عبدالله بن انبوي في مدح الشرفاء ابناء ابي السباع
حَيِّ الْحِسَانَ وَإِنْ بَخِلْنَ بِمَهْيَمِ ... وَابْدَأْ بِفَاطِمَةٍ وَثَنِّ بِمَرْيَمِ
فَهُمَا اللَّتَانِ بَلَغْتُ فِي حُبِّيهِمَا ... حَدَّ الْغَرَامِ وَذُقْتُ طَعْمَ الْعَلْقَمِ
وَقِفِ الْمَطِيَّةَ بِالرُّبُوعِ فَإِنَّهَا ... رَيْحَانَةٌ لِفُؤَادِ كُلِّ مُتَيَّمِ
وَابْكِ الدِّيَارَ صَبَابَةً وَتَشَوُّقًا ... وَتَذَكُّرًا لِوِصَالِهَا الْمُتَقَدِّمِ
وَإِذَا وَقَفْتَ بِهَا فَحَيِّ طُلُولَهَا ... وَقُلِ اسْلَمِي وَعِمِي صَبَاحًا وَانْعَمِي
وَسَلِ الدِّيَارَ عَنَ اهْلِهَا أَيْنَ انْتَحَوْا ... بَعْدَ ارْتِبَاعِهِمُ بِرِيعِ الأَعْصَمِ
هَلْ أَنْجَدُوا أَمْ أَتْهَمُوا وَإِنَ انْجَدُوا ... فَمِنَ الْعَجَائِبِ ظَنُّ عَيْشِ الْمُتْهِمِ
مَاذَا أَثَرْتِ دِيَارُ لِي مِنْ لَوْعَةٍ ... وَهَوًى دَخِيلٍ فِي الْفُؤَادِ مُكَتَّمِ
أَبْدَيْتِ مَا أَخْفَيْتُ وَاسْتَنْفَدْتِ مَا ... أَبْقَيْتُ مِنْ وَجْدٍ وَدَمْعٍ مُنْهَمِ
شَطَّ الْمَزَارُ فَلاَ مَزَارَ وَإِنَّمَا ... يُدْنِي الزِّيَارَةَ طَائِفٌ بِمُهَوِّمِ
عَفَتِ الدِّيَارُ وَأَصْبَحَتْ آيَاتُهَا ... تَحْتَ الرَّوَامِسِ غَيْرَ سُفْعٍ جُثَّمِ
وَتَرَحَّلَ الأَهْلُ الأُلَى كَانُوا لَهَا ... وَاسْتَبْدَلَتْ مِنْهُمْ رَوَائِدَ خِمْخِمِ
وَغَدَتْ مَجَاثِمَ لِلْوُحُوشِ وَمَأْلَفًا ... لِلْخَامِعَـاتِ وَلِلطُّيُورِ الْحُوَّمِ
كَمْ مِنْ فَتَاةٍ غَادَةٍ كَانَتْ بِهَا ... فِي ظِلِّ عَيْشٍ فِي مَسَرَّةِ أَنْعُمِ
إلي أن يقول
هَذِّبْ مَدِيحَكَ لِلْكِرَامِ فَإِنَّهُمْ ... أَهْلُ الْمَآثِرِ وَالْفَخَارِ الأَقْدَمِ
وَهُمُ الْكِرَامُ بَنُو الْكِرَامِ هُمُ هُمُ ... بَذْلٌ وَإِحْسَانٌ وَمَحْضُ تَكَرُّمِ
يَمِّمْ مَنَازِلَهُمْ وَحُلَّ بِدُورِهِمْ ... فَبِدُورِهِمْ حَاجٌ لِكُلِّ مُيَمِّمِ
قَوْمٌ لَهُمْ شَرَفُ الْمَنَاسِبِ ثَابِتٌ ... مِنْ مُنْتَمٍ لِلْمُصْطَفَى عَنْ مُنْتَمِ
وَرِثُوا الْفَضَائِلَ وَالْمَكَارِمَ كُلَّهَا ... مِنْ نَائِلٍ جَمٍّ وَرَأْيٍ مُبْرَمِ
إلي أن يقول
قَوْمٌ أَكَارِمُ سَادَةٌ مَنْ يَاتِهِمْ ... يُكْرَمْ وَمَنْ يَحْلُلْ بِهِمْ لَمْ يُهْضَمِ
قَوْمٌ لِجَارِهِمُ الْكَرَامَةُ مَا ثَوَى ... لَيْسَ الْمُجَاوِرُ فِيهِمُ بِمُسَلَّمِ
فَالْجَارُ فِيهِمْ لَيْسَ يَدْرِي أَنَّهُ ... جَارٌ لِفَرْطِ بَشَاشَةٍ وَتَبَسُّمِ
وَلِلِينِ جَانِبِهِمْ وَطِيبِ طِبَاعِهِمْ ... وَسَخَاءِ أَنْفُسِهِمْ بِفَيْضِ الأَنْعُمِ
قَوْمٌ أَفَاضِلُ لَمْ يُبَطِّلْ فَضْلَهُمْ ... مَنٌّ وَلَمْ يَعْلَقْ بِهِمْ مِنْ مَأْثَمِ
قَوْمٌ إِذَا مَا الْعِرْضُ ضَاعَ فَإِنَّهُمْ ... أَعْرَاضُهُمْ مَوْفُورَةٌ لَمْ تُكْلَمِ
قَوْمٌ إِذَا اغْبَرَّ الْفِجَاجُ وَأَخْلَفَتْ ... دِيَمُ الْخَرِيفِ وَضَنَّ كُلُّ مُيَمَّمِ
أَلْفَيْتَ رَاحَةَ كُلِّ شَخْصٍ مِنْهُمُ ... تَجْرِي بِثَجَّاجِ النَّوَالِ وَتَنْهَمِي
لَمْ يَعْرِفُوا مَا لَفْظُ لاَ وَابْعِدْ وَقَدْ ... عَرَفُوا نَعَمْ وَأَجَلْ وَخُذْ وَتَقَدَّمِ
قَوْمٌ إِذَا مَا اعْتَاصَ يَوْمٌ مُبْهَمٌ ... يُولِي التَّحَيُّرَ قَلْبَ كُلِّ مُعَلِّمِ
كَشَفُوا بِأَفْئِدَةٍ حِدَادٍ بَرَّةٍ ... مَيْمُونَةٍ إِبْهَامَ ذَاكَ الْمُبْهَمِ
قَوْمٌ إِذَا كَثُرَ الصُّرَاخُ رَأَيْتَهُمْ ... مَا بَيْنَ ثَبْتٍ مُسْرِجٍ أَوْ مُلْجِمِ
وَهُمُ السِّبَاعُ بَنُو السِّبَاعِ يُرَى لَهُمْ ... مُرٌّ إِذَا لَقِحَتْ أُمَيْمَةُ قَشْعَمِ
كَمْ فِيهِمُ مِنْ فَارِسٍ مُتَبَسِّلٍ ... ثَبْتٍ جَرِيءٍ فِي الْكَرِيهَةِ أَقْدَمِ
كَمْ مِنْ فَتىً فِيهِمْ جَرِيءٍ مُولَعٍ ... يَوْمَ التَّجَالُدِ بِالْجَوَادِ الْمُلْجَمِ
فَإِذَا تَأَجَّجَتِ الْوَغَى وَتَطَلَّعَتْ ... خَوْفَ الرَّدَى نَفْسُ الْكَمِيِّ الْمُعْلِمِ
قَالُوا رِدُوا غَمَرَاتِهَا وِرْدَ الْقَطَا ... لاَ تُحْجِمُوا تَبًّا لِقِرْنٍ مُحْجِمِ
يَاآلَ خَيْرِ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْكُمُ ... مِنَّا سَلاَمٌ لَيْسَ بِالْمُتَصَرِّمِ
أَقْسَمْتُ أَنَّ لَكُمْ هَوىً بِقُلُوبِنَا ... بِاللهِ حَلْفَةَ ذِي بُرُورٍ مُقْسِمِ
إِنَّا بِجَاهِكُمُ وَجَاهِ أَبِيكُمُ ... نَرْجُوا مِنَ الْوَهَّابِ حُسْنَ الْمَخْتَمِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق