اهتمت المستشرقة الأمريكية Ghislaine Lydon (أستاذ مساعد في جامعة كاليفورنيا) بموريتانيا وكتبت عنها أطروحتها للدكتوراه (في المسارات العابرة للصحراء: القانون الإسلامي، والشبكات التجارية، والتبادل بين الثقافات في غرب إفريقيا في القرن التاسع عشر)، في جامعة ولاية ميتشيگان سنة: 2009م. كما نشرت عدة أبحاث محكمة عن التاريخ والثقافة في موريتانيا، ونالت على ذلك جوائز قيمية.
طبعا المتحدث عن التجارة في القرن 19 لا يمكنه إهمال دور أولاد بالسبع في هذا المجال، حيث كانوا يجوبون السواحل الأطلسية في تجاربتهم، (من سينلوي إلى فاس)، وكانوا أول من ربط بين غرب إفريقيا وشمالها عبر تجارتهم، ويبدو أن هذا الدور قد استوقف المستشرقة Ghislaine Lydon وقالت: القبيلة العجيبة أولاد بسباع أو أبناء أبو الأسد ... إنهم كانوا في نفس الوقت علماء مسلمين مشهورين، ودللت على ذلك بأن محمد الحسن بن سيدي عبد الله (سباعي)، كان مدرسا في مخيم الشيخ سيديا بأبي تلميت، وأضافت (كانوا محاربين مهنيين، وغزاة مسلحين، وإن ما ميزهم عن القبائل الأخرى أنهم كانوا مقاتلين وعلماء في ذات الوقت).
أعتقد أن ما أشارت إليه المستشرقة Ghislaine Lydon صحيح إلى حد كبير، ذلك أن هذه القبيلة تكاد تكون المجموعة الوحيدة في موريتانيا التي جمعت بين العلم والسلاح، وهذا شيء نادر، فقد كانوا أول من تاجر به في المنطقة، وفي نفس الوقت لديهم أسانيدهم في الفقه والحديث والقرآن.
نحن بحاجة إلى أن يتصالح حاضرنا مع ماضينا وبهذا وحده يمكننا بناء رؤية مستقبلية جامعة قادرة على البقاء بعيدا عن تنازع الفناء، والتخوين وتبادل الشتائم.
إننا لم نعد تلك القبائل البدائية التي تعيش متناثرة في أطراف الصحراء، يستحوذ فيها القوي على الضعيف دون أن يعلم بذلك أي أحد، أو ينسج أحدنا ما شاء من أساطير وأخيلة ترتبط بالخضر عليه السلام وعالم الغيبيات يسلب بها أموال ضعفاء العقول دون أن يعلم بذلك أحد .. إن الجامعات اليوم أعدت الكثير من الدراسات عن هذا المجتمع الغريب، وأصبحت مراكز الدراسات يمكنها معرفة أي شيء يتعلق بنا (تاريخا .. وثقافة .. واجتماعا ..) دون الرجوع إلينا؛ بحكم وفرة المصادر، ودقة النقل.
منقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق