها محب الدين الطبري المتوفي سنة 1285 في معرض حديثه عن وفاة سيدنا ابي بكر فقال * .عن ابن شهاب قال كان أبو بكر والحارث بن كلدة يأكلان حريرة أهديت لأبي بكر فقال الحارث لأبي بكر ارفع يدك يا خليفة رسول الله إن فيها لسم * .
وأما “الحريرة” فيُعرِّفها مجد الدين ابن الأثير (ت 606هـ/1209م) -في ‘النهاية في غريب الحديث والأثر‘- قائلا: “الحريرة: الحَسا المطبوخ من الدقيق والدسم والماء؛ وقد تكرر ذكر الحريرة في أحاديث الأطعمة والأدوية”. وقد تطورت الحريرة مع التحضّر حتى أصبحت بصورتها الحالية التي يتفنن فيها المغاربة ويقدمونها على موائد إفطارهم الرمضانية، إلى درجة اصبحت هذه الوجبة المتفردة مرتبطة بالموائد المغربية على الخصوص، وهي تعكس غنى الأراضي الفلاحية المغربية وتنوعها، وأيضا غنى فنون الطبخ في المغرب.
وقد أورد الرحالة المغربي الشهير "إبن بطوطة " في كتابه "حفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" حيث يصف فطور سلاطين الهند وشعبهم .
كما نجد أنها من أطعمة أهل مكة عند ابن الفقيه (ابو بكر احمد بن محمد الهمداني) , كتاب مختصر كتاب البلدان .
وكذلك من أطباق الأموية حسب ابن قتيبة (ابو محمد عبد الله بن مسلم الدينوري ) , كتاب عيون الاخبار.
و ذكر ابن زهر صناعتها ممن الحنطة والذرة ودقيق الشعير في كتابه الاغذية في الخطابي , محمد العربي الاغذية و الادوية عند مؤلفي الغرب الاسلامي.
ونجد ذكر لطبق مشابه للحريرة في الشريعة والسنة حيث يقول ابن منظور (ت 711هـ/1311م) في ‘لسان العرب‘: "الخزيرة والخَزِير: اللحم.. يُؤخذ فيُقطّع صغارا في القِدْر، ثم يُطبخ بالماء الكثير والملح، فإذا أُمِيَت طبْخاً ذُرَّ عليه الدقيق فعُصِد به، ثم أُدِم بأيّ إدام شِيءَ. ولا تكون الخزيرة إلا وفيها لحم، فإذا لم يكن فيها لحم فهي عصيدة".
كذلك نجد, في حضور النبي صلى الله عليه وسلم قد رواه النسائي في السنن الكبرى، وأبو يعلى في مسنده، وغيرهما: أَنَّ عَائِشَةَ ـ رضي الله عنها ـ قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَزِيرَةٍ قَدْ طَبَخْتُهَا لَهُ، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ ـ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا: كُلِي، فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِنَّ، أَوْ لَأُلَطِّخَنَّ وَجْهَكِ، فَأَبَتْ، فَوَضَعْتُ يَدِي فِي الْخَزِيرَةِ، فَطَلَيْتُ وَجْهَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَضَعَ بِيَدِهِ لَهَا، وَقَالَ لَهَا: الْطَخِي وَجْهَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا، فَمَرَّ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، فَظَنَّ أَنَّهُ سَيَدْخُلُ، فَقَالَ: قُومَا فَاغْسِلَا وُجُوهَكُمَا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمَرَ لِهَيْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وهذا لفظ أبي يعلى، والخَزِيرَةُ ـ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الزَّايِ، وَفَتْحِ الراء المهملة ـ هو حساء يعمل بلحم، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، خَلَا مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ ـ وقال العراقي في تخريج الإحياء: رواه الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة والمزاح، وأبو يعلى بإسناد جيد ـ وحسن إسناده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة.
أما عن كيف إنتقلت هاته الأكلة إلى المائدة المغربية . فحسب المصادر فاأكلة قدمت إلى المغرب مع الأموين في ترة الفتح إسلامي . وذاع صيتها في فترة سقوط الأندلس مع دخول عرب الأنلس . حيث نجد ابن زهر الأندلسي المتوفي 1162سنة في مؤلفه "كتاب الأغذية" فقال : "الحريرة المتّخذة من الحنطة يكون عنها خلط غليظ نيّء، وحَريرةُ دقيق الشعير خير منها، وكذلك حريرة الذرة والبَنج".
و ذكرها ايضا ابن رزين التجيبي اللاندلسي نزيل بجاية و هو صاحب "فضالة الخِوان في طيّبات الطعام والألوان" مع أنواع الأطعمة والمحلّيات وأسماءها التي انتقلت من الأندلس إلى بلاد المغرب، كالكسكس والمرمز والجشيشة..
و كما جاءت في بعض أشعار لسان الدين ابن الخطيب، كقوله:
ورُبّ صلاةٍ قُدّمَ النفلُ قبْلَها ** وتُشرَبُ من قَبلِ الثريدِ حَرِيرةْ.
وكذلك قبله بدخول عرب التغريبة الهلالية . حيت لم يكن العرب يعدلون باللحم شيئًا إذا توفروا عليه، ويرون أن تناوله مع غيره تطويلٌ لا موجب له؛ فقد جاء في ‘محاضرات الأدباء‘ للراغب الأصفهاني (ت 502هـ/1108م) أنه "قُدّم إلى أعرابي خبز عليه لحم، فأكل اللحم وترك الخبز وقال: خذوا الطبق"!
ويروي ابن قتيبة الدِّينَوَري (ت 276هـ/889م) -في ‘عيون الأخبار‘- أنه "قيل لأعرابي: ما لكم تأكلون اللحم وتدعون الثريد؟ فقال: لأن اللحم ظاعن (= راحل) والثريد باقٍ"!! وكان أطيب اللحم لديهم ما اختلط بعظم، حتى قال قائلهم إن "أطيب اللحم عُوّذُه، أي أطيبه ما ولي العظم كأنه عاذ به"؛ كما يقول الدينوري. حيث نجد اليوم أغلب العائلات العربية المغربية يعدون الحريرة باللحم و كذلك قطع العظم التي تحتوي على قطع لحم وغضاريف .
بالإضافة للمصادر أعلاه نضيف :
https://books.google.co.ma/books?id=Ryt0DwAAQBAJ&pg=PT242&lpg=PT242&dq=ذكر+حساء+الحريرة+في+الأحاديث+النبوية&source=bl&ots=m7PxzFrPBe&sig=ACfU3U030wP86f7wyNFx-ZmpYQghh7Ay6w&hl=ar&sa=X&ved=2ahUKEwiGq6_D6oqFAxVuiP0HHQE1B9E4FBDoAXoECAUQAw#v=onepage&q=ذكر%20حساء%20الحريرة%20في%20الأحاديث%20النبوية&f=false
https://www.islamweb.net/ar/library/content/87/7698/باب-عشرة-النساء
https://www.aljazeera.net/turath/2021/4/26/تعرف-على-ثقافة-الطعام-والطبيخ-في
@متابعين
#العرب #العروبية #المغرب #الحريرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق